حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من كانت الدنيا همّه فرّق اللَّه عليه أمره

عن أبان بن عثمان بن عفان قال: خرج زيد بن ثابت من عند مروان بنصف النهار، قلت: ما بعث إليه هذه الساعة إلا لشيء يسأل عنه، فسألته، فقال: سألنا عن أشياء سمعناها من رسول اللَّه ﷺ، سمعت رسول اللَّه ﷺ، يقول: «من كانت الدنيا همه، فرق اللَّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع اللَّه له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».

صحيح: رواه ابن ماجه (٤١٠٥)، وأحمد (٢١٥٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٨٠) كلهم من طريق شعبة، عن عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب-، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان ابن عثمان بن عفان، يحدث عن أبيه قال: فذكره.

عن أبان بن عثمان بن عفان قال: خرج زيد بن ثابت من عند مروان بنصف النهار، قلت: ما بعث إليه هذه الساعة إلا لشيء يسأل عنه، فسألته، فقال: سألنا عن أشياء سمعناها من رسول اللَّه ﷺ، سمعت رسول اللَّه ﷺ، يقول: «من كانت الدنيا همه، فرق اللَّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع اللَّه له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي ﷺ الذي يضع ميزانًا دقيقًا للقلوب، ويبين حقيقة العلاقة بين الدنيا والآخرة. وإليك الشرح الوافي له:

أولاً. شرح المفردات:


● من كانت الدنيا همه: أي جعلها غايته القصوى ومحط أنسه وهمه وقلقه.
● فرق الله عليه أمره: أي شتت شمله، وأحاله إلى اضطراب وعدم استقرار.
● وجعل فقره بين عينيه: أي صار شعوره بالفقر والحاجة ملازمًا له لا يفارقه.
● إلا ما كتب له: أي ما قدّره الله وقضاه له.
● من كانت الآخرة نيته: أي جعلها مقصده الأسمى وعمله خالصًا لها.
● جمع الله له أمره: أي نظم شؤونه وأصلح حاله.
● وجعل غناه في قلبه: أي أشعره بالقناعة والاكتفاء.
● أتته الدنيا وهي راغمة: أي تأتي إليه ذليلة منقادة، وليست هو الذي يذل لها.


ثانيًا. شرح الحديث:


يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث مصيرَ صنفين من الناس:
الصنف الأول: الذي يجعل الدنيا همه الأوحد، فيسعى لها بكل جهده، ويجعلها نصب عينيه، فيعاني ثلاثة أمور:
1- تفريق الأمر: يشعر دائمًا بالتشويش وعدم الاستقرار، وقلبه مشتت لا يطمئن.
2- الفقر بين عينيه: يظل يشعر بالنقص والحاجة حتى لو كان غنيًا، فلا يرضى بما أعطاه الله.
3- لا يأتيه من الدنيا إلا ما كُتب له: مهما اجتهد في السعي، فلن يحصل إلا على ما قدّره الله له، فلا فائدة في الهوس الزائد بها.
الصنف الثاني: الذي يجعل الآخرة نيته وغايته، فيعمل لها، ويجعل الدنيا وسيلة لا غاية، فينال ثلاثة أمور:
1- جمع الله له أمره: يوفقه الله وييسر أموره، ويجعل له بركة في وقته وحياته.
2- الغنى في قلبه: يشعر بالقناعة والطمأنينة، فيكون غني النفس حتى لو كان ماله قليلاً.
3- تأتيه الدنيا وهي راغمة: تأتي إليه الدنيا منقادة طائعة، فيرزقه الله من حيث لا يحتسب.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- الإخلاص لله في النية: يجب أن تكون نية العبد في كل عمل صالحًا لله تعالى، وابتغاء وجهه والدار الآخرة.
2- القلب ملك التوفيق: سعادة المرء أو شقاؤه مرتبط بما يعمر به قلبه، فإن عمره بحب الله والآخرة سعد، وإن شغله حب الدنيا شقي.
3- الدنيا زائلة: ليست غاية في ذاتها، بل هي ممر للآخرة، ومن جعلها غايته خسر الدنيا والآخرة.
4- القناعة كنز لا يفنى: من كانت نيته الآخرة، فإن الله يغني قلبه، فيكون أسعد الناس حتى مع قلّة المال.
5- التوكل على الله: الثقة بأن الرزق بيد الله، وأن ما كُتب لك سوف تأتيه، يريح القلب من هم الدنيا.


رابعًا. معلومات إضافية:


● الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه، والحاكم، وصححه الألباني.
- هذا الحديث يذكرنا بحديث آخر: «مَنْ أَصْبَحَ وَهُمُّهُ الدُّنْيَا فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَهْتَمَّ للمسلمين فَلَيْسَ مِنْهُمْ».
- العمل للآخرة لا يعني إهمال الدنيا، بل العيش فيها بعبودية لله، والاستعداد للقائه.
نسأل الله أن يغني قلوبنا بالإيمان، ويجعلنا ممن تكون الآخرة أكبر همهم، وأعلى مطلبهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٤١٠٥)، وأحمد (٢١٥٩)، وصحّحه ابن حبان (٦٨٠) كلهم من طريق شعبة، عن عمر بن سليمان -من ولد عمر بن الخطاب-، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبان ابن عثمان بن عفان، يحدث عن أبيه قال: فذكره.
وإسناده صحيح. وعمر بن سليمان هو: ابن عاصم بن عمر بن الخطاب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 179 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

  • 📜 حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب