حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النصح والصِّدق في البيع والشراء

عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله ﷺ «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما».

متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢٠٧٩)، ومسلم في البيوع (١٥٣٢) من طريق شعبة، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام فذكره.

عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله ﷺ «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يبارك في علمنا وعملك. حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه من الأحاديث العظيمة التي وضعت الأسس الأخلاقية والعملية للتجارة والمعاملات في الإسلام.

شرح الحديث النبوي:


الراوي: هو حكيم بن حزام رضي الله عنه، وهو من صحابة النبي ﷺ المعروفين، وكان تاجراً قبل الإسلام وبعده.
متن الحديث: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتُمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا».


1. شرح المفردات:


● البيعان: البائع والمشتري.
● بالخيار: لهما الحق والاختيار في إمضاء العقد أو فسخه.
● ما لم يتفرقا: المقصود بالتفرق هنا هو التفرق جسدياً عن مكان العقد بعد انعقاده، أو التفرق بالقول كأن يقول أحدهما للآخر: "اخترت إمضاء البيع". وهو رأي جمهور العلماء.
● صدقا: أي صدق البائع في وصف السلعة وسعرها، وصدق المشتري في نيّته وقدرته على الدفع.
● بينا: أي أظهرا ووضحا كل ما يخص الصفقة من عيوب السلعة، وسعرها، وطريقة الدفع، دون غش أو خداع.
● بورك لهما: نزلت البركة الإلهية في مالهما ومعيشتهما، فيكون المال كثير المنفعة، قليل المشقة.
● كتما: أخفيا عيباً في السلعة أو في الثمن.
● كذبا: قالا غير الحق، كأن يزيف البائع صفة السلعة، أو ينكر المشتري ديناً عليه.
● محقت: ذهبت واهلكت وانتزعت بلا فائدة.


2. شرح الحديث:


ينقسم هذا الحديث العظيم إلى حكمين عظيمين:
الحكم الأول: الخيار للمتبايعين بعد العقد.
جعل النبي ﷺ لأطراف العقد (البائع والمشتري) حق "خيار المجلس"، أي أن لكل منهما الحق في التراجع عن الصفقة وإلغائها طالما أنهما لم يفترقا عن مكانهما الذي تم فيه العقد. هذا الحق يهدف إلى:
- إعطاء فرصة للتفكير والتأكد من الرغبة في الصفقة، ودراسة شروطها بعيداً عن ضغوط اللحظة.
- منع الظلم أو الإكراه الخفي في إتمام الصفقات.
- تحقيق الرضا الكامل للطرفين، وهو أساس المعاملات في الإسلام.
الحكم الثاني: ضمان البركة في التجارة.
يقرر النبي ﷺ حقيقة كونية إلهية، وهي أن البركة في المكاسب والتجارة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالصدق والأمانة، ومحق البركة مرتبط بالكذب والغش. وهذا ليس مجرد وعظ أخلاقي، بل هو سنة مالية اجتماعية:
● البركة مع الصدق: حتى لو كان الربح المادي قليلاً، فإن الله يبارك فيه فيوفق صاحبه في إنفاقه، ويحفظه من النفقات غير المتوقعة، ويشعر بالرضا والقناعة، فيكفيه القليل.
● محق البركة مع الكذب: حتى لو كان الربح المادي كبيراً جداً، فإن الله يمحق بركته. فيصيبه ذلك المال بالهم والقلق والأمراض، أو يضيع في مشاريع فاشلة، أو ينفقه في غير وجهه، فلا يشبع منه أبداً ويظل طالباً للمزيد بلا طمأنينة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الضمان الاجتماعي: خيار المجلس تشريع حكيم يحمي أفراد المجتمع، خاصة ضعاف النفوس أو قليلي الخبرة، من صفقات الندم.
2- الأخلاق قبل المادة: جعل الإسلام أساس التجارة المتين هو الأمانة والصدق، وليس تحقيق أقصى ربح ممكن بأي وسيلة.
3- البركة حقيقة لا مجاز: البركة والمحق أمور حقيقية يلمسها الإنسان في معيشته، وليست مجرد كلمات وعظية.
4- النجاح الحقيقي: النجاح في التجارة ليس بكثرة المال فقط، بل ببركته وحلاله والطمأنينة المصاحبة له.
5- المسؤولية المشتركة: المسؤولية عن الصفقة تقع على عاتق البائع والمشتري معاً. فالبائع مسؤول عن الصدق في الوصف، والمشتري مسؤول عن الصدق في النية والقدرة على السداد.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في "خيار المجلس" وهو متفق عليه.
- يستثنى من خيار المجلس بعض البيوع الخاصة كالبيع في المناسبات أو المزادات، والتي لها أحكامها التفصيلية في كتب الفقه.
- الحديث يظهر عظمة الإسلام في تنظيم它 even أدق التفاصيل في حياة الإنسان لتحقيق العدل والطمأنينة.
- يمكن تطبيق روح هذا الحديث في جميع المعاملات الحديثة، مثل: منح العميل حق الرجوع عن شراء منتج خلال فترة محددة (كضمان الاسترجاع)، والشفافية الكاملة في عقود الشراء والبيع.
أسأل الله أن يرزقنا الصدق في القول والعمل، وأن يبارك لنا في أموالنا ومعايشنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢٠٧٩)، ومسلم في البيوع (١٥٣٢) من طريق شعبة، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 23 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

  • 📜 حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب