حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة.
صحيح: رواه أبو داود (٣٣٤٠)، والنسائي (٢٥٢١، ٤٥٩٤)، والبيهقي (٦/ ٣١)، وعبد بن حميد (٨٠٣) كلهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين الملائي، حدثنا سفيان، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن طاوس، عن ابن عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة، مع بيان دروسه وعبره.
الحديث بلفظه:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة».
(رواه أبو داود في سننه، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم، وهو حسن).
1. شرح المفردات:
* الوزن: هو ما يُكال به الأشياء الثقيلة عادة، كالموازين التي توزن بها الحبوب واللحوم وغيرها، ووحدته الأوقية والرطل وغيرها.
* وزن أهل مكة: المقصود المعيار والمقدار المتعارف عليه بين أهل مكة في وزنهم، والذي كان معتمدًا في زمن النبي ﷺ.
* المكيال: هو ما يُكال به الأشياء الخفيفة عادة، كالمنافع كالزيت واللبن، ووحدته الصاع والمد وغيرها.
* مكيال أهل المدينة: المقصود المعيار والمقدار المتعارف عليه بين أهل المدينة في كيلهم، والذي كان معتمدًا في زمن النبي ﷺ.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث الشريف يضع أصلًا تشريعيًا عظيمًا في المعاملات المالية، خاصة فيما يتعلق بالمكاييل والموازين، والتي هي عماد التعامل في البيع والشراء.
* المعنى الإجمالي: يأمر النبي ﷺ الأمة بأن تتخذ معيارًا موحدًا ثابتًا للكيل والوزن في معاملاتها، ويحدد لهم هذا المعيار بأن يكون هو المعيار المتعارف عليه عند أهل مكة في الأوزان، والمعيار المتعارف عليه عند أهل المدينة في المكاييل. وذلك لأن مكة والمدينة كانتا حاضنتَي الدولة الإسلامية الناشئة، وكانت معاييرهما معروفة ومشهورة لدى الجميع، مما يضمن العدل ويقطع الطريق على الغش والاختلاف.
* لماذا وزن مكة ومكيال المدينة؟
* وزن أهل مكة: اشتهر أهل مكة بالتجارة منذ القدم، وكانت قوافلهم تذهب إلى الشام واليمن، فكانت موازينهم دقيقة ومعتمدة ومعروفة لدى الكثيرين، فجعلها النبي ﷺ المعيار في الوزن.
* مكيال أهل المدينة: كانت المدينة بلد زراعة، يعتمد أهلها على الكيل للحبوب والتمور等، فكان مكيالهم (كالصاع والمد) هو الأكثر دقة وانتشارًا ومعرفة بين الناس، فجعلها النبي ﷺ المعيار في الكيل.
* المقصد التشريعي: المقصد الأساسي ليس حصر المعيار في مكة والمدينة إلى الأبد، بل توحيد المعايير في الأمصار الإسلامية لتحقيق العدل. الفقهاء فهموا من هذا الحديث أن على ولي الأمر (الحاكم) أن يوحّد المكاييل والموازين في بلاده، ويجعلها معيارًا واحدًا واضحًا يعرفه الجميع، حتى لا يقع الظلم والغش. فالمعيار المعتمد في العاصمة أو المركز التجاري الرئيسي هو الذي يجب أن يُحتكم إليه.
3. الدروس المستفادة منه:
1- تحقيق العدل في المعاملات: الحديث يؤكد على مقصد عظيم من مقاصد الشريعة وهو إقامة العدل ومنع الظلم والغش في البيع والشراء، قال تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [الأنعام: 152].
2- الحكمة في التشريع: النبي ﷺ لم يخترع موازين أو مكاييل جديدة، بل أقرَّ ما تعارف عليه الناس من المعايير الدقيقة المعروفة، مما ييسر على الناس أمرهم ويحقق المقصود.
3- دور الدولة في تنظيم المعاملات: الحديث يشرّع لولي الأمر أن يتدخل لتنظيم أمور المعاش بما يحقق المصلحة العامة، ومن ذلك توحيد المقاييس والمعايير.
4- سد ذرائع النزاع والغش: اختلاف الموازين والمكاييل من بلد لآخر يؤدي إلى النزاع والغش، فجاء الحديث لسد هذه الذريعة.
5- الاهتمام بضبط الأمور المالية: الإسلام دين دقة ونظام، خاصة في الأمور المالية التي تتعلق بحقوق العباد.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* من أشهر وحدات الوزن التي كانت في مكة: الرطل، وكان الرطل المكي يساوي تقريبًا (درهمًا وثلثي درهم) حسب تقديرات العلماء.
* من أشهر وحدات الكيل التي كانت في المدينة: الصاع والمُد. والصاع يساوي 4 أمداد، والصاع النبوي مقداره (2.176 كيلوجرام تقريبًا) من القمح.
* الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن الأحكام الشرعية المرتبطة بالكيل والوزن (ككفارة اليمين، وزكاة الفطر، ونصاب الزكاة) تُقدّر بالصاع والمد المدني، وبالرطل المكي.
* المعنى الحديث لهذا الحديث يتجلى في توحيد المقاييس والمعايير في الدولة، كاعتماد النظام المتري (الكيلوجرام، اللتر، المتر) بشكل رسمي في جميع أنحاء البلاد، لتحقيق نفس المقصد النبوي وهو العدل وشفافية المعاملات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقال أبو داود: «وكذا رواه الفريابي، وأبو أحمد عن سفيان، وافقهما في المتن. وقال أبو أحمد: عن ابن عباس مكان ابن عمر. ورواه الوليد بن مسلم، عن حنظلة قال: «وزن المدينة، ومكيال مكة».
وقال: «واختلف في المتن في حديث مالك بن دينار، عن عطاء، عن النبي ﷺ في هذا». يعني مرسلا.
والذي ذكره الدارقطني في «العلل» (١٣/ ١٢٦) أن أبا أحمد الزبيري خالف في الإسناد فقط، فقال: عن ابن عباس مكان ابن عمر.
قال الدارقطني: «الصحيح عن ابن عمر».
والفريابي خالف في المتن، فقال: «المكيال مكيال أهل مكة، والوزن وزن أهل المدينة».
قال: والصحيح ما تقدم.
وأما البيهقي فرواه من طريق أبي أحمد الزبيري، فقال: عن ابن عباس، عن النبي ﷺ قال: «المكيال مكيال أهل مكة، والوزن وزن أهل المدينة».
قال: «فخالف أبا نعيم في لفظ الحديث، والصواب ما رواه أبو نعيم بالإسناد، واللفظ». والله أعلم بالصواب.
ومعنى الحديث باختصار أن إخراج الزكاة من الذهب والفضة ينظر إلى ميزان أهل مكة الذي عدل في عهد عبد الملك بن مروان لما أراد ضرب الدنانير والدراهم، فكان النصاب الذي يجب فيه الزكاة مائتي درهم، وعلى هذا يقاس جميع الدراهم في البلدان المختلفة، وإن كانت أوزانها تختلف من بلد إلى بلد.
وأما ما يتعلق بوجوب الكفارات، وإخراج صدقة الفطر، وتقدير النفقات، وما في معناه فينظر إلى مكيال أهل المدينة، وهو ما يسمى بالصاع، وصاع أهل المدينة يختلف عن صاع أهل العراق، فصاع أهل المدينة خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وصاع أهل العراق ثمانية أرطال.
وأما في المعاملات فيحمل الصاع المتعارف عند أهل بلده، وإذا كان الأمر يتعلق بالشريعة وأحكامها فهو صاع أهل المدينة.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 10 قال أيوب: بلى يا رب! ولكن لا غنى لي عن...
- 11 خير الكسب كسب يد العامل إذا نصح
- 12 لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها
- 13 أصحاب رسول الله عمال أنفسهم وكان يكون لهم أرواح
- 14 طيب النفس من النعيم
- 15 عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور
- 16 ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم
- 17 إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من...
- 18 أنت ومالك لأبيك
- 19 رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى
- 20 سَهْلًا إِذَا بَاعَ وَسَهْلًا إِذَا اشْتَرَى
- 21 دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا ومقتضيا
- 22 اسمح يُسمح لك
- 23 فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما
- 24 اللهم بارك لأمتي في بكورها
- 25 إذا بايعت فقل لا خلابة
- 26 احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف
- 27 قول لا خلابة عند البيع والخيار ثلاثة ايام
- 28 أحسنوا مبايعة الأعرابي
- 29 كيلوا طعامكم يبارك لكم
- 30 كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه
- 31 إذا اشتريت فاكتل وإذا بعت فكِل
- 32 وعيد المطففين في المكيال والميزان
- 33 وزن وأرجح
- 34 إذا وزنتم فأرجحوا
- 35 الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
- 36 إن كتما، وكذبا محقت بركة بيعهما
- 37 المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 38 إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا
- 39 يقول أحدهما لصاحبه: اختر وربما قال: أو بيع خيار
- 40 المتبايعان بالخيار حتى يتفرقا
- 41 من ابتاع بيعا فوجب له فهو فيه بالخيار
- 42 خيار البيع قبل تفرق المتبايعين
- 43 البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
- 44 الخيار في البيع قبل التفرق
- 45 خيار البيع بعد العقد
- 46 لا يفترقن اثنان إلا عن تراض
- 47 بيع المسلم للمسلم لا داء ولا غائلة ولا خبثة
- 48 بعنيه هو لك يا رسول الله
- 49 يا بني النجار ثامنوني بحائطكم
- 50 أبوا أن يبيعوا بريرة إلا أن يشترطوا الولاء
- 51 بيع أم عطية أم هبة
- 52 من يشتريه مني؟
- 53 إذا زنت الأمة فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب
- 54 إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت...
- 55 يتتبع النبي الدباء من حول القصعة
- 56 إني نسجت هذه بيدي أكسوكها
- 57 بعث رسول الله ﷺ إلى فلانة: مري غلامك النجار يعمل...
- 58 امرأة من الأنصار تعمل منبرًا لرسول الله ﷺ
- 59 كان زكريا نجارًا
معلومات عن حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
📜 حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








