حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب جواز منع الرعي في أرض مخصوصة للمصلحة العامة إذا رأى الإمام ذلك
صحيح: رواه ابن حبان (٤٦٨٥) عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حدّثنا يحيى بن معين، حدّثنا علي بن عياش، حدّثنا شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ».
أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
1. شرح المفردات:
* الحمى: في اللغة: الممنوع والمحظور. وفي الاصطلاح الشرعي: هو أن يُخصِّص الإمام (الحاكم) قطعةً من أرض المباح (كالمراعي أو الموارد الطبيعية التي ليست مملوكة لأحد) لصالح فئة معينة من الرعية، ويَمنع الآخرين من الانتفاع بها، كأن يحميها لخيل المجاهدين أو إبل الصدقة.
2. شرح الحديث:
يكشف هذا الحديث النبوي العظيم عن مبدأ عظيم من مبادئ العدالة الاجتماعية والاقتصادية في الإسلام.
* المعنى الإجمالي: ينهى النبي ﷺ عن أن يُحْدِدَ أي شخص – مهما كان نفوذه أو مكانته – منطقة من الأراضي العامة (المشاع) ويحتكرها لنفسه أو لعشيرته أو لفئة محددة، ويُخْرِجها من انتفاع عامة الناس. ويُقَرِّرُ ﷺ أن هذا الحق (الحمى) لا يجوز لأحد إلا لاثنين:
1- لله: أي فيما يتعلق بحقوق الله العامة التي تُرجع إلى مصلحة عموم المسلمين، كإبل وزكاة الصدقة.
2- ولرسوله: بصفته إمامًا وحاكمًا للمسلمين، الذي له أن يحمي منطقة للمصلحة العامة الراجحة، كإعداد خيل الجهاد أو إعاشة الفقراء والمساكين.
* السياق التاريخي: قبل الإسلام، كان الأقوياء والسادة في الجاهلية يحمون المراعي لأنفسهم ويمنعون الضعفاء منها، فجاء الإسلام ليمنع هذا الظلم والاستئثار بخيرات البلاد. وقد ورد في روايات أخرى للحديث: «مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ...» ثم ذكر الحديث، مما يدل على أن الاحتكار والاستئثار بموارد العامة من الأمور التي تُباعِدُ عن محبة الله تعالى.
3. الدروس المستفادة منه:
1- تحقيق العدالة الاجتماعية: يهدف الحديث إلى منع الظلم والاستئثار بثروات البلاد، وتوزيع الموارد الطبيعية بعدل بين جميع أفراد المجتمع، فلا يحق لذي جاه أو سلطان أن يحتكرها.
2- الحفاظ على المال العام: يؤصل الحديث لمبدأ أن موارد الدولة الطبيعية هي ملك للجميع، ويجب أن تدار لصالحهم، ولا يجوز تخصيصها لفرد أو فئة دون مبرر شرعي.
3- مسؤولية الحاكم: للحاكم المسلم حق التصرف في المال العام (بالحمى وغيره) ولكن بشروط:
* أن يكون ذلك لمصلحة عامة راجحة وواضحة للمسلمين، كتجهيز الجيوش أو إغاثة المحتاجين في أوقات الأزمات.
* ألا يكون في ذلك ضرر عام أو ظلم لطائفة من الناس.
* ألا يكون الحمى لمصلحته الشخصية أو لعشيرته.
4- تحذير من الظلم: الحديث تحذير صريح لكل من يتسلط على公共 الممتلكات (المشاعات) ويحتكرها، وأن هذا الفعل منافٍ لشرع الله تعالى.
5- الفردية في الإسلام: الإسلام دين جماعة، يمنع الفردية والأنانية التي تضر بمصالح الآخرين، ويحث على التعاون والتكافل.
4. معلومات إضافية مفيدة:
* استدل الفقهاء بهذا الحديث على أن "الحمى" جائز للإمام (الحاكم) إذا كان لمصلحة عامة، كأن يحمي مرعىً لإبل الصدقة أو خيل المجاهدين، لأنه يكون حينئذ حمى لله ورسوله (أي لشرعه ومصلحة أمته).
* الفرق بين "الحمى" الجائز والاحتكار المحرم (اكتناز السلع واحتكارها لغلاء الأسعار) هو أن الأول يتعلق بالموارد الطبيعية غير المملوكة (كالماء والكلأ)، بينما الثاني يتعلق بالسلع الموجودة في السوق. وكلا الظلمين محرم لضررهما على المجتمع.
* هذا الحديث يمثل قاعدة عظيمة في الاقتصاد الإسلامي، وهي أن الموارد الأساسية يجب أن تكون متاحة للجميع، وأن دور الدولة هو تنظيم الانتفاع بها بما يحقق المصلحة العامة وليس الاحتكار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وقوله: «لا حمى إلا للَّه ولرسوله«أي لا يجوز لأحد أن يحمي شيئًا لنفسه، كما كان أهل الجاهلية يفعلون؛ فإن الرجل العزيز أو رئيس العشيرة كان يحمي لنفسه ما يشاء، ويمنع النّاس منه.
وقوله: «إلا للَّه ولرسوله«أي إن اللَّه ورسوله وبعد الرسول من يقوم مقامه -وهم الخلفاء والملوك وولاة الأقاليم بإذن من الملك لهم- أن يحموا للمسلمين ما يشاؤون حسب المصلحة العامة.
وروى مالك في: الموطأ (٢/ ١٠٠٣)، ومن طريقه البخاري (٣٠٥٩) عن زيد بن أسلم، عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل مولى له يدعي هُنيا على الحمى، فقال: يا هُني، اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المظلوم؛ فإن دعوة المظلوم مستجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف، ونعم ابن عثمان؛ فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى نخل وزرع. وإن رب الصريمة ورب الغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتني ببنيه، فيقول: يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا لا أبا لك، فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وأيم اللَّه إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم، قاتلوا عليها في الجاهلية، وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل اللَّه ما حميت عليهم من بلادهم شبرا».
وقوله: «اضمم جناحك عن المسلمين» أي أكفف يدك عن ظلمهم.
وقوله: «أدخل رب الصريمة والغنيمة» أدخل بهمزة مفتوحة، والصريمة بالمهملة مصغر، وكذا الغنيمة، أي أصحاب القطعة القليلة من الإبل والغنم. ومتعلق الإدخال محذوف، والمراد المرعى.
وقوله: «أفتاركهم» استفهام إنكار، ومعناه لا أتركهم محتاجين.
وقوله: «لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل اللَّه» أي من الإبل التي كان يحمل عليها من لا يجد ما يركب.
وفي الحديث ما كان فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من القوة، وجودة النظر، والشفقة على المسلمين في رعاية مصالحهم.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 190 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 165 إخراج اليهود من أرض الحجاز في عهد عمر بن الخطاب.
- 166 مقاسمه خيبر واتفاق الرسول مع يهودها على العمل بنصف الثمر
- 167 أعطوا الأرض على أن لكم نصف الثمرة ولنا نصف
- 168 أن يمنح أحدكم أخاه خير من أن يأخذ خرجا معلوما
- 169 لم يحرم المزارعة ولكن أمر أن يرفق بعضهم بعضا
- 170 نهى رسول الله ﷺ عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة
- 171 نهى رسول الله عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا
- 172 من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من...
- 173 أخذوا زرعكم وردوا عليه النفقة
- 174 اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك
- 175 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم
- 176 لو تركت زمزم لكانت عينا معينا
- 177 من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق
- 178 من أحيا أرضا ميتة فهي له
- 179 من أحاط حائطا على أرض فهي له
- 180 ستَرونَ بَعدي أَثَرَةً فَاصبِروا حَتّى تَلقَوني
- 181 كنت أنقل النوى من أرض الزبير على رأسي
- 182 أعطني نعلك فقال انتعل ظل الناقة
- 183 ما يحمى من الأراك ما لم تبلغه أخفاف الإبل
- 184 لا حمى في الأراك
- 185 أعطى النبي المعادن القبلية جلسيّها وغوريّها
- 186 «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»
- 187 من أهل ذي المروة؟
- 188 معنى لا حمى إلا لله ولرسوله
- 189 لا حمى إلا لله ولرسوله
- 190 شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
- 191 من أمسك كلبا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط
- 192 تقاضى دينا كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما
- 193 الصلح جائز بين المسلمين
- 194 خيركم من أعتق عند الموت
- 195 خاصم الزبير عند رسول الله ﷺ في شراج الحرة التي...
- 196 اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك
- 197 اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم
- 198 من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة...
- 199 نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين
- 200 من بريء من ثلاث دخل الجنة
- 201 من مات وعليه دينار أو درهم قضي من حسناته
- 202 لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها
- 203 الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال ويكفر الخطايا إلا الدين
- 204 يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين
- 205 رسول الله ﷺ يمشي في النخل ويبارك في ثمرها.
- 206 أخوك محتبس بدينه فاقض عنه
- 207 لو كان عندي أحد ذهبا
- 208 ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا تمضي علي ثالثة...
- 209 من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه
- 210 من أخذ دينا وهو يريد أن يؤديه أعانه الله
- 211 إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن...
- 212 أعطوه فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء
- 213 أعطاه وسقا فقال: نصف وسق لك ونصف وسق لك من...
- 214 أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء
معلومات عن حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
📜 حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: شرح لا حمى إلا لله ولرسوله
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








