حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب السماحة في البيع والشراء

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا».

حسن: رواه أحمد (٦٩٦٣) عن عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا حبيب -يعني المعلم-، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو فذكره.

عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا».
رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حسن.


1. شرح المفردات:


* بسماحته: السَّمَاحة والسَّماح: هي السهولة واليسر في المعاملة، والجود والكرم، وعدم الشدة والتشديد على الناس. وهي خُلُق كريم يجمع بين السهولة والجود.
* قاضياً: أي كان دائناً لشخص آخر، له حق عند غيره (طالب حق).
* مقتضياً: أي كان مديناً، عليه دين لشخص آخر (مطلوب منه حق).


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي ﷺ في هذا الحديث العظيم عن قصة رجل نال أعلى الدرجات وأعظم المكاسب، وهي الجنة، بسبب خلقه العظيم في معاملاته المالية مع الناس.
* "دخل رجل الجنة": هذه هي الغاية والنتيجة العظيمة، وهي الفوز برضوان الله وجنته.
* "بسماحته": هذه هي الوسيلة والسبب الذي أوصله إلى تلك الغاية. لم يكن سبب دخوله الجنة صلاة نافلة كثيرة أو صياماً فقط، بل كان خُلُقاً تعاملياً مع الخلق، مما يدل على أن أبواب الخير لدخول الجنة واسعة وشاملة لجميع aspects الحياة.
* "قاضياً ومقتضياً": يبين النبي ﷺ أن هذا الرجل كان يتعامل بهذا الخلق في الحالتين:
* حالة القاضي (الدائن): عندما يكون له حق عند الناس، لا يشدد في مطالبته، ولا يتحرج في قبول الأجل والتأخير إذا رأى من المدين معسراً أو صادقاً، بل يعفو ويتسامح وربما يترك الدين كله أو بعضه لله تعالى. يقول الله تعالى: *{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}* [البقرة: 280].
* حالة المقتضي (المدين): عندما يكون عليه دين لغيره، لا يماطل ولا يتلكأ، بل يسارع إلى وفاء حقه، ويطلبه من الحلال ليردّه إلى صاحبه، ويختار السهولة في طريقة الوفاء دون مشقة أو غلو. فهو سمح في أخذه وفي عطائه.
فجمع هذا الرجل بين خلقين عظيمين: السماحة في الاستيفاء (أخذ حقه)، والسماحة في الأداء (إعطاء حق غيره). فاستحق بذلك أن يكون من أهل الجنة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- عظمة خلق السماحة: وأنه من الأخلاق التي تقرب إلى الله تعالى وترفع الدرجات، وتسبب المغفرة ودخول الجنة.
2- شمولية مفهوم العبادة: العبادة ليست فقط الشعائر التعبدية المحضة (كالصلاة والصيام)، بل تشمل كل تعاملات الإنسان مع الناس، خاصة المعاملات المالية التي تكثر فيها الشح والخصومات.
3- فضل التيسير على الناس: سواء أكان ذلك بإعطائهم حقوقهم كاملة دون نقصان، أو بالتهاون في استيفاء الحقوق الشخصية طلباً للأجر من الله.
4- الترغيب في حسن القضاء: وهو أداء الدين، والترهيب من المماطلة فيه، والتي هي من كبائر الذنوب كما في الحديث: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ».
5- الجزاء من جنس العمل: كما أن الرجل كان سهلاً يسيراً على الناس في الدنيا، جعل الله أمره يسيراً إلى الجنة في الآخرة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث يندرج تحت العمومات الكثيرة في القرآن والسنة التي تحث على السماحة واليسر وذم الشدة والغلو، مثل قوله ﷺ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا».
* من الأمثلة العملية على "السماحة قاضياً" ما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ» (متفق عليه).
* ينبغي للمسلم أن يجعل هذا الخلق نبراساً له في جميع معاملاته: مع أهله، وجيرانه، وزملائه، وفي بيعه وشرائه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتخلقين بخلق السماحة، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه، وأن يدخلنا جناته برحمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٦٩٦٣) عن عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا حبيب -يعني المعلم-، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو فذكره. وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب؛
فإنه حسن الحديث.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 21 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

  • 📜 حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب