تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئًا؟ قال: لا. قالوا: تذكر. قال: كنت أداين النّاس، فآمر فتياني أن يُنظروا المعسر، ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال اللَّه عز وجل: تجوزوا عنه».

متفق عليه: رواه البخاريّ في البيوع (٢٠٧٧)، ومسلم في المساقاة (١٥٦٠) كلاهما من حديث زهير، حدّثنا منصور، عن ربعي بن حراش أن حذيفة حدثهم فذكره، واللّفظ لمسلم.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهو من الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح المفردات:

● تلقت الملائكة روح رجل: قبضت ملائكة الموت روح رجل عند وفاته.
● أعملت من الخير شيئًا؟: هل فعلت أي عمل صالح في دنياك؟
● تذكر: ابحث في ذاكرتك وتفكر مرة أخرى لعلك نسيت عملاً صالحاً.
● أداين الناس: أقرض الناس وأتعامل معهم بالدَّين.
● فَتَياني: خُدَّامي وأعواني الذين يعملون لدي في تحصيل الديون.
● أَنْ يُنظِّروا المُعسِر: أن يمهلوا من كان فقيراً معسراً ولا يطالبوه بالسداد حالاً.
● وَيَتَجَوَّزُوا عن الموسر: أن يتساهلوا مع الغني القادر على السداد ويقبلوا منه أقل مما عليه إذا احتاجوا للتخفيف.
● تَجَوَّزُوا عَنْهُ: اسقطوا عنه بعض دينه أو سامحوه فيه، وهو أمر من الله تعالى للملائكة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة رجل صالح من الأمم السابقة، حينما مات وقبضت ملائكة الموت روحه، سألوه: هل عملت أي خير في حياتك؟ فأجابهم بالنفي. فأرشدوه أن يتذكر ويتفكر مرة أخرى، لعله نسي عملاً صالحاً.
فتذكر الرجل فقال: إنني كنت أقرض الناس (أي أتعامل معهم بالدين)، وكنت أوصي عمالي وخدّامي الذين يتحصّلون الديون من الناس أن يتعاملوا مع المدينين برفق وإحسان. فكانت وصيتي لهم:
- أن يُنظِّروا المُعسِر: أي يمهلوا الفقير الذي لا يجد مالاً للسداد، ولا يضيّقوا عليه أو يحرجوه.
- وأن يَتَجَوَّزُوا عن الموسر: أي يتساهلوا مع الغني القادر على السداد، ويحسنوا إليه بقبول أقل من حقه أو بإسقاط جزء منه عنه.
فلما سمع الله تعالى منه هذا العمل، وهو من أعمال القلوب والجوارح التي فيها إحسان إلى الخلق، قال للملائكة: "تَجَوَّزُوا عَنْهُ"، أي اسقطوا عنه ذنوبه وسامحوه كما كان يسامح غرماءه، وأدخلوه الجنة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- سعة رحمة الله تعالى: فالله يجازي عبده على العمل اليسير بالعفو والمغفرة، ويدخله الجنة.
2- الإحسان في المعاملة: الحديث يحث على الرحمة واللين في التعامل مع الناس، خاصة في المعاملات المالية، والرفق بالمدينين.
3- قبول الأعمال الخفية: فالعمل الذي كان يفعله هذا الرلم لم يكن ظاهراً للناس، لكن الله تعالى علمه وقبله وكافأه عليه.
4- فضل إنظار المعسر والتيسير على الناس: وهذا من أعظم القربات إلى الله، وقد قال تعالى: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280].
5- أن الله يجازي العبد من جنس عمله: كما عامَل هذا الرجل الناس بالرحمة والتجاوز، عامله الله تعالى بمثل ذلك.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على أن من أسباب مغفرة الذنوب دخول الجنة: حسن الخلق والمعاملة مع الناس، وليس فقط الصلاة والصيام.
- العمل الذي ذكره الرجل هو من أخلاق الإسلام العظيمة، وهو الجمع بين الرحمة بالمعسر والكرم مع الموسر.
- ينبغي للتجار وأصحاب الأموال أن يقتدوا بهذا الرجل، فيوصوا عمالهم بالرفق واللين في تحصيل الديون.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتجاوزين عن الناس، الرحيمين بهم، وأن يتجاوز عنا ويغفر لنا برحمته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في البيوع (٢٠٧٧)، ومسلم في المساقاة (١٥٦٠) كلاهما من حديث زهير، حدّثنا منصور، عن ربعي بن حراش أن حذيفة حدثهم فذكره، واللّفظ لمسلم.
وقال البخاري: وقال أبو مالك (هر سعد بن طارق) عن ربعي: «كنت أُيَسِّر على الموسر، وأنظر المعسر». وتابعه شعبة عن عبد الملك عن ربعي.
وقال أبو عوانة عن عبد الملك عن ربعي: «أنظر الموسر، وأتجاوز عن المعسر». وقال نعيم بن أبي
هند عن ربعي: «فأقبل من الموسر، وأتجاوز عن المعسر». انتهى. ووصل مسلم معظم هذه الروايات.
وقوله: «يتجوزوا» من التجاوز، والتجوز معناه المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 228 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

📜 حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: تجوزوا عن الموسر وتنظروا المعسر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية