حديث: المال خضرة حلوة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن متاع الدنيا خضرة حلوة

عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن هذا المال خضرة حلوة».

حسن: رواه الطبراني في الكبير (٥/ ١٥١) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: فذكره.

عن زيد بن ثابت قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن هذا المال خضرة حلوة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تطلب شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم وخواتمه، واختصر له الكلام اختصاراً.
رواه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 6427) ومسلم في صحيحه (رقم 1052) عن الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ».


أولاً. شرح المفردات:


● خَضِرَةٌ: الخضرة هي النضرة والحسن والبهجة. وشيء "أخضر" يعني ناضراً طيباً مُعجباً للناظر، كالثمار والخضروات النضرة التي تُشتهى. فكأنه صلى الله عليه وسلم يشبه المال بالنبات الأخضر الناضر الذي يعجب العين وتميل إليه النفس.
● حُلْوَةٌ: أي طيبة المذاق، محببة إلى النفس، يسعى إليها الناس ويشتهونها لِما فيها من لذة ومنفعة.
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم في وصف المال بين جمال المنظر وحسن المآل (خضرة) وبين طيب الكسب والانتفاع (حلوة).


ثانياً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:


يشبّه النبي صلى الله عليه وسلم المال – وهو كل ما يملكه الإنسان من نقد وعقار ومواشٍ وغيرها – بالنبات الأخضر الناضر الحلو الطعم.
وهذا التشبيه النبوي العجيب يحمل في طياته عدة معانٍ عميقة:
1- جماله وإغراؤه: فكما أن النبات الأخضر جميل المنظر، يلفت الأنظار وتبعث عليه النفس، فكذلك المال، فهو مَغْرٍ وجذاب للنفس البشرية التي جبلت على حبِّه والشغف به {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20].
2- منفعته وخيره: فالمال فيه حلاوة ومنفعة عظيمة إذا استخدم في طاعة الله، من صدقة على الفقراء، وصلة للأرحام، وإنفاق في سبيل الله، وتيسير أمور الحياة الحلال، فهو حلول الطيّب من الرزق.
3- تحذير من آفته: فكما أن النبات الأخضر الحلو قد يكون ساماً أحياناً أو يكون مرتعاً للهوام والحيات التي تختبئ فيه، فكذلك المال، قد يكون سبباً في هلاك صاحبه إذا جمعه من حرام، أو بخل به، أو أنفقه في معصية، أو اغتر به ونسي الله. فهو اختبار وفتنة للإنسان {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 28].
فالحديث ليس ذماً للمال بذاته، بل هو وصف لحقيقته: أنه محبوب مفيد، لكنه أيضاً محفوف بالمخاطر إن لم يُحسن التعامل معه.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- اعتراف بجبلّة الإنسان: الحديث يقرر حقيقة نفسية وهي ميل الإنسان الفطري إلى حب المال والرغبة فيه، وهذا ليس عيباً في ذاته، بل هو من طبيعة البشر.
2- المال ليس ذميمًا بذاته: فالمال خير وعطاء من الله، وهو قوام للحياة، وهو صنو الحياة الدنيا التي لم تُذم لذاتها، بل ذُمَّ الإعراض عن الآخرة والاغترار بالدنيا. قال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
3- تحذير من فتنة المال: إنذار من النبي صلى الله عليه وسلم من الانخداع ببهارج المال وزينته، وضرورة الحذر من أن يصبح هذا المال الحلو سبباً في شقاء الإنسان في الدنيا والآخرة إذا أُخذ من غير حله، أو وُضع في غير حقّه.
4- ضرورة تصحيح النية والتعامل مع المال: يجب أن يكون جمع المال وإنفاقه خالصاً لوجه الله تعالى، فيكسبه المسلم من حله، وينفقه في حله، ولا يمنعه حق الله فيه. فهو أمانة واستخلفنا الله عليه وسنسأل عنه يوم القيامة من أين اكتسبته وفيم أنفقته.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يأتي غالباً في سياق الحث على الاستعاذة من فتنة المال، كما في رواية أخرى للبخاري: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ». وقيل: إن فتنة المحيا تشمل فتنة المال.
- ينبغي للمسلم أن يتعامل مع المال بتوازن، فلا يترك السعي للكسب بحجة الزهد، ولا ينغمس في جمعه حتى ينسيه الله والدار الآخرة. بل يكون كما قال صلى الله عليه وسلم: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» (رواه البخاري)، يتزود منها للآخرة ولا يغتر بها.
أسأل الله أن يرزقنا المال الحلال، وأن يعيننا على إنفاقه في طاعته، وأن يجنّبنا فتنته وشره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصح
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (٥/ ١٥١) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد فإنه يحسن حديثه إذا كان له أصل.
وقد حسّنه أيضًا الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٤٦).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 173 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المال خضرة حلوة

  • 📜 حديث: المال خضرة حلوة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المال خضرة حلوة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المال خضرة حلوة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المال خضرة حلوة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب