حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في البيع على البراءة
حسن: رواه الترمذي (١٢١٦)، وابن ماجه (٢٢٥١)، والبيهقي (٥/ ٣٢٧) كلهم من طريق عباد ابن ليث صاحب الكرابيسي قال: حدثنا عبد المجيد بن وهب فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديثٌ عظيمٌ، يُوثق صفقة بيع بين الصحابي الجليل العداء بن خالد بن هوذة وبين النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحمل في طياته دروساً عظيمة في الأمانة والصدق في المعاملات.
أولاً. شرح المفردات:
● العداء بن خالد بن هوذة: صحابي جليل، من أهل اليمن.
● كتاباً: أي ورقة مكتوبة، عقد البيع.
● اشتري: صيغة الماضي من "اشترى"، أي أن العداء هو الذي اشترى من النبي صلى الله عليه وسلم.
● لا داء: أي أن العبد المعروض للبيع سليمٌ، ليس به مرضٌ خفيٌّ أو عيبٌ.
● لا غائلة: الغائلة من الغَوْل، وهو الغدر والخديعة. أي أن البيع خالٍ من أي غش أو خديعة أو تدليس.
● لا خِبثة: الخبث هو الفساد والشر. أي أن الصفقة خالية من أي غش أو سوء نية أو تلاعب.
● بيع المسلم للمسلم: هذه الصيغة تؤكد على أن المعاملة تحكمها الأخوة الإيمانية، مما يرفع من مستوى الثقة والأمانة بين المتعاقدين.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبرنا الصحابي عبد المجيد بن وهب أن أخاه في الإسلام العداء بن خالد بن هوذة عرض عليه أن يريه كتاباً (عقداً) كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، فوافق بشوق.
فأخرج له العداء ذلك الكتاب، وكان نصه: "هذا ما اشتري العداء بن خالد بن هوذة من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم". أي أن هذا العقد يوثق عملية شراء قام بها العداء من النبي صلى الله عليه وسلم، حيث اشترى منه عبداً أو أمة.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتفِ بتوثيق الصفقة فقط، بل أضاف شروطاً وضماناتٍ تجسد أعلى درجات الأمانة والصدق:
● لا داء: ضمان بأن هذا العبد المبيع سليم الجسد، لا يعاني من أي مرضٍ خفيٍّ قد يخفى على المشتري.
● لا غائلة: ضمان بأن الصفقة لا تحتوي على أي نوع من الغدر أو الخديعة أو التلاعب في الثمن أو المواصفات.
● لا خِبثة: ضمان بنزاهة الصفقة وطهارتها من أي غش أو سوء نية أو احتيال.
ثم ختم العبقري صلى الله عليه وسلم العبقري العقد بعبارة تذكر الطرفين بأصل العلاقة التي تجمعهما: "بيع المسلم للمسلم". فهي ليست مجرد معاملة تجارية بين بائع ومشتر، بل هي معاملة أخوة وإيمان، تزيدها المصداقية والأمانة قوةً وبركة.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الأمانة والصدق في البيع والشراء: يضع النبي صلى الله عليه وسلم أعلى معايير الشفافية والنزاهة. فالمسلم مطالب بأن يكون صادقاً واضحاً، يبين العيوب ولا يخفيها، فهذا من كمال الإيمان.
2- التوثيق الكتابي للعقود: الحكمة من كتابة العقد هي حفظ الحقوق ومنع النزاعات والنسيان في المستقبل. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282].
3- الضمان في المعاملات: بيان العيوب واجب على البائع. فإخفاء العيوب ("التَّدْلِيس") محرم وهو من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يبيع بيعاً فيه غش إلا بينه» (رواه ابن ماجه).
4- تطهير المعاملات من الغش والخداع: النهي عن "الغائلة" و"الخِبثة" هو تأكيد على أن الإسلام يريد للمجتمع أن تقوم علاقاته على الثقة المطلقة والطهارة من أي شائبة.
5- الأخوة الإيمانية أساس المعاملات: ختم العقد بعبارة "بيع المسلم للمسلم" يذكرنا بأن الربح الحقيقي هو رضا الله تعالى، وأن العلاقة بين المسلمين يجب أن تكون قائمة على التعاون والبر والتقوى، وليس على الاستغلال والطمع. قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ» (متفق عليه).
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجه، وهو حسن.
- الحديث من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، حيث جمع في عبارات موجزة قيماً عظيمة تنظم حياة المجتمع الاقتصادية.
- العمل بهذا الحديث يقطع دابر الخصومات والمنازعات في الأسواق، ويبني مجتمعاً متماسكاً قائماً على الثقة والاحترام المتبادل.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين في أقوالنا وأعمالنا ومعاملاتنا، وأن يرزقنا الاقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كل خُلُقٍ جميل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وعباد بن ليث مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث إذا لم يخطئ وقد توبع.
رواه البيهقي من حديث عثمان الشحام، عن أبي رجاء العطاردي قال: قال العداء بن خالد فذكر نحوه. وبهذه المتابعة يحسن هذا الحديث وإن كان معروفا بحديث عباد بن ليث، كما قال البيهقي.
ويقوّيه قضاء عثمان بن عفان، وهو ما رواه مالك عن يحيى بن سعيد، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر باع غلاما له بثمان مائة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء لم يسمه، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعني عبدا وبه داء لم يسمه لي. فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر باليمين أن يحلف له: لقد باعه الغلام وما به داء يعلمه. فأبي عبد الله أن يحلف له، وارتجع العبد، فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمس مائة درهم. انتهى.
قال مالك: «الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن باع عبدا، أو وليدة، أو حيوانا بالبراءة فقد برئ من كل عيب إلا أن يكون علم في ذلك عيبا، فكتمه. فإن كان علم عيبا فكتمه لم تنفعه تبرئته، وكان ما باع مردودا عليه». انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 47 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 22 اسمح يُسمح لك
- 23 فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
- 24 اللهم بارك لأمتي في بكورها
- 25 إذا بايعت فقل لا خلابة
- 26 احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف
- 27 قول لا خلابة عند البيع والخيار ثلاثة ايام
- 28 أحسنوا مبايعة الأعرابي
- 29 كيلوا طعامكم يبارك لكم
- 30 كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه
- 31 إذا اشتريت فاكتل وإذا بعت فكِل
- 32 وعيد المطففين في المكيال والميزان
- 33 وزن وأرجح
- 34 إذا وزنتم فأرجحوا
- 35 الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
- 36 إن كتما، وكذبا محقت بركة بيعهما
- 37 المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 38 إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
- 39 يقول أحدهما لصاحبه: اختر وربما قال: أو بيع خيار
- 40 المتبايعان بالخيار حتى يتفرقا
- 41 من ابتاع بيعا فوجب له فهو فيه بالخيار
- 42 خيار البيع قبل تفرق المتبايعين
- 43 البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 44 الخيار في البيع قبل التفرق
- 45 خيار البيع بعد العقد
- 46 لا يفترقن اثنان إلا عن تراض
- 47 بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
- 48 بعنيه هو لك يا رسول الله
- 49 يا بني النجار ثامنوني بحائطكم
- 50 أبوا أن يبيعوا بريرة إلا أن يشترطوا الولاء
- 51 بيع أم عطية أم هبة
- 52 من يشتريه مني؟
- 53 إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب
- 54 إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت...
- 55 يتتبع النبي الدباء من حول القصعة
- 56 إني نسجت هذه بيدي أكسوكها
- 57 بعث رسول الله ﷺ إلى فلانة: مري غلامك النجار يعمل...
- 58 امرأة من الأنصار تعمل منبرًا لرسول الله ﷺ
- 59 كان زكريا نجارًا
- 60 العاص بن وائل يطلب من خباب الكفر بمحمد ﷺ لقضاء...
- 61 مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد
- 62 أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله ﷺ
- 63 احتجم رسول الله ﷺ وأمر لأبي طيبة بصاع من تمر.
- 64 احتجم النبي ﷺ وأعطى الذي حجمه
- 65 ثلاثة أووا إلى غار فانطبقت عليهم صخرة
- 66 ما أظن يغني ذلك شيئا
- 67 قدم نبي الله ﷺ المدينة وهم يأبرون النخل. يقولون: يلقحون...
- 68 أنتم أعلم بأمر دنياكم
- 69 من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع
- 70 من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع
- 71 من ابتاع عبدا وله مال فله ماله وعليه دينه
معلومات عن حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
📜 حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








