حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب السترة بمكة وغيرها

عن أبي جُحيفة قال: خرج رسول الله ﷺ بالهاجِرة، فصلى بالبطحاء الظهرَ والعصرَ ركعتين، ونصب بين يديه عَنَزَةً. وتوضأ فجعل الناس يتمسَّحون بِوَضوئه.

متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (٥٠١) عن سليمان بن حرب، قال: حدّثنا شعبةُ، عن الحكم، عن أبي جحيفة فذكر مثله.

عن أبي جُحيفة قال: خرج رسول الله ﷺ بالهاجِرة، فصلى بالبطحاء الظهرَ والعصرَ ركعتين، ونصب بين يديه عَنَزَةً. وتوضأ فجعل الناس يتمسَّحون بِوَضوئه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف من صحيح البخاري (رحمه الله تعالى) شرحًا وافيًا، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:


عن أبي جُحيفة قال: خرج رسول الله ﷺ بالهاجِرة، فصلى بالبطحاء الظهرَ والعصرَ ركعتين، ونصب بين يديه عَنَزَةً. وتوضأ فجعل الناس يتمسَّحون بِوَضوئه.


1. شرح المفردات:


* بالهاجرة: وقت شدة الحر نصف النهار، أي وقت الظهيرة.
* البطحاء: مكان معروف بمكة، وهو أرض واسعة فيها حصى ودقش (حجارة صغيرة).
* عَنَزَةً: هي عصا أو رمح قصير له سنان (رأس حاد)، كان يُنصب أمام المصلي ليُتخذ سترة.
* يتمسحون بوضوئه: أي يأخذون من الماء المتبقي من وضوئه الشريف ويدلكون به أجسادهم أو وجوههم؛ طلبًا للبركة والتيمن به صلى الله عليه وسلم.


2. شرح الحديث:


يصف الصحابي الجليل أبو جحيفة وهب السوائي رضي الله عنه موقفًا من مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في السفر، ويشتمل على عدة أحكام وفوائد:
* "خرج رسول الله ﷺ بالهاجرة": خرج النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الظهيرة حيث يشتد الحر. وهذا يدل على جواز السفر في هذا الوقت، وربما كان لحاجة أو ليتفادى حر الشمس لاحقًا.
* "فصلى بالبطحاء الظهر والعصر ركعتين": هذا بيانٌ واضح لرخصة قصر الصلاة في السفر. فالصلاة الرباعية (الظهر، والعصر، والعشاء) تُقصر إلى ركعتين لمن كان مسافرًا. والبطحاء مكان خارج مكة، فدل على أنه كان في حالة سفر. وهذا أصل من أصول فقه السفر عند أهل السنة.
* "ونصب بين يديه عنزة": هذا الحديث أصل في مشروعية اتخاذ السترة للمصلي، سواء كان إمامًا أو منفردًا. والسترة تمنع المرور بين يدي المصلي وتحفظ صلاته من الانشغال بمن يمر قريبًا منه. وكانت العنزة تُنصب في الأرض أمامه صلى الله عليه وسلم لتكون حدًا فاصلاً.
* "وتوضأ فجعل الناس يتمسحون بوضوئه": هذا الفعل من الصحابة رضوان الله عليهم يدل على محبتهم الشديدة للنبي صلى الله عليه وسلم وتبركهم بآثاره. كانوا يحرصون على كل ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم طلبًا للبركة، وكان ذلك بمرأى منه ولم ينكره عليهم، فدل على جواز التبرك بآثار الصالحين إذا كان ذلك على الوجه الشرعي، وهو أخذ البركة من شيء مادي قد خالطته طهارة النبي أو فضله، دون اعتقاد أن ذلك الشيء يضر أو ينفع بذاته، بل بقدرة الله تعالى.


3. الدروس المستفادة منه:


1- مشروعية قصر الصلاة في السفر: وهو رخصة من الله تعالى لتخفيف المشقة على المسافر، ويجب على المسلم أن يقبل رخص الله ولا يتشدد.
2- مشروعية اتخاذ السترة في الصلاة: وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحفظ بها المصلي صلاته من القطع أو الانشغال.
3- محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: كانت محبتهم عملية، تظهر في حرصهم على كل ما يتعلق به، والتأسي به في كل صغيرة وكبيرة.
4- جواز التبرك بآثار الصالحين: بشرط أن يكون ذلك في حدود الشرع، دون غلو أو اعتماد قلبي على المخلوق، وأن يكون المتبرك به مما ثبتت بركته كفضل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم: حيث خرج إلى الناس في شدة الحر وصلى بهم في أرض فضاء، ولم ينتظر مكانًا مظللًا أو مريحًا.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* حكم قصر الصلاة: هو سنة مؤكدة، والأفضل للمسافر أن يقصر الرباعية إلى ركعتين.
* أقل مسافة للسفر التي يُشرع فيها القصر والجمع: ذهب جمهور العلماء إلى أنها حوالي (81 كم) تقريبًا (أربعة بُرُدٍ، والبُرُد 12 ميلاً، والميل 1848 مترًا).
* السترة: يحرم المرور بين يدي المصلي إذا كان بين يديه سترة، ولو كان المسجد الحرام على الأصح من أقوال العلماء.
* البركة: هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، وهي حقيقة لا ينكرها إلا جاهل، ولكن يجب الحذر من البدع والغلو في التبرك بما لم يثبت فيه أثر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلاة (٥٠١) عن سليمان بن حرب، قال: حدّثنا شعبةُ، عن الحكم، عن أبي جحيفة فذكر مثله.
ورواه هو ومسلم (٥٠٣) من أوجه أخرى وسبق تخريجه في الطهارة، باب استعمال فضل الوضوء.
وأما ما روي عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله ﷺ إذا فَرَغَ من سبعة جاء حتى يحاذي بالركن، فصلَّى ركعتين في حاشية المطاف، وليس بينه وبين الطُّوَّاف أحد. فهو ضعيف.
رواه ابن ماجه (٢٩٥٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن جريج، عن كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السَّهْمِي، عن أبيه، عن المطلب فذكر مثله.
قال ابن ماجه: هذا بمكة خاصة.
ورواه النسائي (٢٩٥٩)، وابن خزيمة (٨١٥) من طريق ابن جريج به مثله.
ورواه أبو داود (٢٠١٦) عن أحمد بن حنبل، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثني كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، عن بعض أهله، عن جده أنه رأى النبي ﷺ يُصَلِّي مما يلي باب بني سَهْم، والناس يمرون بين يديه، وليس بينهما سترةٌ.
قال سفيان: ليس بينه وبين الكعبة سترة.
قال سفيان: كان ابن جريج أخبرنا عنه قال: أخبرنا كثير عن أبيه، قال: فسألتُه فقال: ليس من أبي سمعتُه، ولكن من بعض أهلي، عن جدي. انتهى.
ففي الإسناد علل:
منها: أنه منقطع فإن كثير بن كثير لم يسمع من أبيه.
ومنها: أنه سمع من بعض أهله، وهم لا يعرفون.
ومنها: كثير بن المطلب بن أبي وداعه لم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ: «مقبول»، أي: إذا توبع، ولكنه لم يتابع عليه.
وأشار إلى ضعف الحديث، في «الفتح» (١/ ٥٧٦) بقوله: «رجاله موثقون إلا أنه معلول».
وعلى صحة الحديث فإنه لا يدل على عدم الحاجة إلى السترة في مكة لحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود، أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع.
قال السندي في حاشية النسائي: «ومن لا يقول به يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود، أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع».
وبوَّب عليه ابن خزيمة بقول: باب ذكر الدليل على أن التغليظ في المرور بين يدي المصلى إذا كان المصلي يصلي إلى سترة، وإباحة المرور بين يدي المصلي إذا صلى إلى غير سترة. انتهى.
والبخاري رحمه الله تعالى استدل بحديث أبي جحيفة بأنه لا فرق بين مكة وغيرها في مشروعية السترة فإن لم يذكر في الباب غير حديث أبي جحيفة.
وكان ابن عمر يُصلي في مكة ولا يدع أحدًا يمر بين يديه ويقول يحيى بن أبي كثير: رأيتُ أنس بن مالك دخل المسجد الحرام، فركز شيئًا، أو هيأ شيئًا يصلي عليه. رواه ابن سعد (٧/ ١٨) وغيره بإسناد صحيح.
قال الحافظ في الفتح: «المعروف عند الشافعية أن لا فرق في منع المرور بين يدي المصلي بين مكة وغيرها. واغْتَفَرَ بعض الفقهاء ذلك للطائفين للضرورة دون غيرهم، وعن الحنابلة جواز ذلك في جميع مكة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 775 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

  • 📜 حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صلاة الظهر والعصر ركعتين بالبطحاء في الهاجرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب