تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

عن محمد بن كعب القرظي قال: دعي عبد اللَّه بن يزيد الخطمي إلى طعام، فلما جاء رأى البيت منجدًا، فقعد خارجا وبكى، قالوا: ما يبكيك؟ قال: كان رسول اللَّه ﷺ إذا شيع جيشا، فبلغ عقبة الوداع، قال: «أستودع اللَّه دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم»، فرأى رجلا ذات يوم قد رقع بردة له بقطعة فرو، قال: فاستقبل مطلع الشمس وقال بيده -وصف حماد ببطن الكفين ومد بيده-: «تطالعت عليكم الدنيا، تطالعت عليكم الدنيا». أي أقبلت حتى ظننا أن تقع علينا، ثم قال: «أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة، وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى، وتستر بيوتكم كما تستر الكعبة».

صحيح: رواه أحمد في الزهد (١١٠٢) عن عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، أنبأنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، يحمل في طياته دروسًا وعبرًا جليلة، سأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. ترجمة الراوي ومصدر الحديث
● الراوي: محمد بن كعب القرظي، وهو تابعي جليل، ثقة، كان من علماء التابعين.
● المروي عنه: عبد الله بن يزيد الخطمي، صحابي جليل.
● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح بشواهده.
### ثانيًا. شرح مفردات الحديث
● منجدًا: مفروشًا بالسجاد والفراش الفاخر.
● عقبة الوداع: مكان قرب المدينة كان النبي ﷺ يودع فيه الجيوش.
● أستودع الله: أطلب من الله أن يحفظ ويخلف.
● بردة: كساء أو عباءة.
● فرو: قطعة من جلد الحيوان ذات صوف.
● تطالعت عليكم الدنيا: أقبلت وتزينت لكم.
● قصعة: إناء كبير يوضع فيه الطعام.
● حلة: ثوب فاخر.
### ثالثًا. شرح الحديث
1- قصة عبد الله بن يزيد الخطمي:
- دُعي الصحابي الجليل عبد الله بن يزيد إلى طعام، فلما رأى البيت مفروشًا بالسجاد الفاخر، قعد خارجًا وبكي.
- بكاؤه كان بسبب تذكر زهد النبي ﷺ وبساطة عيشه، وخشيته من إقبال الدنيا على المسلمين.
2- تذكره لوصية النبي ﷺ:
- كان النبي ﷺ يودع الجيوش عند عقبة الوداع ويقول: «أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم».
- هذه الوصية العظيمة تدل على حرص النبي ﷺ على سلامة دين الصحابة وأمانتهم وأعمالهم، خاصة في الغزو حيث تكثر الفتن.
3- موقف النبي ﷺ من الدنيا:
- رأى النبي ﷺ رجلاً قد رقع بردته بقطعة فرو (دليل على الفقر والبساطة).
- استقبل النبي ﷺ مطلع الشمس وقال بيده (مبطنًا كفيه ومدّ يده): «تطالعت عليكم الدنيا»، أي أقبلت الدنيا بزينتها وفتنتها.
- ثم قال: «أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة، وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حلة، ويروح في أخرى، وتستر بيوتكم كما تستر الكعبة».
- معناه: أن الصحابة في فقرهم وزهدهم خير من أن يأتيهم المال والطعام والثياب الفاخرة، ويصيروا في نعيم الدنيا.
### رابعًا. الدروس المستفادة من الحديث
1- خطر الدنيا والافتتان بها:
- الدنيا فتنة، وإقبالها قد يلهي عن الآخرة ويضعف الإيمان.
- كما قال النبي ﷺ: «فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم» (متفق عليه).
2- فضل الزهد والقناعة:
- الزهد في الدنيا لا يعني تركها، بل عدم التعلق بها وجعلها همًا كبيرًا.
- الصحابة كانوا خير الناس لأنهم لم تلههم الدنيا عن الآخرة.
3- التخويف من التنعم المفرط:
- إقبال الدنيا وكثرة المال والطعام والثياب الفاخرة قد تكون علامة على ضعف الإيمان وقسوة القلب.
- كما قال النبي ﷺ: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء» (رواه الترمذي).
4- الحرص على الدين والخاتمة:
- وصية النبي ﷺ للجيوش: «أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم» تدل على أهمية حفظ الدين والأمانة وختم الحياة بالأعمال الصالحة.
5- البكاء من خشية الله:
- بكاء عبد الله بن يزيد عند رؤية النعيم دليل على خشيته من فتنة الدنيا، وهذا من علامات الإيمان.
### خامسًا. فوائد إضافية
● الدنيا دار اختبار، والآخرة دار قرار، فلا ينبغي للمسلم أن يفرح بالدنيا ويغتر بها.
● الاعتدال في الإنفاق، فلا إسراف ولا تقتير، كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان:67].
● التذكر الدائم للآخرة، وأن النعيم الحقيقي هو في الجنة.

خلاصة:

هذا الحديث تحذير من فتنة الدنيا وإقبالها، وترغيب في الزهد والقناعة، وبيان أن حال الصحابة في فقرهم وزهدهم كان خيرًا من التنعم المفرط الذي قد يصد عن ذكر الله.
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ علينا ديننا وأمانتنا وخواتيم أعمالنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد في الزهد (١١٠٢) عن عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، أنبأنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي قال: فذكره. وإسناده صحيح.
وأبو جعفر الخطمي هو عمير بن يزيد بن عمير الأنصاري، وثّقه ابن مهدي وابن نمير وابن معين والنسائي وغيرهم.
قال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٥٨١): «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أبي جعفر الخطمي وهو ثقة».
ولم أقف عليه في مطبوعة الطبراني لأنه لم يطبع كاملًا إلى الآن.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 168 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

📜 حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تطالعت عليكم الدنيا تطالعت عليكم الدنيا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية