حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في خيار المجلس للمتبايعين

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار».

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٧٩) عن نافع، عن عبد الله بن عمر فذكره.

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُبيّن أحكام المعاملات في الإسلام، وتؤسس لمبدأ العدل والتراضي في البيع والشراء. وها هو الشرح المفصل له:

نص الحديث:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار».


1. شرح المفردات:


● المتبايعان: هما البائع والمشتري.
● بالخيار: أي الحق في إمضاء العقد أو فسخه.
● على صاحبه: أي كل منهما له هذا الحق تجاه الآخر.
● ما لم يتفرقا: أي ما لم يفترقا عن مكان العقد، سواء بالبدن (بالتحرك والمغادرة) أو بالقول عند بعض العلماء.
● إلا بيع الخيار: استثناء من القاعدة العامة، وهو أن يكون البيع مشروطاً بخيارٍ معين (كخيار الشرط) لأحد المتعاقدين أو لكليهما لمدة محددة.


2. شرح الحديث:


يُقرر النبي ﷺ في هذا الحديث قاعدةً أساسيةً في عقد البيع، وهي أن الخيار موجودٌ لكل من البائع والمشتري بمجرد إبرام العقد (الإيجاب والقبول).
ومعنى ذلك أن لكل منهما الحق في فسخ البيع وتراجعه دون إثم أو حرج، طالما أنهما لم يتفرقا بعد، أي لم يغادرا مكان العقد الذي تم فيه الإيجاب والقبول.
فإذا تفرقا بعد العقد، زال هذا الخيار، وأصبح البيع لازماً، ولا يحق لأحدهما فسخه إلا برضا الآخر أو بسبب آخر يبيح الفسخ (كأن يتبين عيب في السلعة لم يكن معلوماً).
الاستثناء (إلا بيع الخيار):
هذا الخيار العام (خيار المجلس) يُستثنى منه حالة واحدة، وهي إذا اشترط المتعاقدان خياراً خاصاً في العقد، مثل أن يقول البائع للمشتري: "بعتك هذا بشرط أن يكون لي الخيار ثلاثة أيام". فهنا يزول خيار المجلس بمجرد التفرق، ولكن يبقى الخيار المشروط سارياً للمدة المتفق عليها.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- التراضي أساس المعاملات: جعل الإسلام التراضي ركناً أساسياً في العقود، وهذا الخيار يمنح الفرصة للطرفين لمراجعة نفسه وعدم التسرع في القرار.
2- العدل والإنصاف: الشرع لم يفضل البائع على المشتري أو العكس، بل ساوى بينهما في الحقوق في هذه المسألة.
3- إزالة الضرر والغبن: يحمي هذا الحكم كلا الطرفين من الوقوع في صفقة يندم عليها بسبب التسرع أو عدم التروي.
4- مراعاة الظروف النفسية: يعترف الحكم بالطبيعة البشرية، حيث قد يعقد الإنسان صفقة وهو تحت تأثير لحظة حماس أو ضغط، فيمنحه فرصة للتروي.
5- تنظيم المعاملات: يحدد الإسلام ضوابط واضحة للمعاملات المالية، مما يقلل النزاعات والخصومات.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● حكم خيار المجلس: هذا الخيار ثابت بالسنة والإجماع، وهو حق لكلا المتعاقدين.
● كيفية التفرق: اختلف العلماء في معنى التفرق:
● جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية): التفرق يكون بالتفرق البدني، أي بمغادرة أحد الطرفين مكان العقد أو الابتعاد عن مجلس البيع.
● الحنابلة ومحمد بن الحسن: التفرق يكون بالتفرق في القول، أي بمجرد انتهاء كلامهما في الإيجاب والقبول وانصرافهما إلى حديث آخر، حتى لو كانا جالسين في نفس المكان.
● خيار الشرط: هو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كلاهما الخيار لمدة معينة (كيوم أو يومين)، فيصح الشرط ويبقى الخيار قائماً حتى انتهاء المدة، حتى لو تفرقا.
● من فوائد الحديث: أنه يقطع النزاع والخصومة، فإذا ادعى أحد الطرفين أنه لم يرغب في البيع وكانا لم يتفرقا، فله الحق في الفسخ.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٧٩) عن نافع، عن عبد الله بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١١١)، ومسلم في البيوع (١٥٣١: ٤٣) كلاهما من طريق مالك به.
وزاد البخاري (٢١٠٧) في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع أنه قال: «وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه».
ورواه البخاري في البيوع (٢١١٣)، ومسلم في البيوع (١٥٣١: ٤٦) كلاهما من طريق عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر بلفظ: «كل بَيَّعَيْنِ لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 37 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

  • 📜 حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب