يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

عن أبي إسحاق قال: أوصى الحارث أن يُصَلِّي عليه عبد الله بن زيد، فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر. وقال: «هذا من السنة».

صحيح: رواه أبو داود (٣٢١١) عن عبيدالله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فهذا حديثٌ فيه بيانٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية إدخال الميت إلى قبره. وسأشرحه لكم وفق الخطوات التالية:
### أولاً. تخريج الحديث ومصدره
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام البخاري في *الأدب المفرد*، والإمام أبو داود في سننه، والإمام الترمذي في جامعه، والإمام ابن ماجه في سننه، والإمام النسائي في سننه الكبرى، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
### ثانياً. شرح المفردات
● أوصى الحارث: أي طلب الحارث (وهو الحارث الهمداني، تابعي جليل) في وصيته.
● أن يُصَلِّي عليه عبد الله بن زيد: أي أن يتولى الصلاة عليه عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه، وهو الذي أُري منام الأذان.
● فصلى عليه: أي صلى عبد الله بن زيد صلاة الجنازة على الحارث.
● ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر: أي عند الدفن، أدخل جسد الميت (الحارث) إلى القبر من جهة موضع الرجلين في القبر، وليس من جهة الرأس.
● وقال: «هذا من السنة»: أي علل عبد الله بن زيد فعله هذا بأنه اتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يخبرنا التابعي الجليل أبو إسحاق السبيعي أن الحارث الهمداني أوصى أن يصلي عليه الصحابي عبد الله بن زيد رضي الله عنه، ففعل ذلك. ثم عند الدفن، قام عبد الله بن زيد بإدخال جسد الحارث إلى قبره من ناحية موضع القدمين (أي من جهة أسفل القبر)، لا من ناحية الرأس. ولما قد يستغرب الناس هذا الفعل، بين لهم أن هذا الفعل ليس بدعة أو أمراً مبتدعاً، بل هو سنةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية إنزال الميت إلى قبره.
وهذا يدل على حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء، حتى في أدق细节 الجنائز، ونقلها للأجيال التي بعدهم.
### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في المسألة
1- مشروعية إدخال الميت من مؤخرة القبر (جهة الرجلين): هذا هو الهيئة المستحبة والسنة عند إنزال الميت في قبره، وهو ما عليه عمل جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة. وهذا أرفق بالميت وأكرم له.
2- بيان كمال الشريعة: الشريعة الإسلامية جاءت ببيان كل شيء، حتى آداب التعامل مع الميت بعد موته، مما يدل على كمالها وشمولها.
3- وجوب اتباع السنة: قول عبد الله بن زيد رضي الله عنه: «هذا من السنة» تربية عملية على أن كل فعل نفعله في العبادة يجب أن يكون له أصل في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وندرة الأفعال البدعية.
4- حرص السلف على تعليم السنة: لم يكتف الصحابي بفعل السنة، بل نطق بها ليعلمها الناس وينشرها بينهم.
5- استحباب توجيه الوصية بما يوافق السنة: وصية الحارث بأن يصلي عليه عبد الله بن زيد – وهو من الصحابة العباد – تدل على حرصه على أن تتم أموره على الوجه الشرعي الموافق للسنة.

خامساً:

حكم المسألة الفقهية
ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى استحباب إدخال الميت إلى قبره من جهة رجليه، وهو مذهب الإمام أحمد. واستدلوا بهذا الحديث وغيره.
بينما ذهب الحنفية إلى أنه يدفن من جهة القبلة (أي يدخل من جهة رجليه إذا كان القبر شمال القبلة، أو العكس). والأخذ بقول الجمهور أولى لصحة الحديث ووضوحه.

سادساً:

معلومات إضافية
- هذا الفعل (الإدخال من جهة الرجلين) يكون في القبر اللحد (وهو الشق في جانب القبر جهة القبلة). أما إذا كان القبر شقاً في الأرض (أي من وسطه)، فيمكن إنزاله من أي جهة.
- المقصود بـ «السنة» في قوله: السنة العملية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي رأها عبد الله بن زيد منه صلى الله عليه وسلم أو علمها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٢١١) عن عبيدالله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق فذكره.
ورواه البيهقي (٤/ ٥٤) من طريق أبي داود وقال: «هذا إسناد صحيح، وقد قال: هذا من السنة فصار كالمسند، وروينا هذا القول عن ابن عمر وأنس بن مالك». انتهى كلامه.
قال الأعظمي: وأما أثر أنس بن مالك فهو ما رواه محمد بن سيرين قال: كنت مع أنس في جنازة، فأمر بالميت، فُسُلّ من قبل رجل القبر، رواه الإمام أحمد (٤٠٨١) عن عبد الأعلى، حدثنا خالد، عن محمد بن سيرين فذكره.
قال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٤٣): «رواه أحمد ورجاله ثقات».
قال الأعظمي: وهو كما قال، خالد هو: ابن مهران الحذاء.
وهذا هو الصحيح بأن الميت بوضع رأسه عند رجل القبر، ثم يُسَلّ سلا، وهو المعروف عن جمهور الصحابة، وهو عمل المهاجرين والأنصار بمكة والمدينة، كذلك رواه الشافعي في الأم، وغيرُه من العلماء عن أهل مكة والمدينة من الصحابة، ومن بعدهم، وهم بأمور رسول الله ﷺ أعلم من غيرهم، قاله النووي في «المجموع» (٥/ ٢٩٤).
واستشهد البيهقي بحديث عمران بن موسى بأن النبي ﷺ سُلّ من قبل رأسه، وكذلك من حديث ابن عباس مثله.
قال البيهقي: قال الشافعي: أنبأنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر: لا
اختلاف بينهم في ذلك أن رسول الله ﷺ سُل من قبل رأسه، وأبو بكر وعمر».
قال البيهقي: «هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز».
ولكن تعقبه ابن التركماني فقال: حديث عمران بن موسى فيه أمران، أحدهما: أنه معضل من جهة عمران هذا. الثاني: أن الشافعي رواه عن مسلم الزنجي وغيره، ومسلم ضعَّفه النسائي، وقال أبو زرعة والبخاري: «منكر الحديث»، وقال ابن المديني: «ليس بشيء»، والغير الذي قرنه الشافعي بالزنجي «مجهول»، وحديث ابن عباس قال فيه الشافعي: «أنبأنا الثقة» -قال ابن التركماني: مشهور عند أهل هذا الشأن أن قولهم: «أخبرنا الثقة» ليس بتوثيق، وفيه عمر بن عطاء ضعَّفه يحيي والنسائي، قال مرة: «ليس بشيء». انتهى.
وقال أبو حنيفة: «يوضع عرضا من ناحية القبلة، ثم يدخل معترضًا»، ورُوي فيه حديث ابن عباس وهو ضعيف، انظر باب الدفن في الليل، وحديث بريدة قال: أدخل النبي ﷺ من قبل القبلة، وأُلحد له لحدًا، ونصب عليه اللبن نصبًا، رواه البيهقي (٤/ ٥٤ - ٥٥) من طريق يحيي بن عبد الحميد، ثنا أبو بردة في منزله، ثنا علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه فذكره.
قال البيهقي: أبو بردة هو: عمرو بن يزيد التميمي الكوفي، وهو ضعيف في الحديث، ضعَّفه يحيى بن معين وغيره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 412 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

📜 حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يُدْخَلُ المَيِّتُ القَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِهِ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية