حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

إنكار عائشة ﵂ على ابن عمر أن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه

عن عروة بن الزبير قال: ذُكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى النبي ﷺ: «إن الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله» فقالت: إنما قال رسول الله ﷺ: «إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليكون عليه الآن».
وقالت: وذلك مثل قوله: إن رسول الله ﷺ قام على القَلِيب، وفيه قتلى بدرٍ من المشركين، فقال لهم ما قال: «إنهم ليسمعون ما أقول» إنما قال: «إنهم الآن ليعلمون أن ما كنتُ أقول لهم حق» ثم قرأت: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [سورة النمل: ٨٠].
﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [سورة فاطر: ٢٢] يقول: حين تبوؤا مقاعدهم من النار.

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٣٩٧٨، ٣٩٧٩)، ومسلم في الجنائز (٩٣٢) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه فذكره.

عن عروة بن الزبير قال: ذُكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إلى النبي ﷺ: «إن الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله» فقالت: إنما قال رسول الله ﷺ: «إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليكون عليه الآن».
وقالت: وذلك مثل قوله: إن رسول الله ﷺ قام على القَلِيب، وفيه قتلى بدرٍ من المشركين، فقال لهم ما قال: «إنهم ليسمعون ما أقول» إنما قال: «إنهم الآن ليعلمون أن ما كنتُ أقول لهم حق» ثم قرأت: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [سورة النمل: ٨٠].
﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [سورة فاطر: ٢٢] يقول: حين تبوؤا مقاعدهم من النار.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع، معتمدًا على كلام أهل العلم المعتبرين من أهل السنة والجماعة:
### أولاً. نص الحديث وسياقه
يروي عروة بن الزبير -رضي الله عنه- أن مسألةً قد ذُكرت عند أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وهي أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يروي أن النبي ﷺ قال: «إن الميت يُعذَّب في قبره ببكاء أهله» (أي بسبب نوح وبكاء أهله عليه). فأنكرت عائشة -رضي الله عنها- هذا الفهم، وبيَّنت الصواب في ذلك.
### ثانيًا. شرح المفردات
● يُعذَّب: يُؤذى ويُسلط عليه العذاب.
● ببكاء أهله: بسبب نوحهم وصراخهم عليه إذا مات.
● بخطيئته وذنبه: بسبب ما اقترفه من آثام ومعاصٍ في دنياه.
● القَلِيب: البئر التي أُلقي فيها قتلى المشركين من غزوة بدر.
● تَبوَّؤا مَقاعدَهم من النار: استقروا في منازلهم التي أعدت لهم في النار.
### ثالثًا. شرح الحديث وبيان معناه
تشير أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- إلى خطأ في فهم بعض الروايات، وتصححها بما هو أثبت وأصح، وتبين أن العذاب في القبر إنما هو بسبب ذنوب العبد نفسه، لا بسبب أفعال غيره.
1- الرد على رواية العذاب ببكاء الأهل:
- نفت عائشة -رضي الله عنها- أن يكون العذاب بسبب بكاء الأهل، وأكدت أن النبي ﷺ قال: «إنه ليعذب بخطيئته وذنبه». أي أن العذاب يكون نتيجة ذنوبه الشخصية.
- وقولها: «وإن أهله ليبكون عليه الآن» يعني أن بكاءهم عليه هو فعل منهم، وليس هو السبب في عذابه، بل العذاب بسبب ذنوبه هو.
2- التمثيل بحديث قليب بدر:
- استشهدت عائشة -رضي الله عنها- بموقف مشابه، حين وقف النبي ﷺ على قليب بدر (حيث أُلقي قتلى المشركين) وخاطبهم. فبعض الناس فهم أنهم يسمعون كلامه، ولكن الصحيح -كما بينت عائشة- أن النبي ﷺ قال: «إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق». أي أنهم بعد الموت وعندما واجهوا حقيقة العذاب، أيقنوا أن ما جاءهم به النبي ﷺ كان حقًا، لكن هذا الإدراك ليس كإدراك الأحياء.
- واستدلت بقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النمل: 80]، وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر: 22]. وهاتان الآيتان تُبيّنان أن الموتى لا يسمعون صوت الأحياء في الدنيا بطريقة التواصل المعتادة.
3- التوفيق بين النصوص:
- لا تعارض بين نفي سماع الموتى في الآيات، وما ورد في بعض الأحاديث من أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين عندما ينصرفون، أو أنه يعذب ببكاء أهله إذا كان البكاء من نوع النياحة المحرمة. فقد أجاب العلماء عن ذلك بأن السماع المذكور في الأحاديث خاص بحال البرزخ، وهو سماع يختلف عن سماع الأحياء، ولا يتنافى مع عموم الآيات التي تنفي السماع المعتاد.
- ولكن الأظهر -والله أعلم- ما رجحته عائشة -رضي الله عنها- من أن العذاب إنما هو بسبب ذنب الميت نفسه، وأما بكاء أهله فإذا كان من نوع النياحة المحرمة، فإنه يكون معصية منهم، ويُحاسبون هم عليها، ولا يتحملها الميت. وقد يكون البكاء سببًا في زيادة عذابه إذا كان هو قد أوصى به، أو كان راضيًا عنه، أو كان من عادتهم ولم ينههم.
### رابعًا. الدروس المستفادة من الحديث
1- الدقة في فهم النصوص النبوية: فقد بينت عائشة -رضي الله عنها- أهمية فهم الحديث في سياقه الصحيح، وعدم حمله على معنى يخالف الأصول الشرعية.
2- أن العذاب في القبر بسبب الذنوب: فكل إنسان مرهون بعمله، ولا يتحمل وزر غيره.
3- تحريم النياحة على الميت: لأنها من أفعال الجاهلية، وقد تكون سببًا في إيذاء الميت إذا كان قد رضي بها أو أوصى بها.
4- الاستدلال بالقرآن على تصحيح الحديث: حيث استشهدت عائشة -رضي الله عنها- بالآيات لتبين المعنى الصحيح للحديث.
5- مكانة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- العلمية: فقد كانت من أعلم الناس بحديث رسول الله ﷺ وفقهه.
### خامسًا. معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" (كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال).
- اتفق العلماء على أن الميت يعذب في قبره بسبب ذنوبه، وأما بكاء أهله فليس هو السبب المباشر، إلا إذا كان البكاء من نوع النياحة المحرمة وكان الميت قد رضي بها.
- ينبغي للمسلم أن يتجنب النياحة والندب والبكاء بصوت مرتفع عند المصيبة، وأن يصبر ويحتسب، وهذا من كمال الإيمان.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم الصحيح في الدين، وأن يعيذنا من عذاب القبر، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٣٩٧٨، ٣٩٧٩)، ومسلم في الجنائز (٩٣٢) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 212 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

  • 📜 حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الميت يعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب