حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب من استدان دينا وهو ينوي قضاءه

عن عبد اللَّه بن جعفر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن اللَّه مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره اللَّه».

حسن: رواه ابن ماجه (٢٤٠٩)، والدارمي (٢٦٣٧)، والحاكم (٢/ ٢٣)، والبيهقي (٥/ ٣٥٥) كلهم من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، حدّثنا سعيد بن سفيان مولى الأسلميين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن جعفر فذكره.

عن عبد اللَّه بن جعفر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «إن اللَّه مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره اللَّه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه والعمل بها.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث شريف رواه الإمام ابن ماجه في سننه وغيره، عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الدَّائِنِ حَتَّى يُقْضَىَ دَيْنُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ».
وفي رواية: «مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يُكْرَهُ اللَّهُ».
وهذا حديث حسن، حسنه عدد من أهل العلم.

أولاً. شرح المفردات:


* مَعَ: هنا لا تعني المصاحبة المكانية، بل تعني معيته الخاصة التي تتضمن النصرة والتأييد والحفظ والمساعدة. وهي معية تقتضي العناية والرعاية، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
* الدَّائِنُ: هو الذي يُقْرِضُ الناسَ ويُسْلِفُهم المال، أي صاحب الدين (المقرض).
* حَتَّى يُقْضَىَ دَيْنُهُ: أي حتى يُردَّ إليه ماله الذي أقرضه ويستوفيه كاملاً من المدين.
* مَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا يَكْرَهُ اللَّهُ: شرط مهم، معناه بشرط ألا يكون هذا القرض أو الإقراض في أمر محرم أو يتعلق بمعصية الله تعالى.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم أن الله تعالى يتولى بنصره وعونه ورعايته كل من يُقرِض الناسَ ويحسن إليهم بإعطائهم القروض الحسنة التي تيسر أمورهم وتكشف ضيقهم.
فهذه المعونة الإلهية تكون ملازمة للمقرض من لحظة إقراضه حتى يسترد ماله بالكامل، فيكون الله معه:
* بالحفظ لماله من الضياع والتلف.
* بالتيسير على المدين حتى يستطيع السداد.
* بالإعانة على متابعة حقه بالطرق الشرعية دون ظلم أو إيذاء.
* بالبركة في ماله وعمله تعويضاً عن الخير الذي قدمه.
ولكن هذه المعية والنصرة مشروطة بشرط مهم جداً، وهو أن يكون هذا القرض في أمر حلال ومباح، لا في إثم أو معصية. فلو أقرض شخصاً ليشرب خمراً أو ليعينه على ظلم أو ليمارس ربا، فإنه لا يستحق هذه المعية الخاصة، بل يكون شريكاً في الإثم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل الإقراض والإحسان إلى الناس: الحديث حافز عظيم على فعل الخير وإعانة المحتاج بالمال، وفيه بيان لعظم أجر هذه الصدقة الجارية التي يظل أجرها ممتداً طوال مدة الدين.
2- تأكيد معية الله الخاصة لأهل الخير: وهي بشرى عظيمة للمسلم تحثه على عمل الخير، فمن كان الله معه فمن عليه؟!
3- ضمان الله للقرض الحلال: تطمين للنفوس التي تتردد في إقراض الناس خوفاً على أموالها، بأن الرزق بيد الله وهو الذي يتكفل بحفظه ورده إذا كان في طاعته.
4- اشتراط الطهارة والحلال في المعاملات: لا قيمة للعمل ولا بركة فيه إذا خالطته شائبة الحرام أو ساعد على معصية، فلا معية الله مع من يعصيه.
5- الترغيب في التيسير على المدين: الحديث أيضاً يشير بشكل غير مباشر إلى فضل المدين الذي يوفي دينه، فيكون سبباً في استمرار نعمة معية الله للمقرض، فيجب على المدين أن يبذل وسعه في السداد.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


* الفرق بين القرض والصدقة: القرض يجب رده، أما الصدقة فهي إعطاء بدون obligationالرد. والقرض له فضل عظيم لأنه يجمع بين الصدقة (بإعانة المسلم) والوفاء (برده).
* يستحب للمقرض أن ييسر على المعسر وينظره إذا كان لا يقدر على السداد، كما قال تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ}. وهذا من كمال الإحسان.
* يجب توثيق الدين كتابة أو بشاهدين إذا كان كبيراً، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}.
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٢٤٠٩)، والدارمي (٢٦٣٧)، والحاكم (٢/ ٢٣)، والبيهقي (٥/ ٣٥٥) كلهم من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، حدّثنا سعيد بن سفيان مولى الأسلميين، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن جعفر فذكره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد».
وإسناده حسن من أجل سعيد بن سفيان الأسلمي مولاهم المدني، روى عنه جمعٌ، وذكره ابن حبان في الثقات، حسن إسناده أيضًا الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٥/ ٥٤).
وفي الباب عن عائشة أنها كانت تدّان، فقيل لها: ما لك وللدين؟ قالت: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له عز وجل عون».
رواه أحمد (٢٤٤٣٩)، والحاكم (٢/ ٢٢)، والبيهقي (٥/ ٣٥٤) كلهم من طريق القاسم بن الفضل، حدّثنا محمد بن علي قال: كانت عائشة تدّان فذكره.
ومحمد بن علي هو أبو جعفر الباقر لم يسمع من عائشة.
وأما ما رواه الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن المجبر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة نحوه، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
فتعقبه الذهبي، فقال: «ابن مجبر وهاه أبو زرعة، وقال النسائي: متروك. لكن وثّقه أحمد».
قال الأعظمي: هو محمد بن عبد الرحمن بن المجبَّر العمري البصري، ذكر الذهبي في «الميزان» (٣/ ٦٢١) جماعة من أهل العلم تكلموا فيه من غير هؤلاء، منهم يحيى بن معين، والفلاس، والبخاري، ولكنه لم يذكر توثيق الإمام أحمد، فتأكد من ذلك.
وفي الباب أيضًا عن صهيب الخير، عن رسول اللَّه ﷺ قال: «أيما رجل تدين دينا وهو مجمع أن لا يوفيه إياه لقي اللَّه سارقا».
رواه ابن ماجه (٢٤١٠) عن هشام بن عمار قال: حدّثنا يوسف بن محمد بن صيفي بن صهيب الخير قال: حدثني عبد الحميد بن زياد بن صيفي بن صهيب، عن شعيب بن عمرو قال: حدّثنا صهيب الخير فذكره.
وفيه يوسف بن محمد بن صيفي قال البخاري: «فيه نظر». وقال أبو حاتم: «لا بأس به». وذكره ابن حبان في ثقاته، وقد روى عنه عدد، وجعله الحافظ في مرتبة «مقبول».
وشيخه عبد الحميد بن زياد بن صيفي، وهو عمه، قال أبو حاتم: شيخ. وذكره ابن حبان في ثقاته، وفي التقريب: «لين الحديث».
وللحديث إسناد آخر: رواه ابن ماجه (٢٤١٠) عن إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدّثنا يوسف ابن محمد بن صيفي، عن عبد الحميد بن زياد، عن أبيه، عن جده صهيب، عن النبي ﷺ نحوه.
قال البخاري: «لا يصح سماع بعضهم من بعض».
وللحديث إسناد آخر: وهو ما رواه أحمد (١٨٣٢) عن هشيم، أخبرنا عبد الحميد بن جعفر، عن الحسن بن محمد الأنصاري قال: حدثني رجل من النمر بن قاسط قال: سمعت صهيب بن سنان يحدث قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «أيما رجل أصدق امرأة صداقا واللَّه يعلم أنه لا يريد أداءه إليها فغرَّها باللَّه، واستحل فرجها بالباطل لقي اللَّه يوم يلقاه وهو زان. وأيما رجل ادَّان من رجل
دينا واللَّه يعلم أنه لا يريد أداءه إليه فغرَّه باللَّه، واستحل ماله بالباطل لقي اللَّه عز وجل يوم يلقاه وهو سارق». وفيه رجل لم يسم.
وفيه أيضًا الحسن بن محمد الأنصاري، لم يذكر البخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٣٠٦)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٣/ ٣٥)، وابن حبان في «الثقات» (٦/ ١٦٦) من الرواة عنه غير عبد الحميد بن جعفر؛ فهو مجهول، ومع ذلك ذكره ابن حبان.
وللحديث طرق أخرى، ولا يصح منها شيء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 211 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

  • 📜 حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب