حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

إنكار عائشة ﵂ على ابن عمر أن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه

عن عروة قال: ذُكر عند عائشة قول ابن عمر: الميت يُعَذّبُ ببكاء أهله عليه، فقالت: رحم الله أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه، فقال: «أنتم تبكون وإنه ليعذَّبُ».

صحيح: رواه مسلم في الجنائز (٩٣١) من طرق، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه فذكره.

عن عروة قال: ذُكر عند عائشة قول ابن عمر: الميت يُعَذّبُ ببكاء أهله عليه، فقالت: رحم الله أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه، فقال: «أنتم تبكون وإنه ليعذَّبُ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في الصحيحين (البخاري ومسلم) وغيرهما، وفيه ردٌّ على شبهةٍ انتشرت بين بعض الناس، وتفصيلٌ لمسألة مهمة من مسائل العقيدة.

أولاً. شرح المفردات:


● يُعَذَّبُ: يُؤْذَى ويُوجَع في قبره.
● ببكاء أهله: بسبب نوحهم وصياحهم عليه.
● رحم الله أبا عبد الرحمن: دعاء من السيدة عائشة لابن عمر بالرحمة، وهو لقبه (أبو عبد الرحمن).
● سَمِعَ شيئًا فلم يحفظه: أي سمع الحديث لكنه لم يضبط لفظه أو فهمه على غير وجهه.
● مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ: مرت به جنازة رجل يهودي.
● وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ: وهو يعذب في قبره بسبب كفره.


ثانيًا. شرح الحديث:


السياق والقصة:
كان الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه يروي حديثًا بلفظ: "الميت يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، ففهم منه بعض الناس أن العذاب يقع على الميت المسلم بسبب بكاء أهله عليه بعد موته، ولو كان من أهل الصلاح. فلما بلغ هذا القول السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها – وكانت من أفقه الناس وأعلمهم بحديث رسول الله ﷺ – أنكرت هذا الفهم إنكارًا شديدًا.
بيان السيدة عائشة للصواب:
1- التأدب مع العالم: بدأت رضي الله عنها بالدعاء لابن عمر ("رحم الله أبا عبد الرحمن")، وهذا أدب رفيع في الرد على العالم، يظهر أنها لا تقصد الانتقاص من مكانته، بل تصحيح فهمٍ خاطئٍ وقع فيه.
2- بيان سبب الخطأ: أوضحت أن الخطأ ليس في الكذب، بل في عدم حفظ اللفظ النبوي بدقة ("سمع شيئًا فلم يحفظه"). فقد سمع ابن عمر جزءًا من الحديث فظن أن العموم فيه شامل للمسلم والكافر.
3- ذكر القصة كاملة: ذكرت عائشة القصة الأصلية التي ورد فيها الحديث لتُبَيِّنَ المقصود الحقيقي. فالنبي ﷺ رأى جنازة لرجل يهودي (أي كافر) وكان أهله يبكون عليه، فقال لهم: "أَنْتُمْ تَبْكُونَ وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ".
التفسير الصحيح للحديث:
- العذاب المذكور في الحديث مخصوص بالكافر، فهو يعذب في قبره على كفره، وبكاء أهله عليه لا ينفعه ولا يرد عنه عذاب الله، بل هو من سوء خاتمته حيث يرى أهله يبكون عليه وهو يعلم أنه قد هلك وخَسِر.
- أما المسلم، فلا يعذب ببكاء أهله عليه. وهذا ما أكدته عائشة رضي الله عنها في روايات أخرى حيث قالت: "حسبكم القرآن: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]"، فكل إنسان لا يحمل ذنب غيره.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- دقة فهم النصوص: وجوب فهم الأحاديث في سياقها الكامل، وعدم أخذ جزء منها وإهمال باقيها،以免 الوقوع في الخطأ.
2- أدب الاختلاف: الرد على العالم باللطف والاحترام والدعاء له، كما فعلت السيدة عائشة مع ابن عمر، وعدم التجرؤ أو استخدام الألفاظ الجارحة.
3- مكانة المرأة العلمية: يظهر السيدة عائشة رضي الله عنها كمرجعية علمية كبرى يفزع إليها كبار الصحابة لتصحيح المفاهيم، مما يدل على عِظَم مكانتها العلمية ودور المرأة في حفظ الحديث ونشر العلم.
4- براءة المسلم من عذاب القبر بسبب البكاء: طمأنة للمسلم أن بكاء أهله الطبيعي عليه دون نياحة أو صياح لا يضره، فلا يعذب بذنب لم يقترفه.
5- تحريم النياحة: الحديث يدل بشكل غير مباشر على ذم النياحة (الصياح والشق للجيوب والدعاء بالويل والثبور) لأنها من أفعال الجاهلية، وإن كان العذاب لا يقع على الميت المسلم بسببها، إلا أنها منهي عنها لضررها على الأحياء ولمخالفتها للصبر والرضا بقضاء الله.


رابعًا. معلومات إضافية:


● حكم البكاء: البكاء على الميت من غير نياحة أو صياح جائز، بل هو دليل على الرحمة. فقد بكى النبي ﷺ عندما مات ابنه إبراهيم وقال: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ". (رواه البخاري).
● الفرق بين البكاء والنياحة: البكاء: دموع وحزن في القلب. النياحة: رفع الصوت بالندب وذكر مصائب الموتى بعبارات تظهر السخط على قضاء الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنائز (٩٣١) من طرق، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 213 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

  • 📜 حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مرت على رسول الله ﷺ جنازة يهودي، وهم يبكون عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب