الصلاة في ثوب واحد

حديث: الصلاة في ثوب واحد

عن أبي هريرة أن سائلًا سأل رسولَ الله ﷺ عن الصّلاة في ثوب واحد. فقال: «أو لِكُلِّكم ثوبان؟».

متفق عليه: رواه مالك في صلاة الجماعة (٣٠) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن سائلًا سأل رسولَ الله ﷺ عن الصّلاة في ثوب واحد. فقال: «أو لِكُلِّكم ثوبان؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تفضلتم بذكره هو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه، وله طرق متعددة، وهذا لفظه كما ذكرتم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سائلاً سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد. فقال: «أو لِكُلِّكُم ثَوْبَانِ؟».

1. شرح المفردات:

* سائل: رجل يسأل عن حكم شرعي.
* عن الصلاة في ثوب واحد: عن حكم أداء الصلاة والشخص لا يلبس إلا ثوباً واحداً يغطي به جزءاً من جسده.
* أو: حرف للإضراب والتوبيخ بلطف، ويمكن أن تكون بمعنى "هل"، أي: "هل لكل واحد منكم ثوبان؟".
* لكلِّكُم: خطاب موجه للجماعة، لكن السؤال كان من فرد واحد، مما يدل على أن الحكم عام.
* ثوبان: أي إزار ورداء، أو قميص وسراويل، أو أي لباسين يغطيان العورة بشكل كافٍ.

2. شرح الحديث:

يصور لنا هذا الحديث المشهد التالي: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن حكم الصلاة وهو لا يملك سوى ثوب واحد لا يستطيع به ستر عورته بالكامل، فربما كان يصلّي وهو مكشوف المنكب أو جزء من فخذه، فأراد أن يعرف الحكم.
فكان جواب النبي صلى الله عليه وسلم جواباً حكيماً يعلم به الأمة ويوسع على الناس، حيث لم يقل له "نعم" أو "لا" مباشرة، بل رد عليه بهذا السؤال الاستنكاري الرقيق «أو لكلِّكم ثوبان؟».
معنى هذا الجواب:
* التيسير ورفع الحرج: فهم من سؤال الصحابي أن هناك حرجاً ومشقة في اشتراط ثوبين للصلاة، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين مبناه على اليسر، وأنه ليس شرطاً أن يكون للمصلي ثوبان.
* إباحة الصلاة في ثوب واحد: المقصود من كلامه صلى الله عليه وسلم الإذن في ذلك والتخفيف على من لم يجد إلا ثوباً واحداً، فهو يجوز له أن يصلي فيه.
* أن الأصل هو ستر العورة: الشرط الأساسي في لباس المصلي هو ستر العورة، فإذا حصل الستر بثوب واحد كفى، وإذا لم يحصل إلا بثوبين وجب. فالمعيار هو تحقيق المقصود (ستر العورة) وليس عدد القطع التي يلبسها.
وقد وردت أحاديث أخرى تبين كيفية الصلاة في الثوب الواحد، منها ما رواه الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم في ثوب واحد، فليخالف بين طرفيه»، أي يجعله على كتفيه ويشده جيداً حتى لا ينكشف أثناء الركوع أو السجود.

3. الدروس المستفادة منه:

1- يسر الإسلام وسماحته: يظهر هذا الحديث بوضوح كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت بما يسهل على الناس ولا يعسرهم، وتدرك ظروفهم المادية المختلفة.
2- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والتربية: لم يعنف السائل، بل أجابه بأسلوب استفهامي لطيف يشرح الصدر ويذهب الحرج، ويجعل الحكم عاماً لكل الأمة.
3- مراعاة أحوال الناس: فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس ليسوا سواء في الغنى والفقر، فلم يوجب على الفقير ما لا يقدر عليه.
4- أن العبرة في العبادات بتحقيق المقصود: المقصود من اللباس في الصلاة هو ستر العورة، فمهما كان عدد القطع التي تحقق هذا الستر فهو جائز.
5- جواز الصلاة في الثوب الواحد: وهو أصل مهم من أصول فقه الصلاة، بشرط أن يستر العورة المعروفة (ما بين السرة والركبة للرجل، وجميع البدن للمرأة إلا الوجه والكفين).

4. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الحديث أصل عند الفقهاء في إباحة الصلاة في ثوب واحد.
* إذا كان الثوب الواحد قصيراً لا يستر العورة بالكامل، فلا تجوز الصلاة فيه.
* يستحب للمصلي أن يتحسن في لباسه للصلاة ما استطاع، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
* الفقهاء متفقون على أن الصلاة في الثوب الواحد الجائز جائزة، ولا كراهة فيها إذا حقق ستر العورة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في صلاة الجماعة (٣٠) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاريّ في الصّلاة (٣٥٨)، ومسلم في الصّلاة (٥١٩) كلاهما من طريق مالك.
ورواه أيضًا البخاريّ (٣٦٥) عن سليمان بن حرب، قال حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمد (وهو ابن سيرين) عن أبي هريرة فذكر مثله وفيه: ثمّ سأل رجل عمر، فقال: إذا وسَّع الله فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقَباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقباء، في تُبَّان وقباء، في تبان وقميص، قال: وأحسبه قال: في تبان ورداء».
ورواه مسلم من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب فاكتفى بالمرفوع، ولم يذكر قول عمر.
وقول النَّبِيّ ﷺ: «أو لِكُلِّكم ثوبان«يدل على ضيق الحال التي كانوا عليها.
يقول أبو هريرة: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء، إمَّا إزار وإمَّا كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فيجمعه بده كراهية أن تُري عورتُه».
رواه البخاريّ في الصّلاة (٤٤٢) عن يوسف بن عيسى قال: حَدَّثَنَا ابن فُضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 776 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الصلاة في ثوب واحد

📜 حديث: الصلاة في ثوب واحد

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الصلاة في ثوب واحد

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الصلاة في ثوب واحد

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الصلاة في ثوب واحد

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية