حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الجماعة يصلون على الجنازة أرْسالًا
صحيح: رواه البيهقي (٤/ ٣٠) من طريق يونس بن بكير، عن سلمة بن نُبيط، عن أبيه نُبيط بن شريط الأشجعي، عن سالم بن عبيد فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبيل الذي يروي جانبًا من أحداث اليوم الأليم، يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيفية تعامل الصحابة الكرام مع هذه المصيبة العظيمة، بقيادة الصديق أبي بكر رضي الله عنه.
الحديث:
عن سالم بن عبيد -وكان من أصحاب الصفة- قال: دخل أبو بكر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين مات، ثم خرج، فقيل له: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: نعم، فعلموا أنه كما قال، وقيل: ويصلي عليه، وكيف يصلى عليه؟ قال: يجيئون عصبًا عصبًا فيصلون، فعلموا أنه كما قال، فقالوا: هل يُدفن؟ وأين؟ فقال: حيث قبض الله روحه، فإنه لم يقبض الله روحه إلا في مكان طيب، فعلموا أنه كما قال.
1. شرح المفردات:
● سالم بن عبيد: صحابي جليل، كان من أصحاب الصفة، وهم فقراء الصحابة الذين كانوا يقيمون في صفة (ظلة) في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
● عصبًا عصبًا: أي جماعات جماعات، أو فرقًا فرقًا.
● حيث قبض الله روحه: أي في المكان الذي توفي فيه.
● مكان طيب: مكان مبارك طاهر.
2. شرح الحديث:
يصف هذا الحديث المشهد العظيم ليوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف تصرف سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحكمة وربانية، حيث:
● دخول أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:
دخل سيدنا أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قُبضت روحه الطاهرة، فرآه وتأكد من وفاته، ثم خرج ليخبر الصحابة.
● إخباره بالوفاة:
عندما سُئل: "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟" أجاب بنعم، فاطمأن الصحابة إلى قوله؛ لأنه كان صادقًا موثوقًا به.
● كيفية الصلاة عليه:
سأل الصحابة: كيف نصلي عليه؟ فأجابهم أبو بكر رضي الله عنه بأن يأتوا جماعات جماعات (عصبًا عصبًا) فيصلوا عليه دون إمام واحد يؤمهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام، ولا يُصلى عليه بإمام واحد، بل كل جماعة تصلي منفردة.
● مكان الدفن:
سألوا: أين يدفن؟ فأجاب: في المكان الذي توفي فيه (حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها)، لأنه مكان طيب مبارك، حيث قُبضت روحه الطاهرة.
3. الدروس المستفادة:
1- الحكمة والربانية في القيادة:
يظهر من تصرف أبي بكر رضي الله عنه حكمته وربانيته في التعامل مع الموقف العصيب، حيث كان هادئًا وحازمًا في نفس الوقت.
2- الثقة في قادة الخير:
الصحابة رضوان الله عليهم وثقوا بأبي بكر لأنه معروف بالصدق والحكمة، فلم يشككوا في قوله.
3- كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
استنبط أبو بكر رضي الله عنه كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأن تكون جماعات منفصلة، لأن النبي هو الإمام ولا يُؤم في الصلاة عليه.
4- تقدير مكان النبي صلى الله عليه وسلم:
اختيار مكان دفنه حيث توفي يدل على تعظيم مكانته وتكريم مواضع نزول الوحي ووفاته.
5- الاستسلام لحكمة الله:
قول أبي بكر: "فإنه لم يقبض الله روحه إلا في مكان طيب" يعلمنا أن نثق في حكمة الله تعالى وأن كل ما يقدره الله هو خير.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- موقف أبي بكر رضي الله عنه هذا كان بعد خطبته المشهورة التي قال فيها: "أما بعد، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144].
- دفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث مات، وهي الآن داخل المسجد النبوي الشريف.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا حب النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأخرجه الترمذي في «الشمائل» (٣٧٩)، وابن ماجه (١٢٣٤)، والطبراني في «الكبير» (٧/ ٦٤) كلهم من طرق، عن سلمة بن كهيل، في قصة طويلة ستأتي في موضعها، ومضى بعضها في كتاب الصلاة.
وإسناده صحيح كما قال البوصيري في زوائد ابن ماجه.
قال ابن عباس: لما صُلِّي على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أُدخل الرجال فصلوا عليه بغير إمام أرسالًا حتى فرغوا، ثم أُدخل النساء فصلين عليه، ثم أدخل الصيان فصلوا عليه، ثم أُدخل العبيد فصلوا عليه أرسالًا، لم يؤمهم على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أحد.
قال الشافعي: وذلك لعظم أمر رسول الله -صلي الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي، وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد، وصلوا عليه مرة بعد مرة، ذكره البيهقي.
قال الأعظمي: حديث ابن عباس رواه ابن ماجه (١٦٢٨) عن نصر بن علي الجهضمي، قال: أنبأنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس في سياق طويل وهذا نصه: لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله -صلي الله عليه وسلم- بعثوا إلى أبي عبيدة بن الجراح، وكان يضرح كضريح أهل مكة، وبعثوا إلى أبي طلحة، وكان هو الذي يحفر لأهل المدينة، وكان يُلحد، فبعثوا إليهما رسولَين، فقالوا: اللهم! خِرْ لرسولك، فوجدوا أبا طلحة فجيء به، ولم يوجد أبو عبيدة، فلحد لرسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
قال: فلما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء، وُضِع على سريره في بيته، ثم دخل الناس على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أَرسالًا، يُصلون عليه، حتى إذا فرغوا أَدخلوا النساء، حتى إذا فرغوا أَدخلوا الصبيان، ولم يَؤُمَّ الناس على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أحدٌ.
لقد اختلف المسلمون في المكان الذي يُحفر له، فقال قائلون: يُدْفَنُ في مسجده، وقال قائلون: يُدفَنُ مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعتُ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول: «ما قُبضَ نبيٌّ إلا دُفِنَ حيث يُقْبَضُ» قال، فرفعوا فراش رسول الله -صلي الله عليه وسلم- الذي توفي عليه، فحفروا له، ثُمَّ دُفِنَ ﷺ وسط الليل من ليلة الأربعاء، ونزل في حُفْرَتِه علي بن أبي طالب، والفضل بن العباس، وقُثَم أخُوه، وشُقْران مولى رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وقال أوس بن خَوْلي، وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب: أنْشُدُكَ الله وحظَّنا من رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، قال له علي: انْزِلْ، وكان شُقْرانُ مولاه، أخذ قطيفةً كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يلبسُها، فدَفَنها في القبُر وقال: والله! لا يلبَسُها أحدٌ بعدَكَ أبدًا، فدُفِنَتْ مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
هذا الحديث رُوي من أوجه كثيرة كما سيأتي تخريجها كاملا في سيرة النبي -صلي الله عليه وسلم- العطرة.
وخلاصته أنه حسن، وعمل به الصحابةُ رضوان الله عليهم، ولم يخالفْه أحدٌ فصار كالإجماع.
وأما صلاة الناس على النبي -صلي الله عليه وسلم- أفرادًا فمجتمع عليه عند أهل السير، وأهل النقل فإنهم لا يختلفون فيه كما قال الحافظ ابن عبد البر. انظر «التمهيد» (٢٤/ ٣٩٤ - ٤٠٢).
وقد قيل: بلغ المصلون على النبي -صلي الله عليه وسلم- ثلاثين ألفًا.
وأما ما رُوي عن ابن مسعود في وصية النبي -صلي الله عليه وسلم- أن يغسله رجال أهل بيته، وأنه قال: كفِّنوني في ثيابي هذا، أو في يمانية، أو بياض مصر، وأنه إذا كفَّنوه يضعونه على شفر قبره، ثم يخرجون عنه حتى تُصلي عليه الملائكة، ثم يدخل عليه رجال أهل بيته فيصلون عليه، ثم الناس بعدهم فرادي، الحديث بتمامه سيأتي في موضعه.
رواه البيهقي والبزار من حديث مرة، عن ابن مسعود، قال الحافظ ابن كثير في «تاريخه» (٥/ ٢٦٥): «في صحته نظر».
فقه هذا الباب:
استدل أهل العلم بصلاة الصحابة على النبي -صلي الله عليه وسلم- أرسالًا وفرادى بأنه يسقط الفرض لو صلوا على جنازة فرادي لإجماع الصحابة على ذلك، ولكن السنة أن تُصلى بالجماعة لمواظبة النبي -صلي الله عليه وسلم- طيلة حياته، والصحابة بعده والمسلمون.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 335 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 310 من مشى مع الجنازة حتى تدفن فله قيراطان مثل أحد
- 311 إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي ولا تجعلوا في لحدي شيئا...
- 312 لا تزال أمتي في مسكة من دينها ما لم يكلوا...
- 313 أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه
- 314 إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم
- 315 خلُّوا فوالذي أكرم وجه أبي القاسم لقد رأيتنا مع رسول...
- 316 الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها
- 317 ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
- 318 الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهم يمشون
- 319 نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا
- 320 تقدم فلولا أنها السنة ما قدمتك
- 321 ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء
- 322 صلاة النبي على المرأة التي ماتت في نفاسها
- 323 صلاة النبي على الجنازة: الرجل عند رأسه والمرأة عند وسطها
- 324 صلاة الجنائز: وضع الرجال قرب الإمام والنساء عند القبلة.
- 325 الغلام مما يلي الإمام في الجنازة هذه السنة
- 326 لا تصلوا على الجنازة بين القبور
- 327 ما صلي رسول الله على سهيل ابن بيضاء إلا في...
- 328 رجم اليهودي واليهودية عند مسجد النبي
- 329 صلى النبي على النجاشي في المصلى وكبر أربعًا
- 330 مات رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه
- 331 صلى النبي على الحبش وصففنا خلفه
- 332 متى دفن هذا أفلا آذنتموني
- 333 دعوة رسول الله للصلاة على عمير بن أبي طلحة في...
- 334 كيف نصلي على رسول الله عند وفاته
- 335 حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان...
- 336 صلى النبي على النجاشي وكبر أربعًا
- 337 نعى رسول الله ﷺ النجاشي وصلى عليه أربع تكبيرات
- 338 التكبير أربعًا على الجنازة وحثو التراب من قبل الرأس ثلاثًا.
- 339 صلاة الغائب على النجاشي بأربع تكبيرات
- 340 النبي ﷺ يصلي على قبر منبوذ ويكبر أربعًا
- 341 ألا آذنتموني بها فإن صلاتي عليه رحمة
- 342 صلى النبي ﷺ على امرأة ماتت بعد العتمة
- 343 يكبر على الجنازة أربعًا
- 344 التكبير على الجنازة أربعًا أو خمسًا.
- 345 يرفع يديه في أول تكبيرة على الجنازة
- 346 قراءة الفاتحة على الجنازة سنة
- 347 يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة
- 348 إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء
- 349 اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله
- 350 اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا...
- 351 إن كان محسنا فزده في إحسانه، وإن كان مسيئا فاغفر...
- 352 اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
- 353 اللهم عبدك وابن أمتك احتاج إلى رحمتك
- 354 الإمام يكبر ثم يصلي على النبي ويخلص الصلاة في التكبيرات...
- 355 صلاة الجنازة أربع تكبيرات وتسليمة واحدة
- 356 التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة
- 357 السِّقط يصلي عليه، ويُدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة
- 358 مات اليوم رجل صالح فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة
- 359 خرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبَّر أربع تكبيرات
معلومات عن حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
📜 حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان طيب
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








