حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء أنّ يد اللَّه ملآى
متفق عليه: رواه البخاريّ في التوحيد (٧٤١١) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُعْلِقُ قلب المؤمن بخالقه، وتُقَوِّي فيه حسن الظن بالله تعالى، وتُزيلُ عنه وساوس البخل والشح.
أولاً. شرح المفردات:
● يد اللَّه: المراد بها هنا صفة من صفات الله تعالى الذاتية، تليق بجلاله وعظمته، لا تشبهها أيدي المخلوقين، نؤمن بها على الوجه الذي أراده الله دون تكييف أو تمثيل.
● ملآى: مملوءة، أي مليئة بالخير والرزق والعطاء.
● لا يَغِيظُها نفقةٌ: لا تنقصها، ولا تُقللها، ولا تُغيظها (بمعنى تغضبها أو تنقصها) الإنفاق.
● سحَّاءُ: من السَّحِّ، وهو الإنفاق الكثير المستمر بسهولة وسخاء، كالمطر الذي يسحب بكثرة.
● لم يَغِضْ: لم ينقص.
● عرشُه على الماء: هذا إخبار عن بدء الخلق، حيث كان العرش والماء موجودين قبل خلق السماوات والأرض.
● بيده الأخرى الميزان: إثبات لليد الأخرى لله تعالى، وكما قلنا في اليد الأولى، نثبتها لله على وجه يليق بجلاله دون تشبيه.
● يخفضُ ويرفع: أي يخفض الميزان (يقليل الرزق لقوم) ويرفعه (يكثره لقوم) بحكمته البالغة.
ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن سعة عطاء الله تعالى وكرمه الذي لا ينفد، فيقول:
إن يد الله -سبحانه- ممتلئة بالخير والرزق والبركات على الدوام، لا ينقصها ولا يؤثر عليها إنفاقه المتوالي السخي، ليلاً ونهاراً، منذ بدء الخليقة إلى قيام الساعة. بل إن كل ما أنفقه الله على خلقه منذ خلق السماوات والأرض لم يُنقِصْ مما عنده شيئاً، كما أن كرمه وعطاءه مستمر. ويذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم حالة الكون قبل الخلق، حيث كان عرش الله قائماً على الماء، وفي يده الأخرى ميزان الأرزاق والأقدار، يوزع بها بين خلقه، فيعطي من يشاء بقدر ويمنع من يشاء بحكمة، فلا يظلم أحداً.
ثالثاً. الدروس المستفادة منه:
1- إثبات صفة اليدين لله تعالى: من صفات الله الذاتية التي نؤمن بها كما جاءت دون تحريف أو تعطيل أو تكييف أو تمثيل.
2- سعة كرم الله وعطائه: فخزائن الله لا تنفد، ورزقه لا ينقطع، وهو الكريم الوهاب.
3- حسن الظن بالله: هذا الحديث يغرس في قلب المؤمن الثقة بالله والطمع في كرمه، فلا ييأس من رزق الله أو فضله.
4- الحث على الإنفاق والسخاء: إذا كان الله – وهو الملك الحق – لا ينقصه ما ينفقه، فكيف يبخل الإنسان وهو الفقير الذي يرزقه الله؟ فليقتد العبد بربه في السخاء والعطاء.
5- التذكير بعظمة الله وقدرته: الإشارة إلى عرش الله على الماء قبل الخلق تذكر بعظمة الخالق وقدرته المطلقة على تدبير الأمور.
6- الإيمان بالقدر: أن أرزاق العباد وآجالهم وأقدارهم كلها بيد الله، يرفع ويخفض بحكمته العدل.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث جزء من حديث أطول رواه البخاري ومسلم، وهو من الأحاديث التي تُعرف بـ "أحاديث الصفات"، وواجبنا فيها الإيمان والتسليم دون الخوض في "الكيفية".
- قوله: (بيده الأخرى الميزان) لا يعني أن الله يحتاج إلى يَدين، بل هو إثبات للصفة كما يليق بجلاله، فالله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
- فيه رد على من يتوهم أن الإنفاق أو كثرة العطاء قد تنقص من ملك الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
أسأل الله أن يرزقنا حسن الظن به، والاستزادة من كرمه وجوده، وأن يجعلنا من المسارعين في الخيرات المنفقين في سبيله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه مسلم في الزّكاة (٩٩٣) من وجهين عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزّناد، عن أبي هريرة، وفيه: «قال اللَّه تبارك وتعالى: يا ابن آدم أَنْفق أُنْفق عليك». وقال: «يمين اللَّه ملآى سحاء لا يغيضها شيءٌ اللَّيل والنَّهار».
ومن طريق همَّام بن منبه، عن أبي هريرة، وفيه: «إنّ اللَّه قال لي: أَنفق أُنفق عليك». وقال رسول اللَّه ﷺ: «يمين اللَّه ملآى لا يغيضها سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مُذ خلق السماء والأرض، فإنه لم يَغِضْ ما في يمينه». قال: «وعرشه على الماء، وبيده الأخرى القبض، يرفع ويخفض».
ومن هذا الطّريق رواه أيضًا البخاريّ (٧٤١٩).
وقوله: «سحّاء» بالمدّ على وزن فعلاء.
قال النوويّ: «جاءت هذه اللفظة على وجهين: أحدهما»سحًّا«بالتنوين على المصدر وهو الأصح الأشهر. والثاني: «سحَّاء«بالمد».
قال ابن الأثير في «النهاية» أي دائمة الصّب والهطل بالعطاء، يقال: سحَّ يسُحُّ سَحًّا فهو ساحٌّ.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 327 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 302 رأيت رسول الله يقرأها ويضع إصبعيه
- 303 الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات
- 304 يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك
- 305 يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة
- 306 احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى
- 307 غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها
- 308 آدم الذي خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته
- 309 يأخذ الله سماواته وأرضيه بيديه فيقول: أنا الله
- 310 الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السماوات بيمينه
- 311 أنا الملك، أين ملوك الأرض؟
- 312 المقسطين عند الله على منابر من نور
- 313 تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة
- 314 أنفق أُنفق عليك يمين الله ملآى سخاء لا يغيضها شيء
- 315 يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه
- 316 يبسط الله يده بالليل ليتوب مسيء النهار
- 317 اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة
- 318 الصدقة من كسب طيب تربيها الرحمن حتى تعود مثل الجبل
- 319 يُمسك السماوات يوم القيامة على إصبع
- 320 النبي ﷺ يقول لليهودي: "يا يهودي! حدثنا"
- 321 قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن
- 322 ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن
- 323 يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
- 324 نسأل اللَّه ربَّنا أن لا يُزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا
- 325 إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يُزيغه أزاغه
- 326 قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن
- 327 يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
- 328 يدُ اللَّه فوق يد المعطيّ، ويدُ المُعطِي فوق يد المعطَى
- 329 اليد العليا هي يد الله والمعطي أوسطها والسائل آخرهن
- 330 حتى يضع رب العزّة فيها قدمه فتقول قط قط
- 331 لا تزال جهنم تقول هل من مزيد
- 332 أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي
- 333 احتجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين
- 334 فيمثل لصاحب الصليب صليبه، ولصاحب التصاوير تصاويره، ولصاحب النار ناره
- 335 رجل وثور تحت رجل يمينه والنّسر للأخرى وليث مرصَّد
- 336 يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة
- 337 يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون
- 338 يكشف الله عن ساقه فيخر المؤمنون سجدا
- 339 هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قالوا: لا يا...
- 340 إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي
- 341 إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا
- 342 ضحك ربنا من رجلين، قتل أحدهما صاحبه، وكلاهما في الجنة
- 343 فلا يزال يدعو اللَّه حتى يضحك اللَّه منه
- 344 أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟
- 345 فيتجلى لهم يضحك
- 346 إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق ويضحك أحسن الضحك
- 347 أي الشهداء أفضل؟ الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون...
- 348 لن نعدم من رب يضحك خيرا
- 349 عجب الله من عبده أنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب...
- 350 عجب اللَّه من قوم يدخلون الجنة في السلاسل
- 351 إذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفيء السراج
معلومات عن حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
📜 حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يد الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








