حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما رفع اللَّه شيئًا إلا وضعه

عن أبي هريرة قال: كانت ناقة رسول اللَّه ﷺ العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فقال رسول اللَّه ﷺ: «حقا على اللَّه لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه».

صحيح: رواه البزار (٧٧٠٠)، والدارقطني (٤٨٢٦ - ٤٨٢٨) كلاهما من طرق عن معن بن عيسى، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة قال: كانت ناقة رسول اللَّه ﷺ العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فقال رسول اللَّه ﷺ: «حقا على اللَّه لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، وسأشرحه لك على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● العَضباء: هي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، وسُميت بذلك لأن في أذنها عضباً أي قطعاً أو شقاً.
● لا تُسبَق: أي لا تسبقها أخرى في السرعة، فهي سريعة لا تُلحَق.
● قعود: هي ناقة أو بعير يُركب.
● حقاً على الله: أي حقاً واجباً على الله بحكمته وعدله.
● لا يرفع... إلا وضعه: أي لا يعلي شيئاً من أمور الدنيا الزائلة إلا وسينزله ويخفضه.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا أبو هريرة رضي الله عنه أن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم (العضباء) كانت سريعة جداً لا تسبقها أخرى في السباق. وفي يوم من الأيام، جاء أعرابي (إنسان من البادية) على ناقة له (قعود) فاستطاع أن يسبق ناقة النبي صلى الله عليه وسلم في السباق.
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشهد، وهو أن ناقته السريعة قد سبقها ما هو دونها، قال هذا الكلام الحكيم: "حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه".
ومعنى هذا الكلام النبوي العظيم: أن من حكمة الله تعالى وسنته الثابتة في خلقه أن كل ما يرتفع في هذه الدنيا من مال، أو جاه، أو منصب، أو قوة، أو شهرة، أو حتى مهارة كالسرعة في هذا المثال – فإن مصيره إلى الانخفاض والزوال. فالله تعالى يرفع أشياء ويخفض أخرى بحكمته، ولا يدوم شيء من أمور الدنيا.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- بيان حقيقة الدنيا: الحديث يصور حقيقة الدنيا بأنها دار زوال لا دوام فيها، وأن كل ما فيها من متع وأمور مرتفعة سينتهي ويزول. وهذا يتوافق مع قوله تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} [يونس: 24].
2- الاعتبار والاتعاظ: النبي صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى الأمر على أنه مجرد سباق خسر فيه، بل نظر إليه نظرة اعتبارية ليعلمنا أن نعتبر بما حولنا. فانتصار الأعرابي على ناقته العضباء هو آية من آيات الله ودليل على سنته في كونه.
3- عدم الاغترار بالدنيا: الحديث تحذير من الاغترار بقوة أو مال أو منصب، لأنها كلها زائلة لا محالة. فكما وضع الله ناقة النبي بعد علوها، فكذلك سيضع كل شيء عالٍ في الدنيا.
4- التسليم لحكمة الله: قول النبي صلى الله عليه وسلم "حقاً على الله" فيه إثبات لأسماء الله وصفاته، وإقرار بأن أفعاله كلها خير وحكمة وعدل، حتى لو خفيت الحكمة على الناس.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: موقف النبي صلى الله عليه وسلم يدل على تواضعه العظيم وحكمته. لم يغضب أو يحزن لفوز الأعرابي، بل استخرج الحكمة والعبرة من الموقف ليعلمها لأمته.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، وهو من أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.
- يستدل العلماء بهذا الحديث على أن الآخرة هي دار القرار والخلود، وأما الدنيا فدار فناء وزوال.
- هذا الحديث يربي في المسلم عدم التعلق بالدنيا وعدم الحزن على ما فات منها، لأنها في النهاية ستزول.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يعتبر بهذه السنن الإلهية، ويستعد للدار الآخرة التي لا زوال لها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (٧٧٠٠)، والدارقطني (٤٨٢٦ - ٤٨٢٨) كلاهما من طرق عن معن بن عيسى، حدّثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره. وإسناده صحيح.
والحديث روي عن مالك مرسلا، ولا يضر لأن الراوي يصل الحديث عند نشاطه، وتارة يرسل عند عدم نشاطه.
قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلم رفعه إلا مالك، ولا عنه إلا معن، قال معن: كان مالك لا يسنده، فخرج علينا يوما نشيطا، فحدثنا به عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 160 من أصل 227 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

  • 📜 حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حقا على الله لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب