حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

إنكار عائشة ﵂ على ابن عمر أن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه

عن عبد الله بن عبيدالله بن أبي مليكة قال: تُوُفِّيَتْ ابنةٌ لعثمانَ بمكة وجئنا لنشهدَها، وحضرها ابن عمر وابن عباس ﵄، وإني لجالسٌ بينَهما - أو قال: جَلستُ إلى أحَدِهما، ثم جاء الآخَرُ فجلسَ إلى جَنبي- فقال عبد الله بن عمر ﵄ لعمرو بن عثمان: ألا تنهي عنِ البكاء؟ فإن رسول الله ﷺ قال: «إنَّ الميِّتَ ليُعذَّبُ ببكاء أهله عليه».
فقال ابن عباس: قد كان عمرُ يقول بعضَ ذلك، ثم حدَّثَ قال: صدرتُ مع عمر من مكة، حتى إذا كنا بالبَيْداء إذا هو بركب تحت ظِلِّ سَمُرةٍ، فقال: اذهَبْ فانظر من هؤلاء الركبُ. قال: فنظرتُ فإذا صُهَيبٌ، فأخبرتُه، فقال: ادْعُهُ لي، فرجعتُ إلى صُهَيب قلتُ: ارتَحِلْ فالحقْ بأمير المؤمنين. فلما أصيبَ عمرُ دخلَ صُهيبٌ يَبكي يقولُ: وا أخاهُ وا صاحباهُ. فقال عمرُ: يا صُهيبُ أتبكي عليَّ وقد قال رسول الله ﷺ: «إن الميِّت يُعذَّبُ ببعضِ بُكاء أهلِه عليه».
قال ابن عباس: فلما ماتَ عمرُ ذكرتُ ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر، والله! ما حدَّث رسولُ الله ﷺ أن الله ليُعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله ﷺ قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبُكم القرآن ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] قال ابن عباس عند ذلك: والله ﴿هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [النجم: ٤٣] قال ابن مليكة: والله! ما قال ابن عمر شيئًا.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٦، ١٢٨٧، ١٢٨٨)، ومسلم في الجنائز (٩٢٨) كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة فذكر الحديث بمثله واللفظ للبخاري.

عن عبد الله بن عبيدالله بن أبي مليكة قال: تُوُفِّيَتْ ابنةٌ لعثمانَ بمكة وجئنا لنشهدَها، وحضرها ابن عمر وابن عباس ﵄، وإني لجالسٌ بينَهما - أو قال: جَلستُ إلى أحَدِهما، ثم جاء الآخَرُ فجلسَ إلى جَنبي- فقال عبد الله بن عمر ﵄ لعمرو بن عثمان: ألا تنهي عنِ البكاء؟ فإن رسول الله ﷺ قال: «إنَّ الميِّتَ ليُعذَّبُ ببكاء أهله عليه».
فقال ابن عباس: قد كان عمرُ يقول بعضَ ذلك، ثم حدَّثَ قال: صدرتُ مع عمر من مكة، حتى إذا كنا بالبَيْداء إذا هو بركب تحت ظِلِّ سَمُرةٍ، فقال: اذهَبْ فانظر من هؤلاء الركبُ. قال: فنظرتُ فإذا صُهَيبٌ، فأخبرتُه، فقال: ادْعُهُ لي، فرجعتُ إلى صُهَيب قلتُ: ارتَحِلْ فالحقْ بأمير المؤمنين. فلما أصيبَ عمرُ دخلَ صُهيبٌ يَبكي يقولُ: وا أخاهُ وا صاحباهُ. فقال عمرُ: يا صُهيبُ أتبكي عليَّ وقد قال رسول الله ﷺ: «إن الميِّت يُعذَّبُ ببعضِ بُكاء أهلِه عليه».
قال ابن عباس: فلما ماتَ عمرُ ذكرتُ ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر، والله! ما حدَّث رسولُ الله ﷺ أن الله ليُعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله ﷺ قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبُكم القرآن ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] قال ابن عباس عند ذلك: والله ﴿هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ [النجم: ٤٣] قال ابن مليكة: والله! ما قال ابن عمر شيئًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، هذا حديث عظيم ورد في الصحيحين (البخاري ومسلم) وفيه مسألة فقهية مهمة تتعلق بالبكاء على الميت، سأشرحه لك جزءًا جزءًا معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● تُوُفِّيَتْ ابنةٌ لعثمانَ: المقصود هنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، والابنة هي إحدى بناته.
● بالْبَيْدَاء: مكان معروف بين مكة والمدينة.
● سَمُرَةٍ: نوع من الأشجار.
● يُعَذَّبُ: يُؤْذَى ويُقاسي ألم العذاب.
● صُهَيْبٌ: هو صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه، أحد الصحابة الكرام.
● حسبُكم القرآن: أي اكتفوا بالقرآن فهو كافٍ في الرد على هذا الفهم.

ثانيًا. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بحادثة وفاة ابنة عثمان بن عفان رضي الله عنه في مكة، وحضور جمع من الصحابة منهم عبدالله بن عمر وابن عباس رضي الله عنهما.
● موقف ابن عمر: نرى أن عبدالله بن عمر رضي الله عنه يطلب من عمرو بن عثمان (ابن المتوفاة) أن ينهى النساء عن البكاء، ويستدل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه». فهذا فهم منه للحديث على ظاهره.
● رد ابن عباس والحكاية عن عمر: هنا يتدخل ابن عباس رضي الله عنه ليصحح هذا الفهم، ويحكي قصة حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما رأى صهيبًا يبكي عليه عند وفاته، فأنكر عمر عليه البكاء بنفس الحديث. ولكن ابن عباس يريد أن يبين أن هذا الفهم يحتاج إلى تصحيح.
● بيان عائشة رضي الله عنها للصواب: بعد وفاة عمر رضي الله عنه، ذهب ابن عباس إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وسألها عن هذا الحديث، فنقضت الفهم الخاطئ تمامًا وأكدت على أمرين عظيمين:
1- التفصيل في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل إن المؤمن يعذب ببكاء أهله، وإنما هذا خاص بالكافر فقط، حيث يزيد الله من عذابه بسبب بكاء أهله عليه.
2- الاستدلال بالقرآن: استشهدت بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164]، أي أن الإنسان لا يحمل ذنب غيره، فكيف يعذب المؤمن ببكاء أهله وهو ليس من ذنبه؟!
● ختم ابن عباس: يؤكد كلام عائشة بقوله: «والله هو أضحك وأبكى» [النجم: 43]، أي أن البكاء emotion طبيعي من الإنسان ولا حرج فيه ما دام ليس فيه نياحة أوندب محرم.
● الصحابة يتناقلون العلم ويتواصون بالحق: نلاحظ في القصة كيف أن ابن عباس وهو من صغار الصحابة صحح لكبارهم (ابن عمر)، وكيف أن الجميع قبلوا الحق عندما تبين، وهذا من أدب الصحابة رضي الله عنهم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- البكاء الطبيعي على الميت جائز لا حرج فيه: وهو من رحمة الله في قلوب عباده، ولم ينكره الإسلام، بل النبي صلى الله عليه وسلم بكى عندما مات ابنه إبراهيم.
2- تحريم النياحة والندب: وهو رفع الصوت ولطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بالويل والثبور، وهذا هو المحرم الذي وردت النصوص بالنهي عنه.
3- فهم النصوص في إطارها الصحيح: لا يؤخذ الحديث بمعزل عن بقية النصوص، بل يجب جمعها ورد المتشابه إلى المحكم.
4- الرد على من فهم الحديث على ظاهره: بعض الناس قد يستدل بهذا الحديث على تعذيب الميت ببكاء أهله مطلقًا، وهذا خطأ، والصواب ما بينته عائشة رضي الله عنها من التخصيص للكافر فقط.
5- أهمية الرجوع إلى العلماء والفهماء: كما رجع ابن عباس إلى عائشة ليفهم الحديث correctly.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل في بيان أن الكافر يزيد عذابه في قبره بسبب بكاء أهله عليه وتأسفهم على فقده، أما المؤمن فلا يعذب بذنب غيره.
- البكاء من غير نياحة لا يؤذي الميت المؤمن بل هو رحمة وفضل من الله.
- استدلال عائشة رضي الله عنها بالقرآن يعلمنا كيف كان الصحابة يردون المتشابه من الحديث بالمحكم من القرآن.
أسأل الله أن يرزقنا الفهم الصحيح في الدين، وأن يتوفانا وهو راض عنا. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الجنائز (١٢٨٦، ١٢٨٧، ١٢٨٨)، ومسلم في الجنائز (٩٢٨) كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة فذكر الحديث بمثله واللفظ للبخاري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 214 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

  • 📜 حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب