حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب استحباب التلبية عند الدّفع من المزدلفة إلى أن يرمي جمرة العقبة

عن أسامة بن زيد ﵄ أنه قال: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات، فلما بلغ رسولُ الله ﷺ الشِّعْبَ الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال ثم جاء فصببت عليه الوضوء فتوضأ وضوءًا خفيفًا، فقلت: الصّلاة يا رسول الله؟ قال: «الصّلاة أمامك». فركب رسول الله ﷺ حتّى أتى المزدلفة فصلى، ثم ردف الفضلُ رسولَ الله ﷺ غَداةَ جَمْعٍ.
قال كريب: فأخبرني عبد الله بن عباس ﵄، عن الفضل: أنّ رسول الله ﷺ لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة.

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٩)، ومسلم في الحج (١٢٨٠) كلاهما من طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد، فذكره.

عن أسامة بن زيد ﵄ أنه قال: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات، فلما بلغ رسولُ الله ﷺ الشِّعْبَ الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ فبال ثم جاء فصببت عليه الوضوء فتوضأ وضوءًا خفيفًا، فقلت: الصّلاة يا رسول الله؟ قال: «الصّلاة أمامك». فركب رسول الله ﷺ حتّى أتى المزدلفة فصلى، ثم ردف الفضلُ رسولَ الله ﷺ غَداةَ جَمْعٍ.
قال كريب: فأخبرني عبد الله بن عباس ﵄، عن الفضل: أنّ رسول الله ﷺ لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، وأسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنّة نبيه ﷺ. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحكي لنا موقفاً من مواقف الحج العظيمة، ويجمع بين بيان هدي النبي ﷺ العملي في مناسك الحج وبيان رحمته وتيسيره على أمته.

أولاً. شرح المفردات:


● رَدِفْتُ: أي ركبت خلفه على الدابة، فكان أسامة بن زيد رديفاً للنبي ﷺ.
● عرفات: المكان الذي يقف فيه الحجاج يوم التاسع من ذي الحجة، وهو ركن الحج الأعظم.
● الشِّعْبَ الأيسر: الوادي أو الطريق المنخفض على الجانب الأيسر.
● دون المزدلفة: قبل الوصول إلى مزدلفة.
● أناخ: أي أوقف ناقته أو دابته لتنزل براكبها.
● غَداةَ جَمْعٍ: "غداة" تعني صباحاً، و"جمع" هو اسم آخر للمزدلفة.
● يلبي: يرفع صوته بالتلبية قائلاً: "لبيك اللهم لبيك...".
● بلّغ الجمرة: المقصود هنا جمرة العقبة التي يرميها الحجاج يوم النحر.


ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل أسامة بن زيد ﭬ أنه كان رديفاً لرسول الله ﷺ على دابته أثناء عودته من عرفة متوجهاً إلى مزدلفة. فلما وصلوا إلى مكان يسمى "الشعب الأيسر" قبل مزدلفة، أناخ النبي ﷺ دابته وقضى حاجته (بال). وهذا من هديه ﷺ الذي يعلّمنا أن قضاء الحاجة من الأمور الفطرية التي لا ينبغي تأخيرها إذا دعت الحاجة، حتى لو كان في وقت عظيم ومكان مبارك.
ثم جاء أسمان بن زيد فصب الماء على يدي النبي ﷺ ليغسلها قبل الوضوء، ثم توضأ النبي ﷺ وضوءاً خفيفاً، وهو وضوء الصلاة المعتاد ولكن وصفه بالخفيف ربما للدلالة على السرعة وعدم المبالغة، مما يدل على استحباب التخفيف في مثل هذه الأحوال دون تفريط في فرائض الوضوء.
وهنا سأل أسامة بن زيد النبي ﷺ: "الصلاة يا رسول الله؟" خوفاً من فوات وقت الصلاة، فأجابه النبي ﷺ: "الصلاة أمامك"، أي أن وقت الصلاة لا يزال قائماً ولديك متسع من الوقت، وسوف تصليها في مكانها الذي هو المزدلفة. وهذا من تيسير النبي ﷺ وعدم تحميل الصحابة ما يشق عليهم.
ثم واصل النبي ﷺ رحلته حتى وصل إلى مزدلفة، فصلى فيها المغرب والعشاء جمع تأخير، كما هو معروف في هدي الحج.
ثم ينتقل الحديث إلى رواية أخرى عن عبد الله بن عباس ﭬ يرويها عن أخيه الفضل بن عباس، الذي كان أيضاً رديفاً للنبي ﷺ في صباح يوم النحر (غداة جمع). ويخبرنا الفضل أن النبي ﷺ استمر في التلبية – أي في قول "لبيك اللهم لبيك" – خلال سيره من مزدلفة إلى منى، ولم يقطع التلبية إلا عند بداية رمي جمرة العقبة.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير ورفع الحرج: موقف النبي ﷺ من قضاء الحاجة في الطريق ثم الوضوء الخفيف، ثم طمأنته لأسامة بأن الصلاة أمامه، كلها تدل على يسر الشريعة وسماحتها ورفعها للحرج عن الأمة.
2- الاهتمام بالطهارة: حرص النبي ﷺ على الطهارة حتى في السفر وفي أوقات الشدة والازدحام، مما يدل على عظم شأن الطهارة في الإسلام.
3- استمرار التلبية: بيان أن التلبية مستمرة مع الحاج من حين إحرامه حتى يبدأ برمي جمرة العقبة يوم النحر، وهذا من كمال العبادة وعدم انقطاع ذكر الله.
4- الجمع بين الصلاتين في السفر: الحديث دليل على مشروعية جمع الصلاتين (المغرب والعشاء) في مزدلفة للحاج، وهو من خصائص الحج.
5- التعلم من الأفعال والأقوال: الحديث يجمع بين بيان فعل النبي ﷺ (قضاء الحاجة، الوضوء) وقوله ("الصلاة أمامك")، مما يعلمنا أن السنة تشمل كل ما صدر عن النبي ﷺ.
6- الأدب مع النبي ﷺ: أدب أسامة بن زيد حيث لم يتردد في خدمة النبي ﷺ وسؤاله بأدب واحترام.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- المزدلفة تسمى أيضاً "جمع" كما في الحديث، وهي مكان بين عرفة ومنى، يبيت فيها الحجاج ليلة العاشر من ذي الحجة ويصلون فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً.
- استمرار التلبية حتى رمي الجمرة هو قول جمهور العلماء، وهو من هدي النبي ﷺ الذي ينبغي للحاج أن يحرص عليه.
- هذا الحديث من الأحاديث التي تبين حرص الصحابة على التعلم من كل صغيرة وكبيرة في حياة النبي ﷺ، حتى في أدق أموره الخاصة، لينقلوا للأمة دينها كاملاً.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا فهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها، وأن يتقبل منا صالح الأعمال. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الحج (١٦٦٩)، ومسلم في الحج (١٢٨٠) كلاهما من طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن أبي حرملة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد، فذكره. ولفظهما متقارب.
ورواه البخاريّ أيضًا في الحج (١٦٨٥)، ومسلم أيضًا في الحج (١٢٨١: ٢٦٧) -واللفظ له- كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني عطاء، أخبرني ابن عباس: أنّ النبيّ ﷺ أردف الفضل من جمع. قال: فأخبرني ابنُ عباس أنّ الفضل أخبره، أنّ النبيّ ﷺ لم يزل يلبي حتى رمي جمرة العقبة.
ورواه البخاريّ في الحج (١٦٨٦) من طريق الزهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله (هو ابن عتبة بن مسعود)، عن ابن عباس ﵄، أنّ أسامة بن زيد ﵄ كان رِدّف النبيّ ﷺ من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال: فكلاهما قالا: «لم يزل النبيّ ﷺ يلبي حتى رمي جمرة العقبة».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 434 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

  • 📜 حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رَدِفْتُ رسولَ الله ﷺ من عرفات

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب