حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الركوب عند الانصرف
وفي رواية: صلَّى رسولُ الله -صلي الله عليه وسلم- على ابن الدحْداح، ثم أُتي بفرس عُرْي فعقله رجل فركبه، فجعل يتوقَّص به، ونحن نَتَّبِعه نَسْعي خلفه، قال: فقال رجل من القوم: إن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- قال: «كم من عِذْقٍ معلقٍ (أو مُدَلّي) في الجنة لابن الدحْداح». أو قال شعبة: «لأبي الدحْداح».
وفي رواية: أن النبيّ -صلي الله عليه وسلم- اتبع جنازة أبي الدحْداح ماشيًا، ورجع على فرس.
صحيح: رواه مسلم في الجنائز (٩٦٥) من طرق عن وكيع، عن مالك بن مِغْولٍ، عن سماك بن حربٍ، عن جابر بن سمرة، قال فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين. هذا حديث عظيم فيه موعظة بليغة وقصة مؤثرة، سأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله ثم بكتب أهل العلم المعتمدة.
أولاً. شرح المفردات:
● مُعْرَوْرًى / عُرْي: الفرس الذي ليس عليه سرج ولا لجام، أي هو عاري من أدوات الركوب المعتادة.
● ابن الدَّحْدَاح / أبي الدَّحْدَاح: هو صحابي جليل من الأنصار، اسمه ثابت بن الدحداح، وقيل: عمرو بن الدحداح، وكان من السابقين إلى الإسلام.
● يَتَوَقَّصُ به: أي يقفز ويركض بسرعة وخفّة.
● نَسْعَى خَلْفَهُ: أي نمشي مشياً سريعاً.
● عِذْقٌ مُعَلَّقٌ (أو مُدَلٍّ): العذق هو الغصن المليء بالتمر من النخلة، والمعلق أو المدلي هو المعلّق في الجنة الذي ينعم به المؤمن.
ثانياً. شرح الحديث:
يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن سمرة -رضي الله عنه- عن موقف مؤثر بعد دفن ابن الدحداح. فقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا الصحابي وشارك في جنازته مشياً على الأقدام، تكريماً له وتأدباً مع الموتى.
وبعد انصرافه من الجنازة، أُتي له بفرس غير مسرج (ليس عليه سرج) فركبه، وجعل يسير به مسرعاً قافزاً (يتوقص)، بينما كان الصحابة يمشون حوله أو خلفه مسرعين ليواكبوه.
وفي أثناء ذلك، بلغ القوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال عن ابن الدحداح: «كم من عِذْقٍ مُعَلَّقٍ في الجنة لابن الدحداح»، أي كم من نخلة مثقلة بالتمر، مُعلَّقة في الجنة، قد أعدها الله ثواباً لهذا الصحابي على عمله الصالح.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله:
اشتهر عن أبي الدحداح -رضي الله عنه- أنه كان من كرماء الصحابة ومنفقين في الخير. وروى أهل السير أنه لما نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245]، تصدق ببستانه كاملاً في سبيل الله. فلم يكن تعليق العذق في الجنة إلا جزاءً على إنفاقه وعطائه.
2- المشي في الجنازة من كمال التكريم:
مشي النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة ابن الدحداح يدل على فضل هذا الصحابي، وعلى استحباب المشي مع الجنائز تأدباً واحتراماً للميت.
3- جواز الركوب بعد المشي في الجنازة:
وهذا من رحمة الإسلام ويسره، فلا بأس أن يرجع الإنسان راكباً بعد أن مشى مع الجنازة، خاصة إذا كان هناك مشقة أو حاجة.
4- البشرى للمؤمنين بالجنة ونعيمها:
الحديث يذكرنا بنعيم الجنة وحقيقة الجزاء الحسن، وأن الأعمال الصالحة –كالصدقة– هي سبب لدخول الجنة والرفعة فيها.
5- تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم-:
حيث شارك أصحابه المشي أولاً، ثم ركب بعد ذلك دون تكبّر، مما يعلّمنا خلق التواضع وخفض الجناح للمؤمنين.
رابعاً. معلومات إضافية:
● الرواة والتصحيح:
الحديث رواه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني وغيره.
● العبرة من قصة أبي الدحداح:
كان هذا الصحابي مثالاً رائعاً في الاستجابة السريعة لنداء الله، وقد ضرب المثل في الكرم والتضحية، حتى صار اسمه يذكر حينما يُذكر السخاء والإنفاق.
● الحديث يدعو للتفاؤل:
فحتى في لحظات الفراق والأسى، يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبشرى والجنة، مما يخفف المصيبة ويربط القلوب بالآخرة.
أسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يوفقنا للصدقة والإحسان، وأن يرزقنا حسن الختام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
والرواية الثانية أيضًا عنده من وجه آخر عن محمد بن جعفر، عن شعبة عن سماك به مثله.
والرواية الثالثة عند الترمذي (١٠١٤) من وجه آخر عن أبي قتيبة، عن الجرَّاح، عن سماك به مثله. قال الترمذي: «حسن صحيح».
وقوله: «بفرس مُعْرَوْرًى» وفي لفظ «بفرس عُريٍ» أي لا سرج عليه، يقال: فرس عُري، وقيل أعراء، وقد اعروري فرسه: إذا ركبه عُريا، ولا يقال: رجل عُري، ولكن عُريان.
قال القرطبي: ورواية من روي «بفرس معرور» لا وجه لها.
وقوله: «يتوقص» يتثني ويقارب الخطو.
وقوله: «كم من عِذْقٍ معلق في الجنة لابن الدحْداح» العِذق بالكسر -العرجون، وبالفتح: النخلة. والدحْداح: الرجل القصير دون الربعة.
وقال شعبة: أبو الدحداح، وقال غيره: ابن الدحداح، وإنما قال النبي -صلي الله عليه وسلم- له ذلك القول لقصة جرتْ، وهي: أن يتيمًا خاصم أبا لُبابة في نخلةٍ فبكى الغلام، فقال له النبي -صلي الله عليه وسلم-: «أعطه إياها، ولك بها عِذْق في الجنة» قال: لا. فسمع ذلك ابن الدحْداح فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له، ثم قال للنبي -صلي الله عليه وسلم-: ألي بها إن أعطيتُ اليتيم إياها عِذْق في الجنة؟ قال: «نعْم» فلما قبل ذلك قال له النبي -صلي الله عليه وسلم- هذا الكلام. ورُوي غير ذلك. انظر «المفهم» (٢/ ٦٢٣).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 317 من أصل 541 حديثاً له شرح
- 292 مرّ رسول الله ﷺ بجنازة فقام
- 293 قوموا إذا رأيتم الجنازة
- 294 ما رأينا رسول الله شهد جنازة قط فجلس حتى توضع
- 295 إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا
- 296 أليست نفسًا؟
- 297 إن للموت فزعًا
- 298 قمنا للملائكة
- 299 قام رسول الله ﷺ ثم قعد في الجنازة.
- 300 قام الحسن للجنازة ولم يقم ابن عباس
- 301 من لم يحفر اللحد بعد فجلس النبي ﷺ مستقبل القبلة
- 302 اتبعوا الجنائز، وعودوا المريض، وأجيبوا الداعي
- 303 رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس
- 304 من تبع جنازة فله قيراط من الأجر
- 305 من شهد الجنازة حتى تدفن فله قيراطان مثل الجبلين
- 306 من اتبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا حتى يدفنها
- 307 من صلى على الجنازة وتبعها كان له قيراطان مثل أحد
- 308 من صلى على جنازة فله قيراط
- 309 من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط
- 310 من مشى مع الجنازة حتى تدفن فله قيراطان مثل أحد
- 311 إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي ولا تجعلوا في لحدي شيئا...
- 312 لا تزال أمتي في مسكة من دينها ما لم يكلوا...
- 313 أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه
- 314 إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم
- 315 خلُّوا فوالذي أكرم وجه أبي القاسم لقد رأيتنا مع رسول...
- 316 الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها
- 317 ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
- 318 الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهم يمشون
- 319 نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا
- 320 تقدم فلولا أنها السنة ما قدمتك
- 321 ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء
- 322 صلاة النبي على المرأة التي ماتت في نفاسها
- 323 صلاة النبي على الجنازة: الرجل عند رأسه والمرأة عند وسطها
- 324 صلاة الجنائز: وضع الرجال قرب الإمام والنساء عند القبلة.
- 325 الغلام مما يلي الإمام في الجنازة هذه السنة
- 326 لا تصلوا على الجنازة بين القبور
- 327 ما صلي رسول الله على سهيل ابن بيضاء إلا في...
- 328 رجم اليهودي واليهودية عند مسجد النبي
- 329 صلى النبي على النجاشي في المصلى وكبر أربعًا
- 330 مات رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه
- 331 صلى النبي على الحبش وصففنا خلفه
- 332 متى دفن هذا أفلا آذنتموني
- 333 دعوة رسول الله للصلاة على عمير بن أبي طلحة في...
- 334 كيف نصلي على رسول الله عند وفاته
- 335 حيث قبض الله روحه فإنه لم يقبضها إلا في مكان...
- 336 صلى النبي على النجاشي وكبر أربعًا
- 337 نعى رسول الله ﷺ النجاشي وصلى عليه أربع تكبيرات
- 338 التكبير أربعًا على الجنازة وحثو التراب من قبل الرأس ثلاثًا.
- 339 صلاة الغائب على النجاشي بأربع تكبيرات
- 340 النبي ﷺ يصلي على قبر منبوذ ويكبر أربعًا
- 341 ألا آذنتموني بها فإن صلاتي عليه رحمة
معلومات عن حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
📜 حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ركوب النبي فرسًا معرورًا بعد جنازة ابن الدحداح
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








