معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

عن جابر قال: كان معاذ يُصَلِّي مع النبي ﷺ ثم يأتي فيؤمُّ قومه. فصلَّى ليلةً مع النبي ﷺ العشاءَ، ثم أتي قومه فأمَّهم، فافتتح بسورة البقرة. فانحرف رجل فسلَّم. ثم صلَّى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله! ولآتينَّ رسولَ الله ﷺ فلأخبرنَّه. فأتى رسولَ الله ﷺ فقال: يا رسول الله! إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلي معك العشاء، ثم أتي فافتتح بسورة البقرة.
فأقبل رسولُ الله ﷺ على معاذ فقال: «أفتَّان أنت؟ اقرأ بكذا. واقرأ بكذا».

متفق عليه: رواه مسلم في الصلاة (٤٦٥) عن محمد عباد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه:

الحديث:

عن جابر قال: كان معاذ يُصَلِّي مع النبي ﷺ ثم يأتي فيؤمُّ قومه. فصلَّى ليلةً مع النبي ﷺ العشاءَ، ثم أتي قومه فأمَّهم، فافتتح بسورة البقرة. فانحرف رجل فسلَّم. ثم صلَّى وحده وانصرف، فقالوا له: أنافقت يا فلان؟ قال: لا والله! ولآتينَّ رسولَ الله ﷺ فلأخبرنَّه. فأتى رسولَ الله ﷺ فقال: يا رسول الله! إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلي معك العشاء، ثم أتي فافتتح بسورة البقرة. فأقبل رسولُ الله ﷺ على معاذ فقال: «أفتَّان أنت؟ اقرأ بكذا. واقرأ بكذا».

1. شرح المفردات:

● يُصَلِّي مع النبي ﷺ: أي يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد.
● يؤم قومه: أي يصلي إمامًا بأهل قبيلته أو جماعته.
● فانحرف رجل: أي انفرد عن الجماعة وترك الصلاة خلف معاذ.
● فسلَّم: أي أنهى صلاته بتسليمة واحدة وانصرف.
● أنافقت: اتهموه بالنفاق لتركه الجماعة.
● أصحاب نواضح: أصحاب إبل تستخدم للسقاية والعمل، أي أنهم يعملون في النهار ويتعبون.
● أفتَّان أنت؟: أي أُمُصْدِقٌ أنت؟ أو أَمُضِلٌّ أنت؟ (من الفتنة بمعنى الإضلال أو الإشقاق على الناس).
● اقرأ بكذا واقرأ بكذا: أي اقرأ بسور قصيرة أو متوسطة مثل: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} أو {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ونحوها.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم إمامًا. وفي إحدى الليالي، صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء إلى قومه وأطال في الصلاة بقراءة سورة البقرة (وهي أطول سور القرآن)، فتضايق أحد المصلين من طول القراءة، فانفرد عن الجماعة وصلى منفردًا ثم انصرف. فلامه القوم واتهموه بالنفاق، فغضب الرجل وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو له طول صلاة معاذ، مبيّنًا أنهم قوم يعملون بالنهار ويتعبون. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ وقال له: «أفتَّان أنت؟» أي: أتريد أن تفتن الناس أو تشق عليهم؟ ثم نصحه بأن يقرأ سورًا قصيرة أو متوسطة حتى لا يثقل على المصلين.

3. الدروس المستفادة من الحديث:

1- مراعاة حال المصلين: على الإمام أن يراعي أحوال من خلفه، خاصة من يكون عليه مشقة أو تعب، كالعامل والمسن والضعيف.
2- التوسط في الصلاة: يستحب للإمام أن يتوسط في القراءة والقيام، فلا يطول كثيرًا ولا يقصر تقصيرًا مخلًّا.
3- النصيحة بالرفق: النبي صلى الله عليه وسلم لم يزجر معاذًا زجرًا شديدًا، بل نصحه برفق قائلاً: «اقرأ بكذا واقرأ بكذا»، مما يدل على حسن التوجيه.
4- ترك التهمة بالباطل: لا ينبغي للمسلم أن يرمي أخاه بالنفاق أو سوء القصد لمجرد فعل قد يكون له مبرر شرعي أو ظرف خاص.
5- الشكوى إلى الله ورسوله: إذا حصل خلاف أو إشكال بين المسلمين، فالحل هو الرجوع إلى الشرع وأهل العلم.
6- فضل معاذ بن جبل: كان من أكثر الصحابة علمًا وعبادة، وكان حريصًا على الخير، لكنه احتاج إلى توجيه في كيفية تطبيقه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في قاعدة: "التخفيف في الصلاة مع الإتمام"، أي أن الإمام مأمور بأن يخفف الصلاة مع إتمام أركانها وواجباتها.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف الصلاة إذا سمع بكاء طفل، خشية أن تشق على أمه.
- يستحب للإمام أن يقرأ في صلاة العشاء بالمتوسط من القرآن، كسورة «التين» أو «العلق» أو «الليل» ونحوها، ولا بأس أن يطول أحيانًا إذا علم رغبة الجماعة.
- معاذ رضي الله عنه كان من العلماء العباد، وكان يحب الطول في العبادة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن الدين يسرٌ ورحمة.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الصلاة (٤٦٥) عن محمد عباد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر فذكره.
قال سفيان: فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا، عن جابر أنه قال: اقْرَأْ ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ و﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ و﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ فقال عمرو: نحو هذا، رواه عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن أبي الزبير، عن جابر فذكر مثله.
ورواه البخاري في الأذان (٧٠٥) من طريق شعبة قال: حدثنا محارب بن دِثار قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري قال: أقبل رجل بناضحين - وقد جنح الليلُ - فوافق معاذًا يُصلى. فترك نَاضِحَه وأقبل على معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء. فانطلق الرّجل، وبلغه أن معاذًا نال منه، فأتي النبي ﷺ فشكا إليه معاذًا فقال النبي ﷺ: يا معاذًا أفتّان أنت؟، أو فاتن (ثلاث مرات). فلولا صلَّيت بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾، ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة».
قال البخاري: «وتابعه سعيد بن مسروق ومشعر والشيباني» أي كلهم من محارب في أصل الحديث، وشعبة ليس في حاجة إلى المتابعة، ولكن لما اختلفت ألفاظ الحديث دعت الحاجة إلى المتابعة في أصل القصة. كما أن مسلمًا رواه من وجه آخر عن جابر.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 290 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

📜 حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي فيؤم قومه بسورة البقرة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية