حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في خيار المجلس للمتبايعين

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله».

حسن: رواه أبو داود (٣٤٥٦)، والترمذي (١٢٤٧)، والنسائي (٤٤٨٢)، وأحمد (٦٧٢١) كلهم من طرق عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونعلم.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث التي تُبنى عليها أحكام المعاملات في الإسلام، خاصة البيع والشراء.

أولاً. شرح المفردات:


● المتبايعان: هما البائع والمشتري.
● بالخيار: أي لهما الحق والاختيار في إمضاء العقد أو فسخه.
● ما لم يتفرقا: أي ما لم يفترقا عن مكان العقد جسديًا، أو بالكلام عند بعض العلماء.
● صفقة خيار: أي بيع اشترط فيه لأحد المتعاقدين أو لكليهما حق الخيار لمدة محددة.
● يستقيله: أي يطلب فسخ العقد وإلغاءه.


ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن حكم عظيم من أحكام البيع، حيث يقول:
إن البائع والمشتري، بمجرد إتمام العقد والاتفاق على البيع، يظل لكل منهما الحق في الرجوع عن الصفقة وإلغائها (وهذا هو "خيار المجلس")، طالما أنهما لم يفترقا عن المكان الذي تم فيه العقد، سواء كان افتراقاً بالأبدان بالذهاب من المكان، أو بالكلام الذي يدل على انتهاء المجلس حسب بعض التفصيلات عند الفقهاء.
ثم استثنى النبي صلى الله عليه وسلم حالة واحدة لا ينتهي فيها الخيار بالافتراق، وهي إذا اشترطا في العقد نفسه "خياراً" لمدة محددة، كأن يقول البائع للمشتري: "بعتك هذا المتاع على أن يكون لك الخيار في الرجوع لمدة ثلاثة أيام". فهنا حتى لو افترقا من المجلس، يبقى الخيار سارياً إلى نهاية المدة المتفق عليها.
ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سلوكٍ غير أخلاقي قد يحدث، فقال: «ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله». أي لا يجوز لأحد المتعاقدين أن يسرع في مفارقة صاحبه والانصراف عنه بمجرد إتمام العقد، خوفاً أن يطلب منه الآخر فسخ الصفقة وإقالتها وهو لا يريد ذلك. فهذا الفعل منافٍ للأخوة والسماحة التي يجب أن تكون في المعاملات.


ثالثاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- مشروعية "خيار المجلس": وهو حق البائع والمشتري في فسخ العقد أو إمضائه طالما هما في مكان العقد ولم يفترقا. وهذا من رحمة الإسلام وعدله، ليمنح الطرفين فرصة للتفكير ومراجعة أنفسهما.
2- مشروعية "خيار الشرط": وهو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كلاهما حق الخيار لمدة معينة، كيوم أو يومين. وهذا الخيار لا يسقط بالافتراق، بل ينتهي بانتهاء المدة.
3- الحث على السماحة في المعاملة: النهي عن الهروب من الشريك خشية طلب الإقالة يدل على وجوب التيسير على الآخرين والتخفيف عنهم، وأن يكون المسلم سمحاً سهلاً في بيعه وشرائه. والإقالة من اللهفة التي يحبها الله ورسوله.
4- تقوية الثقة بين المتعاملين: هذا الحكم يبني ثقة متينة بين أفراد المجتمع، حيث يشعر كل طرف أن للآخر حق المراجعة، مما يزيل الشحناء والبغضاء.
5- مراعاة الآداب والأخلاق في المعاملات المالية: الإسلام لا ينظر إلى المعاملات على أنها مجرد أخذ وعطاء مادي، بل يربطها دائماً بآداب الرحمة والصدق والأمانة.


رابعاً. معلومات إضافية:


● حكمة مشروعية الخيار: هي دفع الضرر والغبن عن المتعاقدين، وإعطاؤهما فرصة كافية للتروي والتفكير، خاصة في الصفقات الكبيرة.
● الافتراق المقصود في الحديث: اختلف العلماء في تفسير "التفرق" على عدة أقوال، أبرزها:
● الافتراق بالأبدان: وهو الراجح عند جمهور العلماء، يعني أن يترك كل منهما مكان العقد وينصرف.
● الافتراق بالكلام: كأن يقول أحدهما للآخر: "امضِ البيع" أو "اختر" فينتهي الخيار.
- هذا الحديث أصل عظيم من أصول المعاملات، وهو دليل على كمال الشريعة الإسلامية وعدلها، حيث راعت مصلحة جميع الأطراف.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٤٥٦)، والترمذي (١٢٤٧)، والنسائي (٤٤٨٢)، وأحمد (٦٧٢١) كلهم من طرق عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره. وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب؛ فإنه حسن الحديث.
قال الترمذي: حديث حسن. وفيه دليل آخر لمن يقول: المراد بالتفرق هنا التفرق بالأبدان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 42 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

  • 📜 حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خيار البيع قبل تفرق المتبايعين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب