حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب جواز منع الرعي في أرض مخصوصة للمصلحة العامة إذا رأى الإمام ذلك

عن الصعب بن جثامة قال: إن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا حمى إلا للَّه ولرسوله».

صحيح: رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٧٠) عن يحيى بن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة قال فذكر الحديث.

عن الصعب بن جثامة قال: إن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا حمى إلا للَّه ولرسوله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
الحديث: عن الصعب بن جثامة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». رواه البخاري.


1. شرح المفردات:


* الحمى: (بكسر الحاء) هو أن يمنع الإنسانُ أرضًا أو مرعىً من الناس، ويختص بها لنفسه أو لدوابه، بحيث لا يرعاها غيره. وكانت هذه عادة جاهلية، حيث كان الأقوياء والأشراف يحمون المراعي الخصبة لأنفسهم ويمنعون الضعفاء والفقراء منها.


2. شرح الحديث:


هذا الحديث النبوي الشريف يقطع دابر عادة جاهلية سيئة، ويضع قاعدة عظيمة في العدل ومنع الظلم.
* المعنى الإجمالي: ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يُحْمى لأحد من الناس مرعى أو أرض إلا بإذن شرعي. ويُخبر أن الحق في إقرار "الحمى" – إذا دعت الحاجة إليه – هو حق خاص بالله ورسوله، ثم من بعده لحكام المسلمين الذين يقتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في العدل والرحمة.
* التفصيل: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم "لا حمى مطلقًا"، بل قيده بقوله: «إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ». وهذا يعني أن "الحمى" قد يكون جائزًا بل وواجبًا أحيانًا، لكن بشروط:
1- أن يكون للحاجة العامة للمسلمين، لا للمنفعة الشخصية. فمثلاً، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحْمي "النقيع" (مكان قرب المدينة) لخيل المجاهدين في سبيل الله، التي تُعد للجهاد. وكذلك كان الخلفاء الراشدون من بعده يحمون بعض المراعي لإبل الصدقة وخيل الجيش، لينتفع بها جميع المسلمين، لا أن يأخذها شخص أو قبيلة دون غيرهم.
2- أن يكون من له ولاية الأمر (الإمام أو الحاكم) وهو الذي يقدر هذه المصلحة العامة. فلا يجوز لأفراد الناس أو العشائر أن يفعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم.
فالحديث ليس نفيًا مطلقًا للحِمَى، بل هو تقييد له وإبطال للاستئثار الفردي الجائر، وتأكيد على أن هذا الحق إنما هو لولي الأمر الذي ينظر لمصلحة الأمة كلها، على منهاج النبوة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم الظلم والاستئثار بخيرات الأرض: يحرّم الحديث الاستئثار بالمراعي والموارد الطبيعية ومنع الناس منها، وهو من أعظم أنواع الظلم، خاصة للفقراء وأصحاب المواشي الصغيرة.
2- سيادة القانون والنظام: يؤصل الحديث لمبدأ أن إقرار مثل هذه الأمور ليس حقًا للأفراد، بل هو من اختصاص ولي الأمر الشرعي الذي يراعي المصلحة العامة.
3- العدل والرحمة: حتى عندما يحمي الإمام لأمر عام (كالجهاد)، فإنه يفعل ذلك لمصلحة جميع المسلمين، فهو عدل ورحمة، وليس استكبارًا واستئثارًا كما في الجاهلية.
4- سد الذرائع إلى المفاسد: يغلق النبي صلى الله عليه وسلم الباب أمام أي محاولة للتفرد بالخيرات والموارد، والتي تزرع الأحقاد وتسبب الظلم بين الناس.
5- مراعاة المصلحة العامة: يشير الحديث إلى حكمة التشريع الإسلامي الذي يجعل الموارد الطبيعية ملكًا للمجتمع، ويجيز التصرف فيها بما يحقق المصلحة للجميع تحت إشراف السلطة الشرعية.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل من أصول السياسة الشرعية، وهو متفق على صحته.
* الفقهاء يستدلون به على أن "حق الحمى" من اختصاص الإمام (الحاكم)، ولا يجوز لأحد أن يفعله دون إذنه.
* المعنى الحديث لهذا الحديث يتجلى في منع الاحتكار والاستئثار بثروات البلاد من قبل الأفراد أو الفئات القوية على حساب عامة الناس.
* يقيد الفقهاء هذا الحق بضوابط شديدة، منها ألا يكون الحمى على حساب ضرورة الناس، وألا يكون في الأرض التي يحتاجها العامة، وأن يكون لمصلحة راجحة تعود على الأمة ككل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٧٠) عن يحيى بن بكير، حدّثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة قال فذكر الحديث.
وقال: بلغنا أن النبي ﷺ حمى النقيع، وأن عمر حمى الشرف والربذة.
قال ابن حجر: والقائل هو ابن شهاب، وهو موصول بالإسناد المذكور إليه، وهو مرسل، أو معضل. فتح الباري (٥/ ٤٥).
وقد صرح أبو داود (٣٠٨٣) أن ابن شهاب قال: «وبلغني أن رسول اللَّه ﷺ حمى النقيع».
وأما ما رواه أبو داود (٣٠٨٤)، وأحمد (١٦٦٥٩)، والحاكم (٣/ ٦١)، وعنه البيهقي (٦/ ١٤٦) كلهم من حديث عبد العزيز بن محمد، ثنا عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة، عن الزّهريّ، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة أن النبي ﷺ حمى النقيع، وقال: «لا حمى إلا للَّه عز وجل» فهو ضعيف.
وقال الحاكم: «قد اتفقا على حديث يونس، عن الزّهريّ بإسناده»لا حمى إلا للَّه ولرسوله«، ولم يخرجاه هكذا، وهو صحيح الإسناد».
وهو وهم منه؛ فإنه من أفراد البخاري.
ونقل البيهقي قول البخاري بأن هذا وهم؛ لأن قوله: «حمى النفيع» من قول الزّهريّ، وكذلك قاله ابن أبي الزّناد، عن عبد الرحمن بن الحارث.
وعبد الرحمن بن الحارث ممن لا يقبل تفرده؛ لأنه رمي بالوهم، وإن كان حسن الحديث إذا لم يخالف، ولم يأت في خبره ما ينكر عليه.
وكذلك لا يصح ما روي عن ابن عمر أن النبي ﷺ حمى النقيع لخيل المسلمين ترعى فيه. رواه أحمد (٥٦٥٥)، والبيهقي (٦/ ١٤٦) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وعبد اللَّه بن عمر ضعيف باتفاق أهل العلم.
ولكن رواه ابن حبان في صحيحه (٤٦٨٣) من وجه آخر عن عاصم بن عمر، عن عبد اللَّه بن
دينار، عن ابن عمر فذكر الحديث.
وعاصم بن عمر وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ضعيف أيضًا عند جمهور أهل العلم.
والنقيع -بفتح النون والقاف- على عشرين فرسخا من المدينة. وأصل النقيع هو كل موضع يستنقع فيه الماء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 189 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

  • 📜 حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا حمى إلا لله ولرسوله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب