حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إِثمُ المارِّ بين يدي المصلِّي
قال أبو النَّضْر: لا أدري: قال أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنةً؟ .
متفق عليه: رواه مالك في قصر الصلاة (٣٤) عن أبي النَّضْرِ مولى عمر بن عبد الله، عن بُسْر بن سعيد فذكر مثله.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم في بيان عظم حرمة الصلاة وخطورة الأمر بالمرور بين يدي المصلي. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:
أولاً. شرح مفردات الحديث:
* بُسْر بن سعيد: هو بُسْر بن سعيد المدني، ثقة من كبار التابعين.
* زيد بن خالد الجُهني: صحابي جليل، هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن لقطة الذهب والورق، فنزلت فيه الآية.
* أبو جُهيم: هو الصحابي الجليل عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري، يكنى أبا جهيم.
* المار بين يدي المصلي: هو الشخص الذي يعبر من أمام المصلي مما يقطع صلاته أو يشغله.
* ماذا عليه: أي من الإثم والعقاب.
* أربعين: العدد المذكور محتمل لأربعين يومًا أو شهرًا أو سنةً كما في رواية أبي النضر.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا هذا الحديث العظيم عن خطورة المرور بين يدي المصلي، حيث يصور لنا النبي صلى الله عليه وسلم عظم الجرم الذي يرتكبه المار بعبارة تهز القلب وتثير الخوف من الله.
* قوله: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه؟»: هذا أسلوب تحذيري شديد، يفيد أن الإثم المترتب على هذا الفعل عظيم وجسيم، لدرجة أن الجاهل بحقيقته لو اطلع عليه لاختار أشد البدائل وأصعبها هرباً من هذا الإثم.
* قوله: « لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه»: هنا بيان لعظمة الجرم، حيث أن الوقوف والانتظار لمدة طويلة (أربعين وحدة زمنية، سواء كانت يوماً أو شهراً أو سنة) أهون عند الله وأقل ضرراً على العبد من أن يرتكب إثم المرور بين يدي أخيه وهو يصلي. وهذا يدل على أن انتهاك حرمة الصلاة من الكبائر.
ملاحظة هامة: الحديث ليس أمراً بالوقوف أربعين، بل هو بيان لعظم الجرم وتصوير له. فالمقصود التخويف من هذا الفعل وبيان شناعته، وليس أن هذا الوقوف هو كفارة للذنب. الكفارة تكون بالتوبة والاستغفار.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عظم حرمة الصلاة: الصلاة لها حرمة عظيمة، ومن حرمتها ألا ينقطع خيطها أو يتخطى أحد بين يدي المصلي.
2- تحريم المرور بين يدي المصلي: هذا الفعل محرم بإجماع العلماء إذا كان هناك سترة للمصلي أو كان في مكان يمكن منع المرور فيه. وأما إذا كان المصلي في مكان عام مفتوح (كفناء الكعبة) فإنه لا حرج في المرور لتعذر المنع.
3- وجوب اتخاذ السترة: يستحب للمصلي أن يتخذ سترة (كعمود أو كرسي أو خط على الأرض) ليمنع المرور من أمامه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليستتر، ولو بسهم».
4- وجوب منع المار: على المصلي أن يمنع من يريد المرور بين يديه، إما بالإشارة أو بالقول، كما جاء في بعض الأحاديث.
5- التخويف من الله أسلوب تربوي ناجح: استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب التخويف من عذاب الله لردع الناس عن ارتكاب المخالفات، وهذا مما يحرك القلوب ويوجهها لطاعة الله.
6- الحذر من الاستهانة بالذنوب: ينبهنا الحديث إلى عدم الاستهانة بأي معصية، فما ظننه الإنسان صغيراً قد يكون عند الله عظيماً.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
* حكم المرور بين يدي المصلي: يختلف حكمه باختلاف حال المصلي والمار:
* إذا كان للمصلي سترة: فالمرور بينه وبين سترته حرام بإجماع العلماء.
* إذا لم يكن للمصلي سترة: فجمهور العلماء على أن حرمة المرور باقية أمام موضع سجوده.
* المسافة التي تحرم فيها المرور: هي ما بين موضع سجود المصلي إلى نهاية سترته.
* ما يجب على المار فعله: يجب عليه أن يتحرى الطريق ولا يمر من أمام المصلي، وأن يتأنى حتى ينتهي المصلي من ركوعه أو سجوده إذا كان لا بد من المرور.
* السترة في الصلاة سنة مؤكدة وليست واجبة عند جمهور العلماء، ولكنها من كمال الصلاة وآدابها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه البخاري في الصلاة (٥١٠) عن عبد الله بن يوسف، ومسلم في الصلاة (٥٠٧) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك به مثله.
وأبو جُهيم هو: ابن الحارث بن الصمة الأنصاري الصحابي.
والمرسل هو: زيد بن خالد الجهني.
والذي رواه سفيان بن عيينة، عن سالم أبي النضر، عن بسر بن سعيد قال: أرسلوني إلى زيد بن خالد فهو مقلوب. رواه ابن ماجه (٩٤٤) عن هشام بن عمار، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، فذكر مثله.
وفيه قال سفيان: «فلا أدري أربعين سنة، أو شهرًا، أو صباحًا، أو ساعةً».
هكذا وقع الشك في تحديد المدة. ولكن رواه البزار في مسنده عن أحمد بن عبدة، ثنا سفيان، عن سالم أبي النضر، عن بُسْر بن سعيد قال: أرسلني أبو جُهَيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي المُصَلِّي فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقوم أربعين خريفًا خيرًا له من أن يمر بين يديه».
«نصب الراية» (٢/ ٧٩)، قال الشيخ: وفيه فائدتان:
إحداهما: قوله: «أربعين خريفًا».
والثانية: إن متنه عكس متن الصحيحين، فالمسؤول في لفظ الصحيحين هو: أبو الجُهيم، وهو الراوي عن النبي ﷺ، والمسؤول الراوي عند البزار - زيد بن خالد. ونسب ابن القطان وابن عبد البر الوهم فيه إلى ابن عيينة، وأطال الكلام فيه.
قال الأعظمي: وقد رواه ابن ماجه (٩٤٥) أيضًا عن سفيان على الجادة، قال: حدّثنا علي بن محمد، قال: حدّثنا وكيع، عن سفيان، عن سالم أبي النضْر، عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسل إلى
جُهيم الأنصاري يسأله: ما سمعت من النبي ﷺ في الرجل الذي يمر بين يدي الرجل وهو يُصلي؟ فذكر مثله على الشك الذي سبق. وسفيان هذا: الغالب أنه ابن عيينة الذي في السند السابق.
إذًا الخطأ ليس من سفيان، وإنما من الذي قبله.
والذي رُوِي عن أبي هريرة مرفوعًا: «لو يعلم أحدكم ما له في أن يَمُرَّ بين يدي أخيه، معترضًا في الصلاة، كان لأنْ يُقِيم مائة عامٍ خير له من الخُطْوةِ التي خَطاها» فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (٩٤٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا وكيع، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن عمه، عن أبي هريرة فذكر مثله.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (٨٨٣٧) ولكن وقع قلب في الإسناد، فرواه عن محمد بن عبد الله، يعني أبا أحمد الزبيري، قال: أخبرنا عبيد الله، يعني ابن عبد الله بن موْهَب، قال: أخبرني عمي عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، عن أبي هريرة فذكر مثله.
فالعم هو: عبيد الله بن عبد الله بن موهب، وابن أخيه هو: عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب.
وعبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ليس بالقوي وعمه اسمه: عبيد الله بن عبد الله بن موهب مجهول وقال أحمد: أحاديثه مناكير، ومع هذا أخرجه ابن خزيمة (٨١٤)، وابن حبان (٢٣٦٥) في صحيحهما كلاهما من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب به مثله.
وصحّحه أيضًا المنذري في «الترغيب والترهيب» (١/ ٣٧٧) وحسنه السيوطي في «الجامع الصغير» (٥/ ٣٣٧) وهذا يدل على تساهلهم.
قال الترمذي بعد أن رواه من طريق مالك: «والعمل عليه عند أهل العلم. كَرِهوا المرور بين يدي المصلِّي، ولم يَرَوا أن ذلك يقطع صلاةَ الرجلِ» (٢/ ١٦٠).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 772 من أصل 1241 حديثاً له شرح
- 747 يُعَرِّضُ راحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا
- 748 إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه
- 749 إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام ومعنا عكازة وإداوة
- 750 إذا وضع أحدكم مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من...
- 751 مثل مؤخرة الرحل سترة المصلي
- 752 إذا صلَّى أحدكم فليستتر الصلاته ولو بسهم
- 753 النبي ﷺ يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف
- 754 ما كان منا فارس يوم بدر غير المقداد بن الأسود
- 755 الكلب الأسود شيطان يقطع الصلاة
- 756 يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب
- 757 الكَلْبُ الأَسْوَدُ وَالحَائِضُ يَقْطَعَانِ الصَّلَاةَ
- 758 قطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة
- 759 رسول الله يصلي وأنا حائض إلى جنبه
- 760 المرأة لا تقطع الصلاة كما يقطع الكلب والحمار
- 761 أمَّا هُنَّ أمهاتكم وأخواتكم وعماتكم
- 762 كان يُصلي وأنا حياله
- 763 إذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت
- 764 نهيت أن أصلي خلف المتحدثين والنّيام
- 765 كان رسول الله ﷺ يضع الحربة بين يديه إذا خرج...
- 766 صلاة النبي ﷺ بالبطحاء بين يديه عنزة
- 767 أَقبلْتُ راكبًا على أتانٍ وأنا يومئذ ناهزتُ الاحتلامَ
- 768 إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد...
- 769 لا تدع أحدًا يمر بين يديك وأنت تصلي فإن معه...
- 770 ساعى النبي ﷺ الشاة حتى ألزق بطنها القبلة
- 771 اتخذ الجدار قبلة وصلى وبهيمة تمر بين يديه
- 772 لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
- 773 ممر الشاة بين مصلى النبي والجدار
- 774 إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدْنُ منها
- 775 صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة
- 776 الصلاة في ثوب واحد
- 777 لا تصل في الثوب الواحد ليس على عاتقيك شيء
- 778 من صلى في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه
- 779 صلاة النبي ﷺ في ثوب ملتحفًا به ورداؤه موضوع
- 780 رسول الله ﷺ يصلي ثماني ركعات ملتحفًا في ثوب واحد
- 781 يصلي في ثوب واحد واضعًا طرفيه على عاتقه
- 782 كان رجال يصلون مع النبي ﷺ عاقدي أزرهم على أعناقهم...
- 783 يصلِّي في ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به
- 784 الصلاة في الثوب الواحد
- 785 صلّ في القميص الواحد وازرره ولو بشوكة
- 786 آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم
- 787 نهى رسول الله عن الصلاة في لحاف لا يتوشح به.
- 788 الصلاة في الثوب الواحد: إن كان واسعًا فالتحف به، وإن...
- 789 إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما
- 790 نهى رسول الله ﷺ عن لبستين: اشتمال الصماء واحتباء بثوب
- 791 نهى رسول الله عن بيعتين ولبستين وصلاتين واشتمال الصماء
- 792 من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في...
- 793 لا تسدل في الصلاة ولا تُغطِّ فاك
- 794 خرج النبي في حلة حمراء مشمرًا صلى بالناس ركعتين
- 795 لا ينبغي هذا للمتقين
- 796 ذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم
معلومات عن حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
📜 حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








