إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

عن أنس بن مالك أنه قال: أَتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ! إِنِّي ذُو مَالٍ كَثِيرٍ، وَذُو أَهْلٍ وَوَلَدٍ وَحَاضِرَةٍ، فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ أُنْفِقُ وَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِكَ، فَإِنَّهَا طُهْرَةٌ تُطَهِّرُكَ، وَتَصِلُ أَقْرِبَاءَكَ، وَتَعْرِفُ حَقَّ السَّائِلِ وَالجَارِ وَالمِسْكِينِ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَقْلِلْ لِي. قَالَ: «فَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا». فَقَالَ: حَسْبِي يَا رَسُولَ اللهِ! إِذَا أَدَّيْتُ الزَّكَاةَ إِلَى رَسُولِكَ، فَقَدْ بَرِئْتُ مِنْهَا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ إِذَا أَدَّيْتَهَا إِلَى رَسُولِي فَقَدْ بَرِئْتَ مِنْهَا، فَلَكَ أَجْرُهَا وَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٢٣٩٤) عن هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا ليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس بن مالك، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُبيّن فلسفة الزكاة في الإسلام ومقاصدها الاجتماعية والأخلاقية، رواه الإمام أحمد في مسنده، وغيره، وهو حديث صحيح.

شرح المفردات:

● ذو مال كثير: صاحب ثروة وافرة.
● ذو أهل وولد: عنده زوجة وأطفال.
● وحاضرة: يقصد بها الإبل التي تُحضر للماء أو الخير الكثير، وقيل المقصود الحاضرة أي الحَضَر (أهل المدن مقابل البادية).
● طُهْرَةٌ تُطَهِّرُكَ: تزكية وتنقية للمال ولنفس صاحبه من الشح والأنانية.
● تَصِلُ أَقْرِبَاءَكَ: تعينك على برّ أقاربك والإنفاق عليهم.
● تَعْرِفُ حَقَّ السَّائِلِ وَالجَارِ وَالمِسْكِينِ: تُذكّرك بحقوق المحتاجين من سائل وجار وفقير.
● آتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ: أعطِ قريبك المستحق حقه من الصلة والمال.
● وابْنَ السَّبِيلِ: المسافر المنقطع به الذي لا مال معه.
● لَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا: لا تسرف أو تنفق بغير حساب في غير وجه الحق.
● بَرِئْتُ مِنْهَا: تخلّصت من المسؤولية عنها.
● فَلَكَ أَجْرُهَا وَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا: لك ثوابها، ووزر تبديلها أو إساءة توزيعها على من يتحمل مسؤولية ذلك.

شرح الحديث:

جاء رجل من بني تميم -وهم معروفون بالكرم والشجاعة- إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن كيفية إنفاق ماله الكثير مع وجود أهله وأولاده، مما يدل على حرصه على الاستقامة في ماله وتصريفه وفق رضا الله.
فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن يخرج الزكاة المفروضة، وبيّن له أن الزكاة ليست مجرد إخراج مال، بل لها حِكَم عظيمة:
1- تطهير النفس: فهي تُطهّر صاحبها من الشح والبخل، وتُزكّي نفسه.
2- صلة الرحم: من خلال إعطاء الحقوق للأقارب المحتاجين.
3- إكرام الجار والسائل والمحتاج: مما يعزز التكافل الاجتماعي.
ولما طلب الرجل التخفيف – أي بيانًا أوضح أو تذكيرًا – زاد النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلًا بذكر مصارف الزكاة المعروفة: الأقارب، والمساكين، وابن السبيل، مع التحذير من التبذير وهو الإسراف في الإنفاق في غير موضعه.
ثم سأل الرجل: إذا دفعتها إلى رسولك (أي إلى المسؤول عن جمعها في الدولة الإسلامية) فهل يكون ذلك براءة لذمته؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالإثبات، وأن من أداها كما أمر الله فقد برئت ذمته، وله أجرها، أما إذا حصل تبديل أو تحريف في توزيعها من قبل القائمين عليها، فالإثم على من بدّلها لا على الدافع.

الدروس المستفادة:

1- وجوب الزكاة: فهي فريضة على كل مسلم يملك النصاب.
2- الزكاة تطهير للمال والنفس: فهي تنقي القلب من البخل، والمال من الشوائب.
3- الزكاة نظام اجتماعي متكامل: يحقق التكافل ويقوي الروابط بين أفراد المجتمع.
4- التوسط في الإنفاق: فلا تبذير ولا تقتير، بل إنفاق بالمعروف.
5- براءة الذمة بإخراج الزكاة: إذا أداها المسلم وفق الضوابط الشرعية، فقد أبرأ ذمته.
6- مسؤولية ولي الأمر في توزيع الزكاة: فإذا أسيء توزيعها، فالإثم على المتسبب لا على الدافع.

فوائد إضافية:

- الحديث يدل على حرص الصحابة على السؤال عن أمور دينهم ودنياهم.
- جواز سؤال العالم عن التفاصيل إذا لم يفهم السائل الجواب أول مرة.
- أهمية النية في العمل، فمن أداها خالصة لله، نال الأجر حتى لو أسيء توزيعها من قبل الغير.
نسأل الله أن يوفقنا لأداء زكاة أموالنا على الوجه الذي يرضيه، وأن يجعلنا من المتقين المحسنين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (١٢٣٩٤) عن هاشم بن القاسم، حَدَّثَنَا ليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أنس بن مالك، فذكره.
ورجاله ثقات غير سعيد بن أبي هلال، وهو وإن كان من رجال الشّيخين إِلَّا أنه اختلف فيه فوقه الجمهور، وقال الإمام أحمد: «يخلط في الأحاديث». وضعّفه ابن حزم.
قال الأعظمي: هذا إذا خالف الثّقات، وأمّا إذا لم يخالف فهو كما قال الجمهور ثقة، ولكن يعكر هذا ما يقال: إنَّ روايته عن أنس مرسلة، هكذا قاله المزي في تهذيب الكمال، مع إمكانية لقائه فإنه وُلد في مصر سنة (٧٠ هـ)، ثمّ جاء إلى المدينة، ونشأ فيها، وأن توفي عام (٩٤).
ثمّ هو لم ينسب هذا القول إلى أحد، مع أن أبا حاتم نصّ على أنه لم يدرك أبا سلمة بن عبد الرحمن، كما أن الترمذيّ وغيره نصّوا على روايته عن جابر مرسلة، ولكن لم ينصّوا على أن روايته عن أنس مرسلة أيضًا.
وقد صحَّحه الحاكم (٣/ ٣٦٠ - ٣٦١) على شرط الشّيخين.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 205 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

📜 حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إخراج الزكاة طهرة تطهرك وتصل أرحامك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية