حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب دعاء الإمام لمن أتي بصدقته

عن وائل بن حجر، أَنَّ النَّبِيُّ ﷺ بَعَثَ سَاعِيًا، فَأَتَى رَجُلًا فَآتَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا! اللهُمَّ لَا تَبَارِكْ فِيهِ، وَلَا فِي إِبِلِهِ». فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَجَاءَ بِنَاقَةٍ حَسْنَاءَ فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ عز وجل وَإِلَى نَبِيِّهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ».

حسن: رواه النسائيّ (٢٤٥٨) عن هارون بن زيد بن يزيد -يعني ابن أبي الزّرقاء-، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، حَدَّثَنَا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، (هو كليب بن شهاب) عن وائل بن حجر، أنَّ النَّبِيّ ﷺ، قال: فذكره.

عن وائل بن حجر، أَنَّ النَّبِيُّ ﷺ بَعَثَ سَاعِيًا، فَأَتَى رَجُلًا فَآتَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا! اللهُمَّ لَا تَبَارِكْ فِيهِ، وَلَا فِي إِبِلِهِ». فَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَجَاءَ بِنَاقَةٍ حَسْنَاءَ فَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ ﷿ وَإِلَى نَبِيِّهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يبارك في علمنا وعملك.
الحديث الذي تفضلت بطلبه هو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهما، عن الصحابي الجليل وائل بن حجر رضي الله عنه.
وفيما يلي الشرح المفصل له على النحو المطلوب:


1. شرح المفردات:


● بَعَثَ سَاعِيًا: أرسل جامعًا للزكاة (المصدق).
● فَصِيلًا مَخْلُولًا: الفصيل هو ولد الناقة الذي فُصل عن أمه، أي الفطيم. و"مَخْلُولًا" من الخَلَل، أي الذي به عيب ونقص، فهو هزيل ضعيف لا خير فيه ولا نفع.
● مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ: أي الذي يصدق بآيات الله ويؤمن بها، أو العامل الذي يجمع صدقات المسلمين (زكاة أموالهم) تصديقًا لأمر الله ورسوله.
● لَا تَبَارِكْ فِيهِ: الدعاء بعدم نزول البركة والخير والزيادة في ماله وإبله.
● نَاقَةٍ حَسْنَاءَ: ناقة جميلة، سليمة من العيوب، ذات لحم ووبر.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي وائل بن حجر رضي الله عنه عن قصة عظيمة فيها عبرة، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أحد عُمَّاله (الساعي) ليجمع زكاة المسلمين من أحد القبائل.
فجاء هذا العامل إلى رجل من أهل الصدقة (أي ممن تجب عليه الزكاة)، فطلب منه حق الله في ماله. فلم يعط هذا الرجل الزكاة الواجبة بكرم ونصح، بل أعطى العامل "فصيلًا مخلولًا"، أي بعيرًا صغيرًا ضعيفًا هزيلاً، لا يساوي شيئًا، مع علمه بأنه يدفعه زكاة وعبادة لله.
فلما رجع العامل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما أعطاه ذلك الرجل، غضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا لله تعالى، لأن هذا الفعل فيه استهانة بحق الله تعالى، ومحاولة للتحايل وإعطاء الرديء من المال في عبادة عظيمة هي الزكاة. فقال صلى الله عليه وسلم معلنًا عن عظمة هذا الحق: "بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ"، أي أن هذا العامل لم يكن يجمع له شخصيًا، بل كان ينفذ أمر الله ويصدق به.
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل بقوله: "اللهُمَّ لَا تَبَارِكْ فِيهِ، وَلَا فِي إِبِلِهِ". وهذا دعاء بعدم البركة في ماله ونفسه، وهو من باب التأديب والزجر عن هذا الفعل المشين.
فلما بلغ هذا الدعاء الرجلَ، أي علم به، أفاق من غفلته وخاف من عقاب الله ودعوة النبي عليه الصلاة والسلام، فندم على ما فعل ندماً شديداً. فجاء مسرعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم "بِنَاقَةٍ حَسْنَاءَ"، أي بناقة جميلة سمينة صالحة، معترفًا بخطئه وتائبًا إلى الله تعالى قائلاً: "أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَإِلَى نَبِيِّهِ".
فلم يقابله النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبيخ أو الإعراض، بل قبل توبته ورق لحاله، ودعا له بالبركة عوضًا عن الدعاء عليه، فقال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ".


3. الدروس المستفادة منه:


1- عظمة الزكاة وجسامة أمرها: فهي حق لله تعالى في أموال الأغنياء، فلا يجوز الاستهانة بها أو إخراج الرديء منها.
2- وجوب إخلاص النية في العبادة: فإعطاء الزكاة يجب أن يكون خالصًا لوجه الله، لا للمفاخرة أو إراءة الناس، أو التخلص من الواجب بأقل التكاليف.
3- ذم إخراج الرديء في الطاعات: من أعظم آيات القرآن ذمُّ الذين يخرجون الرديء من أموالهم في الصدقة ويبخلون بالجيد، قال تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].
4- قبول التوبة: الحديث يُظهر سعة رحمة الله وقبول التوبة، فما أن تاب الرجل وأصلح حتى قبل النبي صلى الله عليه وسلم توبته ودعا له.
5- فضل الدعاء: فيه بيان قوة تأثير دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان دعاءً بالبركة أو بعدمها، وخوف الصحابة من دعوته.
6- الحرص على طلب الرضا: لم يهدأ بال الرجل حتى سارع إلى التوبة وإرضاء الله ورسوله، وهذا من علامات الإيمان.
7- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية: استعمل أسلوب الدعاء بالبركة وعدمها كوسيلة للتربية والتأديب، فكانت سببًا في إصلاح الرجل وتوبته.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل كبير في باب "إخراج الأوسط من المال في الزكاة"، فلا يخرج الرديء تعمدًا، ولا يجوز أن يخرج أجود ما عنده إلا إذا نوى التطوع والزيادة في الأجر.
- فيه دليل على أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة، لذا كان الصحابة يحرصون ألا يدعو عليهم.
- القصة برمتها هي نموذج رائع لـ
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه النسائيّ (٢٤٥٨) عن هارون بن زيد بن يزيد -يعني ابن أبي الزّرقاء-، قال: حَدَّثَنَا أبيّ، حَدَّثَنَا سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، (هو كليب بن شهاب) عن وائل بن حجر، أنَّ النَّبِيّ ﷺ، قال: فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٢٧٤)، ورواه من طريق سفيان بإسناده، مثله.
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل عاصم بن كليب، وأبيه فهما صدوقان.
وقوله: «مخلولا» أي مهزولًا، وهو الذي جعل في أنفه خلال لئلا يرضع أمه فتهزل.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا أعطيتم الزّكاة فلا تنسوا ثوابها، أن تقولوا: اللَّهُمَّ اجعله مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا». فهو ضعيف جدًّا.
رواه ابن ماجه (١٧٩٧) عن سويد بن سعيد، قال: حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن البختريّ بن عيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
والبختريّ هذا هو ابن عبيد الكلبي الشّاميّ، قال أبو حاتم: «ضعيف الحديث». وقال أبو نعيم الأصبهاني: «روي عن أبيه، عن أبي هريرة موضوعات». وقال أبو الفتح الأزدي: «كذاب ساقط». وقال الدَّارقطنيّ: «ضعيف، وأبوه مجهول». قال المزي: روى له ابن ماجة حديثين: أحدهما هذا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 204 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

  • 📜 حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: بَعَثْنَا مُصَدِّقَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنَّ فُلَانًا أَعْطَاهُ فَصِيلًا مَخْلُولًا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب