حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الصّلاة في ثوب واحد وصفة لبسه

عن أنس، قال: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم، صلّى في ثوب واحد متوشِّحًا به خلف أبي بكر.

صحيح: رواه النسائيّ (٢/ ٧٩)، وأحمد (١٢٦١٧)، وابن حبان (٢١٢٥)، والبيهقي في
»الدلائل (٧/ ١٩٢) كلّهم من حديث حميد الطّويل، عن أنس، فذكره.

عن أنس، قال: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم، صلّى في ثوب واحد متوشِّحًا به خلف أبي بكر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث شريف رواه الإمام البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي تُظهر جانبًا من سيرة النبي ﷺ في أيامه الأخيرة، وتجسّد تواضعه وحرصه على الصلاة مع الجماعة حتى في ظل ظروفه الصحية الصعبة.

شرح الحديث:


الراوي: أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله ﷺ، وهو من أكثر الصحابة رواية للحديث.
نص الحديث: "آخر صلاة صلاها النبي ﷺ مع القوم، صلى في ثوب واحد متوشحًا به خلف أبي بكر".


1. شرح المفردات:


● "آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم": أي آخر مرة صلى فيها النبي ﷺ صلاة جماعة مع الناس. وكان ذلك في مرض موته ﷺ.
● "في ثوب واحد": أي أنه لم يكن عليه إلا إزار واحد، دون رداء. وهذا يدل على التواضع وعدم التكلف.
● "متوشحًا به": التوشح يعني أن يلقي الثوب على كتفيه ويعقد طرفيه على صدره أو أحد جانبيه. أي أنه اشتمل بالثوب وحده، فغطى به أعلى وأسفل جسده، لكنه كان ثوبًا واحدًا غير متسع كالرداء والإزار معًا.
● "خلف أبي بكر": أي أن النبي ﷺ لم يكن إمامًا في هذه الصلاة، بل كان مأمومًا يصلي خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الذي كان يؤم الناس في تلك الفترة بأمر من النبي ﷺ لمرضه.


2. شرح الحديث:


يصف هذا الحديث المشهد الأخير الذي صلى فيه النبي ﷺ مع أصحابه في المسجد جماعة قبل وفاته. وكان النبي ﷺ في أواخر أيامه مريضًا، فكان لا يستطيع الخروج إلى المسجد في كثير من الأوقات، فأمر أبا بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس.
وفي هذا اليوم، تحسنت حالة النبي ﷺ قليلاً فخرج متوكئًا على عليّ والفضل بن العباس رضي الله عنهما حتى دخل المسجد، فلما رآه أبو بكر أراد أن يتأخر ليتقدم النبي ﷺ للإمامة، ولكن النبي ﷺ أشار إليه أن "مكانك" وألا يتحرك، ثم جلس إلى جانب أبي بكر ليصلي مع الجماعة خلفه.
وصلى النبي ﷺ في هذه الصلاة جالسًا، وكان أبو بكر يصلي قائمًا ويقتدي الناس بأبي بكر، ويقتدي النبي ﷺ بأبي بكر، وكان النبي ﷺ في هذه الحالة يصلي إيماء (أي بالإشارة برأسه) لأنه كان جالسًا ولا يستطيع القيام أو الركوع والسجود كاملاً.
وأما صلاته في ثوب واحد متوشحًا به، فذلك يدل على تواضعه الشديد وعدم اكتراثه بمظاهر الدنيا، مع أن الأصل في الصلاة استحباب التجمّل فيها، لكنه ﷺ كان في حالة مرض، فاكتفى بما تيسر، وجوّز العلماء الصلاة في ثوب واحد مع القدرة على الستر.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حرص النبي ﷺ على صلاة الجماعة: حتى في أشد أوقات المرض والضعف، لم يترك النبي ﷺ الصلاة مع الجماعة، مما يدل على عظم مكانتها في الإسلام.
2- تواضعه ﷺ: صلى خلف أحد أصحابه دون تكلّف أو تردد، مع أنه هو النبي والإمام الأعظم، فلم يمنعه ذلك من الانقياد لإمامة غيره عندما اقتضت المصلحة ذلك.
3- جواز الصلاة في ثوب واحد: إذا ستر العورة، وكان الثوب واسعًا يكفي للستر، كما فعل النبي ﷺ هنا.
4- فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه: حيث كان موضع ثقة النبي ﷺ، فجعله إمامًا للناس في الصلاة، وهي من أعظم المنازل.
5- التيسير على المريض في الصلاة: فالنبي ﷺ صلى جالسًا وأومأ برأسه، مما يدل على رخصة الشرع للمريض أن يصلي حسب طاقته.
6- الإمام يتابع من خلفه إذا حدث أمر: كما تابَع النبيُّ أبا بكر في الصلاة عندما دخل المسجد، ولم يستأثر بالإمامة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذه الصلاة كانت في مرض موته ﷺ، وقد توفي بعدها بيسير.
- روى البخاري أيضًا أن النبي ﷺ في هذه الصلاة كان يُسمع الناس التكبير من خلفه، مما يدل على حرصه على متابعة الإمام وإعلان التكبير.
- هذا الحديث من الأدلة على أن الإمامة لا تشترط فيها الأعلمية المطلقة دائماً، فالنبي ﷺ هو الأعلم والأفضل، لكنه صلى خلف أبي بكر للمصلحة.
- فيه دليل على أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة إذا ستر العورة، ولا يشترط ثوبان.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الاقتداء برسول الله ﷺ في تواضعه وحرصه على الطاعات، وأن يتقبل منا الصلاة والعبادة، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٢/ ٧٩)، وأحمد (١٢٦١٧)، وابن حبان (٢١٢٥)، والبيهقي في
»الدلائل (٧/ ١٩٢) كلّهم من حديث حميد الطّويل، عن أنس، فذكره.
وقد صرَّح حميد بالسَّماع عن أنس في بعض المصادر.
ولكن رواه الترمذيّ (٣٦٣)، والبيهقي في: الدلائل (٧/ ١٩٢) وغيرهما عن حميد الطّويل، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
قال الترمذيّ: «حسن صحيح. قال: وهكذا رواه يحيى بن أيوب، عن حميد، عن ثابت، عن أنس. وقد رواه غير واحد عن حميد، عن أنس. ولم يذكروا فيه: عن ثابت، ومن ذكر فيه عن ثابت فهو أصح» انتهى.
قال الأعظمي: بلى كلاهما صحيح؛ لأنَّه ثبت سماع حميد عن أنس، كما ثبت سماعه عن ثابت عن أنس؛ فلعله سمع منهما جميعًا.
وقوله: «متوشِّحًا به«أي ملتحفًا بثوبه. والتوشح أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليُسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليُمنى ثمّ يعقدهما على صدره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 786 من أصل 1241 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

  • 📜 حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آخر صلاة صلَّاها النَّبِيّ ﷺ مع القوم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب