حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في خيار المجلس للمتبايعين
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢١١٢)، ومسلم في البيوع (١٥٣١: ٤٤) كلاهما من طريق الليث (وهو ابن سعد)، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يضع قاعدةً أساسيةً من قواعد المعاملات في الإسلام، وهي قاعدة خيار المجلس.
أولاً. شرح المفردات:
● تَبَايَعَ: أي تعاقدا على البيع، واتفقا على الثمن والمثمن.
● بِالْخِيَارِ: أي له الحق في إمضاء البيع أو فسخه وإلغائه.
● مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا: أي ما لم يفترقا جسدياً عن مكان العقد (المجلس).
● وَكَانَا جَمِيعًا: أي كانا حاضرين معاً في مجلس واحد.
● يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ: أي يعطيه الخيار لفترة محددة (كأن يقول: اختر ليوم أو يومين).
● فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ: أي أصبح البيع لازماً ونافذاً، ولا يجوز فسخه.
ثانياً. شرح الحديث:
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الحكمة التشريعية العظيمة في حفظ حقوق المتعاقدين وضمان الرضا الكامل في المعاملة. والشرح على النحو التالي:
1- أصل القاعدة: "إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا":
- هذه هي القاعدة الأساسية. فمتى حصل الإيجاب والقبول بين البائع والمشتري (مثلاً: قال البائع: بعتك هذه السيارة بعشرة آلاف، فقال المشتري: قبلت)، فإن العقد يكون قد حصل، لكنه لا يلزم ويصبح نهائياً إلا بعد انفضاض المجلس.
- طالما هما جالسان معاً في مكان العقد (في الدكان، في السوق، في البيت...)، فلكل منهما الحق في التراجع وإلغاء الصفقة دون أي إثم أو حرج، لأنهما ما زالا في طور التفكير والتروّي.
2- استثناء من القاعدة: "أو يخير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع":
- إذا اتفق الطرفان على شرط آخر يلغي خيار المجلس، فإنهما يلتزمان بشرطهما. فمثلاً: إذا قال البائع للمشتري: "أعطيك الخيار لمدة ثلاثة أيام لتختار" فوافق المشتري وتم العقد على هذا الأساس، هنا يسقط خيار المجلس فوراً، ويحل محله خيار الشرط (الخيار المتفق عليه لفترة محددة).
- في هذه الحالة، يصبح العقد لازماً من لحظة الإيجاب والقبول، ولكن للمشتري (في المثال) حق فسخ العقد خلال الأيام الثلاثة فقط.
3- نهاية الخيار: "وإن تفرقا بعد أن يتبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع":
- متى انفصل المتعاقدان عن بعضهما بعد الاتفاق، سواء بالمشي أو بالانصراف، ولو لم يتباعدا كثيراً، فإن العقد يصبح لازماً ونافذاً، ولا حق لأي منهما في التراجع إلا برضا الآخر.
- المقصود بالتفرق هنا هو التفرق البدني الحسي، وهو قول جمهور العلماء (الشافعية، الحنابلة، والمالكية). وقيل هو التفرق في الكلام والأمر، وهو رأي أبي حنيفة، ولكن الراجح هو الأول لدلالة النص "وكانا جميعاً"، مما يشير إلى الحضور المكاني.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- الرحمة والتيسير في المعاملات: شرع الإسلام هذا الخيار ليكفل الرضا التام للمتعاقدين ويزيل أي ندمة أو إكراه قد يكون حصل في لحظة العقد.
2- احترام حرية الإرادة: الخيار يعطي الفرصة للطرفين للتفكير مرة أخرى والتأكد من مصلحتهما قبل إلزام النفس.
3- العدل والشفافية: النظام الإسلامي يهدف إلى إزالة الشحناء والخصومات من المعاملات، فمنح فرصة التراجع يقلل من النزاعات المستقبلية.
4- الوفاء بالعهود والمواثيق:一旦 انتهى الخيار (بالتفرق أو بانتهاء مدة الخيار المشروط)، يجب الوفاء بالعقد، مما يعزز قيمة العهد والوعد في المجتمع.
5- تنظيم المعاملات المالية: يظهر الحديث دقة التشريع الإسلامي في تنظيم كل细节 من تفاصيل الحياة، بما يحقق المصلحة للفرد والمجتمع.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
● حكمة مشروعية خيار المجلس:往往是可能在 لحظة العقد يكون أحد الطرفين غير متروٍ أو مستعجل، فمنحه فرصة التراجع يحميه من الضرر.
● هل التفرق بالقول أو بالفعل؟: كما ذكرنا، الراجح أن التفرق هو بالحركة والخروج من مجلس العقد، ولو لم يتباعدا كثيراً. فلو مشى خطوات أو انصرف، انتهى الخيار.
● خيار الشرط: هو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كلاهما الخيار لنفسه مدة محددة (كيوم أو يومين)، فيسقط خيار المجلس ويبقى له حق الفسخ خلال تلك المدة.
● هذا الحديث أصل عظيم في باب البيوع، وقد أجمع العلماء على العمل به.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تخريج الحديث
ورواه مسلم (١٥٣١: ٤٥) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن نافع به نحوه.
وزاد: «قال نافع: فكان (يعني ابن عمر) إذا بايع رجلا، فأراد أن لا يُقِبله قام فمشي هنيهة، ثم رجع إليه».
وفيه دليل على أن ابن عمر كان يرى أن المراد بالتفرق هو التفرق بالأبدان، لا بالأقوال.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 38 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 13 أصحاب رسول الله عمال أنفسهم وكان يكون لهم أرواح
- 14 طيب النفس من النعيم
- 15 عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور
- 16 ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم
- 17 إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من...
- 18 أنت ومالك لأبيك
- 19 رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى
- 20 سَهْلًا إِذَا بَاعَ وَسَهْلًا إِذَا اشْتَرَى
- 21 دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا
- 22 اسمح يُسمح لك
- 23 فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
- 24 اللهم بارك لأمتي في بكورها
- 25 إذا بايعت فقل لا خلابة
- 26 احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف
- 27 قول لا خلابة عند البيع والخيار ثلاثة ايام
- 28 أحسنوا مبايعة الأعرابي
- 29 كيلوا طعامكم يبارك لكم
- 30 كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه
- 31 إذا اشتريت فاكتل وإذا بعت فكِل
- 32 وعيد المطففين في المكيال والميزان
- 33 وزن وأرجح
- 34 إذا وزنتم فأرجحوا
- 35 الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
- 36 إن كتما، وكذبا محقت بركة بيعهما
- 37 المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 38 إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
- 39 يقول أحدهما لصاحبه: اختر وربما قال: أو بيع خيار
- 40 المتبايعان بالخيار حتى يتفرقا
- 41 من ابتاع بيعا فوجب له فهو فيه بالخيار
- 42 خيار البيع قبل تفرق المتبايعين
- 43 البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 44 الخيار في البيع قبل التفرق
- 45 خيار البيع بعد العقد
- 46 لا يفترقن اثنان إلا عن تراض
- 47 بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
- 48 بعنيه هو لك يا رسول الله
- 49 يا بني النجار ثامنوني بحائطكم
- 50 أبوا أن يبيعوا بريرة إلا أن يشترطوا الولاء
- 51 بيع أم عطية أم هبة
- 52 من يشتريه مني؟
- 53 إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب
- 54 إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت...
- 55 يتتبع النبي الدباء من حول القصعة
- 56 إني نسجت هذه بيدي أكسوكها
- 57 بعث رسول الله ﷺ إلى فلانة: مري غلامك النجار يعمل...
- 58 امرأة من الأنصار تعمل منبرًا لرسول الله ﷺ
- 59 كان زكريا نجارًا
- 60 العاص بن وائل يطلب من خباب الكفر بمحمد ﷺ لقضاء...
- 61 مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد
- 62 أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله ﷺ
معلومات عن حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
📜 حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








