حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الصلح في ماء السقي

عن عبد اللَّه بن الزبير أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول اللَّه ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند النبي ﷺ، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك». فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك. فتلون وجه رسول اللَّه ﷺ، ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر». فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [سورة النساء: ٦٥].

متفق عليه: رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٥٩، ٢٣٦٠)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٧) كلاهما من طريق الليث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عبد اللَّه بن الزبير حدثه فذكره.

عن عبد اللَّه بن الزبير أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول اللَّه ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه، فاختصما عند النبي ﷺ، فقال رسول اللَّه ﷺ: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك». فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك. فتلون وجه رسول اللَّه ﷺ، ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر». فقال الزبير: واللَّه إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [سورة النساء: ٦٥].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث عظيم، رواه الإمام البخاري في صحيحه، وفيه دروس وعبر جليلة في أدب الخصومة، ووجوب الرضا بحكم الشرع، وعلو مكانة النبي صلى الله عليه وسلم. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● خاصم: جادله وترافع إليه في خصومة.
● الشراج: جمع شِرْج، وهو المسيل أو المجرى الذي يجري فيه الماء لسقي المزارع.
● الحرة: أرض ذات حجارة سوداء، وهي معروفة في المدينة المنورة.
● سرح الماء يمر: اطلق الماء ليمر إلى أرضي بعد أن تفرغ من سقيك، أي دع الماء يجري إلى الأرض التي تليك.
● فأبى عليه: رفض الزبير طلب الأنصاري.
● فاختصما: ترافعا وتحاكما.
● فغضب الأنصاري: استشاط غضباً لعدم حصوله على ما يريد.
● أن كان ابن عمتك: قالها الأنصاري تعنتاً واعتراضاً على الحكم، implying أن النبي صلى الله عليه وسلم انحاز لصالح الزبير لأنه ابن عمته (صفية بنت عبد المطلب).
● فتلون وجه رسول الله ﷺ: تغير لون وجهه الشريف من شدة الغضب والكراهية لما قاله الرجل من سوء أدب واتهام بالجور.
● حبس الماء حتى يرجع إلى الجدر: أي امنع الماء وأمسكه حتى يعود إلى أصل الجدار أو الحائط (أي حتى يصل إلى أقصى حد يمكن أن يصل إليه الماء في أرضك)، وهذا حكم أقسى على الأنصاري من الأول.


ثانياً. شرح الحديث وفقهه:


1- وقائع القضية: حدث نزاع بين الصحابي الجليل الزبير بن العوام (ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم) ورجل من الأنصار على ماء يسقيان به نخيلهما. طلب الأنصاري من الزبير أن يطلق الماء إلى أرضه بعد انتهائه مباشرة، لكن الزبير رفض لأنه يريد أن يستفيد من الماء لأطول مدة ممكنة في أرضه أولاً.
2- الحكم الأول للنبي ﷺ: حكم النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بأن يسقي أرضه أولاً ثم يرسل الماء إلى جاره الأنصاري. هذا الحكم فيه مراعاة لحق صاحب الأرض الأولى (الأعلى) في استيفاء حاجته من الماء، وهو حكم عادل يقوم على القاعدة الفقهية: "الأعلى فالأعلى" في موارد المياه، ما لم يتضرر الجار السفلي.
3- ردة فعل الأنصاري وخطؤه: вместо أن يرضى بحكم النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي من الله، غضب واعترض متهمًا النبي – implicitly – بالمحاباة لقرابته بقوله: "أن كان ابن عمتك". هذه الكلمة فيها:
- سوء أدب مع رسول الله ﷺ.
- اتهام له بعدل، وهو الذي وصفه ربه بـ {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
- شك في حكم الله ورسوله، وهو نوع من النفاق.
4- غضب النبي ﷺ وتغيير الحكم: تغير وجه رسول الله ﷺ غضبًا لله، لأن كلمة الأنصاري مسَّت جانب النبوة والعدل. فغيّر حكمه إلى حكم أشد على الأنصاري، فأمر الزبير أن يسقي أرضه ثم يحبس الماء حتى يصل إلى أقصى حد في أرضه (حتى يرجع إلى الجدر)، مما يعني حرمان الأنصاري من الماء لفترة أطول أو كليًا. هذا الحكم الثاني ليس انتقامًا شخصيًا، بل هو:
● عقاب تربوي للأنصاري على سوء أدبه واعتراضه على حكم الشرع.
- إظهار لخطورة التعدي على حرمة النبي ﷺ والشك في عدله.
- تأكيد على أن حكم النبي هو الحق الذي يجب التسليم له دون اعتراض.
5- استشهاد الزبير بالآية الكريمة: فهم الزبير رضي الله عنه أن هذا الموقف هو مصداق قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. فالإيمان الحقيقي يقتضي:
- التحاكم إلى رسول الله ﷺ.
- عدم الشعور بضيق أو تردد في قبول حكمه.
- التسليم الكامل لهذا الحكم ظاهرًا وباطنًا.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب التحاكم إلى شرع الله ورسوله: في كل كبيرة وصغيرة، وترك التحاكم إلى الأهواء والعادات.
2- الرضا والتسليم لحكم الشرع: من كمال الإيمان أن يرضى المسلم بحكم الله ورسوله، ولو كان ضد هواه ومصلحته الشخصية.
3- سمو أخلاق النبي ﷺ وعدله: فقد حكم في البداية حكمًا عادلاً لم يحابِ فيه قريبه.
4- خطورة سوء الأدب مع الله ورسوله: وأن الاعتراض على أحكام الشرع يترتب عليه حرمان من الخير وعقوبة في الدنيا قبل الآخرة.
5- الحكمة في التربية والتأديب: أن تغيير الحكم من النبي ﷺ كان لحكمة عظيمة، وهي تأديب الأنصاري وتعليم الأمة كلها وجوب الانقياد.
6- فقه الموارد المشتركة (الماء): أن للأعلى حق الاستفادة من الماء أولاً، على ألا يضيع حق الس
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المساقاة (٢٣٥٩، ٢٣٦٠)، ومسلم في الفضائل (٢٣٥٧) كلاهما من طريق الليث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عبد اللَّه بن الزبير حدثه فذكره.
قال البخاري عقبه: «ليس أحد بذكر عروة عن عبد اللَّه إلا الليث فقط».
يعني: وغيره يرويه عن عروة، عن الزبير. وهو الحديث الآتي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 195 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

  • 📜 حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي يسقون بها النخل

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب