كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

عن سلمة بن الأكوع، أنَّه كان يتحرَّي موضع مكان المصحف يسبِّح فيه. وذكر أنَّ رسول الله ﷺ كان يتحرَّى ذلك المكان. وكان بين المنبر وبين القبلة قدر ممرِّ الشاةِ.
وفي رواية: كان يتحرَّى الصلاةَ عند الأُسطوانة التي عند المصحف. فقيل له: أراكَ تتحرَّى الصلاةَ عند هذه الأُسطوانة. قال: رأيتُ رسول الله ﷺ يتحرَّى الصلاةَ عندها.

متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (٥٠٢) ومسلم في الصلاة (٥٠٩) كلاهما من حديث المكي ابن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عُبيد، عن سلمة بن الأكوع، فذكر مثلَه.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم يُظهر حرص الصحابة رضي الله عنهم على متابعة النبي ﷺ في كل صغيرة وكبيرة، حتى في أماكن صلاته في المسجد.

أولاً. شرح المفردات:

● يَتَحَرَّى: أي يقصد ويعتني باختيار ذلك المكان ويبالغ في طلبه.
● المُصْحَف: هنا ليس المقصود المصحف الذي يجمع القرآن، بل هو مكان في المسجد النبوي كان يُصلى فيه، وقيل إنه موضع كان يوضع فيه المصحف لاحقاً، أو هو اسم للمكان نفسه.
● قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ: أي مسافة تكفي لمرور شاة، وهي مسافة قريبة (حوالي متر أو أقل).
● الأُسْطُوانَة: العمود أو السارية في المسجد.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه كان يختار بعناية مكانًا معينًا في مسجد رسول الله ﷺ ليصلي فيه، وهو المكان الذي كان يسمى "المصحف". وبيَّن أن هذا المكان كان واقعًا بين منبر النبي ﷺ وحائط القبلة، والمسافة بينهما صغيرة جدًا تكفي لمرور شاة.
وفي رواية أخرى، وضَّح أنه كان يتحرَّى الصلاة عند عمود (أسطوانة) معينة قرب ذلك المكان. فلما سُئل عن سبب تحريه الصلاة في ذلك الموضع بالذات، أجاب بأنه رأى النبي ﷺ يتحرَّى الصلاة هناك.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- اتباع السنة في كل شيء: الحديث يدل على حرص الصحابة على الاقتداء بالنبي ﷺ حتى في أماكن صلاته في المسجد، مما يعلمنا أن السُنَّة تشمل كل أمر من أمور الدين، كبيرها وصغيرها.
2- فضل المساجد وأماكن العبادة: التحرّي لأماكن الصلاة في المسجد يدل على عظيم فضل الصلاة حيث صلى النبي ﷺ وأصحابه.
3- بركة الأماكن التي صلى فيها النبي ﷺ: كان الصحابة يحرصون على الصلاة في المواضع التي صلى فيها الرسول ﷺ طلبًا للبركة والاقتداء.
4- التأسي بالنبي ﷺ في الهيئات والأماكن: وهذا من كمال محبته واتباعه، كما قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
5- حرص السلف على نقل السنة بدقة: حتى في التفاصيل المكانية، مما يدل على عظم أمانتهم في نقل سنة النبي ﷺ.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- المسجد النبوي اشتهر بعدة أساطين (أعمدة) لها تاريخ، مثل "أسطوانة السيدة عائشة" و"أسطوانة التوبة" وغيرها، وكان لكل منها قصة ومنزلة.
- ليس معنى ذلك أن الصلاة في ذلك المكان أفضل من غيره مطلقاً، بل الفضل مرتبط بالاقتداء بالنبي ﷺ، والأفضلية في المساجد تكون في الصفوف الأولى لا في مكان بعينه، إلا ما وردت به السنة مثل "الروضة" في المسجد النبوي.
- هذا الحديث يدل على أن سلمة بن الأكوع كان من الملازمين للمسجد النبوي، وكان حريصاً على تتبع مواطن النبي ﷺ.
أسأل الله أن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه ﷺ، المهتدين بهديه، المستنيرين بنور سنته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلاة (٥٠٢) ومسلم في الصلاة (٥٠٩) كلاهما من حديث المكي ابن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عُبيد، عن سلمة بن الأكوع، فذكر مثلَه. واللفظ لمسلمٍ.
وقوله: «مكان المصحف» أي المكان الذي وُضع فيه صندوق المصحف في المسجد النبوي، وهو المصحف الذي سُمِّي إمامًا في عهد عثمان رضي الله عنه. وكان في ذلك المكان أُسطوانة تُعرف بأُسطوانة المهاجرين. وكانت متوسِّطةً في الروضةِ المكرَّمة. قال الحافظ ابن حجر: «وجدتُ في: تاريخ المدينة«لابن النجار: أنَّ المهاجرين من قُريشٍ كانوا يجتمعون عندها». ولكن تعقب السمهودي هذا القول وذكر بأنه وهم، وأن الأسطوانة المشار إليها التي كان النبي ﷺ يصلي إليها هي التي عن يمين الواقف في المصلي الشريف من جهة القبلة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 86 من أصل 138 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

📜 حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: كان يتحرى الصلاة عند الأسطوانة التي عند المصحف

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية