حديث: وزن وأرجح

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الرجحان في الوزن

عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرفة العبدي بزّا من هجر، فجاءنا النبي ﷺ فساومنا بسراويل، وعندي وزَّان، يزن بالأجر، فقال النبي ﷺ للوزَّان: «زن، وأرجح».

حسن: رواه أبو داود (٣٣٣٦)، والترمذي (١٣٠٥)، والنسائي (٤٥٩٢)، وابن ماجه (١٢٢٠)، وأحمد (١٩٠٩٨) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن سماك، عن سويد بن قيس فذكره، وصحّحه ابن حبان (٥١٤٧)، والحاكم (٢/ ٣٠ - ٣١).

عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرفة العبدي بزّا من هجر، فجاءنا النبي ﷺ فساومنا بسراويل، وعندي وزَّان، يزن بالأجر، فقال النبي ﷺ للوزَّان: «زن، وأرجح».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. حديثك هذا حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم، وهو حسن.
وفيما يلي شرح وافٍ للحديث على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:


● سويد بن قيس: هو صحابي جليل، كان تاجراً.
● مخرفة العبدي: صحابي آخر، شريك سويد في التجارة.
● جلبت: أي أحضرنا و جئنا بسلعة للتجارة.
● بزّا: البز هو الثياب والأقمشة، ويرادفها في عصرنا "الأقمشة" أو "الملابس".
● هجر: هي منطقة معروفة في شرق الجزيرة العربية (في الإحساء حالياً بالمملكة العربية السعودية)، كانت مشهورة بصناعة النسيج والثياب.
● فساومنا: أي جادلنا في الثمن و تفاوض معنا لشراء السلعة.
● بسراويل: ثوب معروف يغطي نصف الجسم السفلي.
● الوزان: هو الشخص الذي يقوم بوزن البضاعة.
● يزن بالأجر: أي أن هذا الوزان كان يأخذ أجراً (أجرة) على عملية الوزن.
● زن وأرجح: (زن) أي قم بالوزن، (أرجح) أي زد في الكيل واجعل الميزان يميل لصالح المشتري، وذلك بإعطائه زيادة طيبة في الوزن.

2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل سويد بن قيس رضي الله عنه عن قصة تجارية له ولصاحبه مخرفة العبدي. فقد قدما إلى المدينة المنورة بحمولة من الثياب والأقمشة التي جلباها من منطقة هجر المعروفة بجودة صناعتها.
وفي أثناء بيعهما، جاءهما النبي صلى الله عليه وسلم كأي مشترٍ عادي، ليس له حاشية أو حراس، ليتفاوض معهما على شراء سراويل (أي إزار أو ثوب للجزء السفلي). والعجيب في الموقف أن النبي ﷺ وهو سيد الخلق وحبيب الحق، جاء بنفسه ليقوم بعملية الشراء والتساوم، مما يدل على تواضعه الجم وحياته الكريمة البعيدة عن التكلف.
وكان لدى سويد بن قيس عامل أو شخص (الوزان) متخصص في وزن البضاعة، وكان هذا العامل يتقاضى أجراً على عمله. عندها، أمر النبي ﷺ ذلك الوزان أن يقوم بوزن السلعة التي يشتريها، ولكن ليس وزناً عادياً، بل أمره أن يزيد في الوزن ويُرجح الكفة لصالح المشتري، وهو هنا النبي صلى الله عليه وسلم.

3. الدروس المستفادة منه:


هذا الحديث العظيم يحوي كنوزاً من الفوائد والعبر، منها:
* تواضع النبي ﷺ: خرج بنفسه للسوق وتصرف كأي فرد عادي، يشتري ويبيع، مما يعلّمنا التواضع وعدم التكبر، حتى ولو كان المرء في أعلى المناصب.
* مشروعية العمل التجاري: إذ أن النبي ﷺ شارك في عملية البيع والشراء، مما يدل على أن التجارة عمل شريف ومشروع.
* الأمر بالفضل والإحسان في المعاملة: لم يطلب النبي ﷺ من البائع أن يخفض السعر، بل طلب زيادة في *الكمية* (الوزن). هذا من أعظم صور الإحسان في البيع والشراء، حيث يأمر البائع بأن يكون كريماً مع مشتريه. وهو درس عظيم في الأخلاق التجارية التي يفتقدها كثيرٌ اليوم.
* جواز أخذ الأجر على الوزن: إذ أن الوزان كان يعمل بأجر، ولم ينكر عليه النبي ﷺ ذلك.
* الحث على الأمانة وإتقان العمل: أمره النبي ﷺ بالوزن أولاً، مما يدل على أهمية الأمانة والقيام بالعمل على أكمل وجه، ثم الزيادة بعد ذلك كإحسان.
* التيسير على الناس وعدم التضييق عليهم: الأمر بالإرجاح هو تيسير على المشتري وإدخال للسرور على قلبه، مما يجعل العلاقة بين البائع والمشتري قائمة على المحبة والود، لا على الشح والأنانية.

4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث هو أصل من أصول الأخلاق الإسلامية في التجارة. فليس الهدف هو تحقيق أقصى ربح ممكن فقط، بل غرس روح الإيمان والإحسان في كل معاملة.
* يندرج تحت هذا المعنى الحديث النبوي الآخر: «رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى» (رواه البخاري). والسماحة هي السهولة واللين والجود.
* في هذا الحديث تربية للنفس على البذل والعطاء حتى في أمور الدنيا، وهو مما يمحو الشح من القلب ويجلب البركة في الرزق.
* كان هذا الفعل من النبي ﷺ تطبيقاً عملياً لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 254]. والإنفاق هنا ليس فقط بالصدقة، بل ببذل الخير والإحسان في جميع المعاملات.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الأخلاق، والسماحة في البيع والشراء، وأن يجعلنا ممن يتأسون بنبيهم صلى الله عليه وسلم في كل أقواله وأفعاله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٣٣٦)، والترمذي (١٣٠٥)، والنسائي (٤٥٩٢)، وابن ماجه (١٢٢٠)، وأحمد (١٩٠٩٨) كلهم من طريق سفيان الثوري، عن سماك، عن سويد بن قيس فذكره، وصحّحه ابن حبان (٥١٤٧)، والحاكم (٢/ ٣٠ - ٣١).
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل الكلام في سماك غير أنه حسن الحديث في غير عكرمة. وقال الترمذي: حسن صحيح.
ولكن اختلف على سماك بن حرب، فرواه سفيان الثوري هكذا. وتابعه قيس بن الربيع عند أبي داود الطيالسي (١٢٨٨)، وعنه البيهقي (٦/ ٣٣ - ٣٤)، وأيوب بن جابر عند البخاري في «التاريخ الكبير» (٤/ ١٩٢).
وممن تابعه أيضا شريك، كما قال الدارقطني في «علله» (١٤/ ٢٥)، وقال: والمحفوظ عن قيس
ابن الربيع، وشريك، والثوري، عن سماك، عن سويد بن قيس قال: «جلبت أنا، ومخرمة العبدي».
وخالفهم شعبة فرواه عن سماك، عن أبي صفوان بن عميرة قال: «أتيت رسول الله ﷺ بمكة قبل أن يهاجر«بهذا الحديث، ولم يذكر»يزن بأجر».
رواه أبو داود (٣٣٣٧)، وابن ماجه (٢٢٢١)، وأحمد (١٩٠٩٩)، والحاكم (٢/ ٣٠ - ٣١)، والبيهقي كلهم من طرق عن شعبة به. واللفظ لأبي داود، ويزيد بعضهم على بعض.
قال أبو داود: «رواه قيس، كما قال سفيان، والقول قول سفيان».
وقال: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، عن شعبة قال: «كان سفيان أحفظ مني». وكذلك نقل عن يحيى بن معين قال: كل من خالف سفيان فالقول قول سفيان». انتهى كلام أبي داود.
وكذلك قال الدارقطني في «العلل» (١٤/ ٢٦) بأن شعبة وهم، فقال: عن سماك سمعت أبا صفوان مالك بن عميرة، والصحيح سويد بن قيس».
ولكن قال الحاكم: أبو صفوان كنية سويد بن قيس، هما واحد من صحابي الأنصار، والحديث صحيح على شرط مسلم».
وكذلك قال المزي في «تهذيبه»: «سويد بن قيس أبو صفوان، ويقال: أبو وهب له صحبة».
قال الحافظ ابن حجر في «التهذيب»: «إن ما جزم به من أن كنيته أبو صفوان فيه نظر، والذي يكنى أبا صفوان، اسمه مالك»، والله أعلم.
قال الترمذي: «حديث سويد حسن صحيح. وأهل العلم يستحبون الرجحان في الوزن. وروي شعبة هذا الحديث عن سماك، فقال: عن أبي صفوان. وذكر الحديث».
وقوله: «مخرفة» بالفاء، ويقال أيضا: مخرمة بالميم هكذا، ذكره ابن قانع في معجم الصحابة (٣/ ١٢٥ - ١٢٦).
قال الدارقطني في «العلل»: «رواه أيوب بن جابر، عن سماك، عن مخرفة العبدي، أو مخرمة. شك محمد بن بكار بن ريان عن أيوب بن جابر. وكذلك قال يحيى بن يعلى الأسلمي، عن الثوري، عن سماك، عن مخرفة العبدي».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: وزن وأرجح

  • 📜 حديث: وزن وأرجح

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: وزن وأرجح

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: وزن وأرجح

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: وزن وأرجح

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب