حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التحذير من زهرة الدنيا والتنافس فيها

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما أخشى عليكم الفقر، ولكن أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ، ولكنْ أخشى عليكم العمدَ».

صحيح: رواه أحمد (٨٠٧٤)، وصحّحه ابن حبان (٣٢٢٢)، والحاكم (٢/ ٥٣٤) كلهم من طريق جعفر بن برقان، سمعت يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «ما أخشى عليكم الفقر، ولكن أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ، ولكنْ أخشى عليكم العمدَ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وصححه الألباني. وهو يحمل تحذيراً نبويّاً بليغاً من آفات خطيرة تهدد قلب المسلم ودينه.

أولاً. شرح المفردات:


● أَخْشَى عَلَيْكُمْ: أي: أخاف أن يصيبكم.
● الفَقْر: الحاجة وعدم وجود المال الكافي.
● التَّكَاثُر: التنافس في كثرة المال والجاه والدنيا، والتفاخر بها.
● الخَطَأ: الذنب الذي يقع من الإنسان بدون قصد.
● العَمْد: الذنب الذي يقع عن قصد وإرادة ومعصية لله تعالى.

ثانياً. شرح الحديث:


ينقسم هذا الحديث إلى جزأين، كل جزء منهما يحمل معنى عظيماً:
الجزء الأول: قوله ﷺ: «مَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ التَّكَاثُرَ»
● المعنى: يخبرنا النبي ﷺ أن الفقر في ذاته ليس هو الخطر الأكبر الذي يخافه على أمته، فالفقر ابتلاء من الله يمكن للمسلم الصابر أن ينجح فيه ويؤجر عليه. بل الخطر الحقيقي والأعظم هو التكاثر، وهو أن تفتح الدنيا على الناس، فيتنافسوا في جمعها ويكثر بعضهم على بعض، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله وعن الآخرة.
● المقصود بالتكاثر: ليس مجرد امتلاك المال، بل حب الدنيا والحرص عليها والتفاخر والتنافس في زيادتها. هذا الحب هو الذي يفسد القلب، ويصد عن ذكر الله، ويؤدي إلى التباغض والحسد وقطع الأرحام، وربما إلى أكل الحرام من أجل الزيادة.
الجزء الثاني: قوله ﷺ: «وَمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْخَطَأَ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمُ الْعَمْدَ»
● المعنى: هنا يخبرنا النبي ﷺ أن الخطأ أو الذنب غير المتعمد ليس هو الخطر الأكبر. فالنفس البشرية غير معصومة وقد يزل الإنسان بغير قصد، وهذا مما يغفره الله تعالى بسهولة إذا استغفر العبد وأناب. لكن الخطر الأعظم هو أن يعمد الإنسان إلى المعصية، أي أن يقترف الذنب وهو يعلم حرمته، مختاراً له، متعمداً معصية الله تعالى.
● لماذا العمد أخطر؟ لأن اقتراف المعصية عن عمد يدل على ضعف في الإيمان، واستخفاف بأمر الله، وقسوة في القلب. الذنب العمدي هو جرأة على محارم الله، وهو أبعد عن المغفرة من الذنب الخطأ، كما قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) [النساء: 17].

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحذير من فتنة الدنيا: أكبر خطر على الأمة ليس ضعف الإمكانات المادية، بل انشغال القلوب بالدنيا ونسيان الآخرة. عندما تصبح الدنيا هي الهم الأكبر، فإنها تقسي القلوب وتقتل الأخوة وتذهب بالبركة.
2- خطورة التباطؤ في التوبة: الذنوب التي نقترفها عن عمد تحتاج إلى توبة نصوح فورية، لأنها أخطر على الإيمان من الزلات غير المقصودة.
3- التربية على الإخلاص ومراقبة الله: الحديث يحثنا على أن نتعامل مع الله بإخلاص، وأن نخافه في السر والعلن، فلا نعصيه ونحن نعلم أنه يرانا.
4- الفقر اختبار والغنى اختبار أيضاً: المسلم مأمور أن يكون معتدلاً، لا يفرط في الخوف من الفقر ولا ينغمس في ملذات الغنى، بل يتخذ الدنيا وسيلة للآخرة.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يربط بين خطرين عظيمين: خطر الشهوة (التكاثر بالمال والدنيا) وخطر المعصية (العمد في الذنب). وكلاهما من مكائد الشيطان لإضلال الإنسان.
- جاءت أحاديث أخرى تؤكد هذا المعنى، مثل قوله ﷺ: «فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ» (متفق عليه).
نسأل الله أن يحفظ قلوبنا من الغفلة، وأن يرزقنا القناعة والاستقامة على طاعته.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٨٠٧٤)، وصحّحه ابن حبان (٣٢٢٢)، والحاكم (٢/ ٥٣٤) كلهم من طريق جعفر بن برقان، سمعت يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، فذكره.
وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي في المجمع (٣/ ١٢١): «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 166 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

  • 📜 حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما أخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب