«إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

عن ابن مسعود قال: لما قدم النبي ﷺ المدينة أقطع الدور، وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه، نَكِّبه عنا، قال: «فلم بعثني اللَّه إذا؟ إن اللَّه عز وجل لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه».

حسن: رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ٢٧٤) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، ثنا عبد الرحمن ابن سلام الجمحي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن مسعود قال: لما قدم النبي ﷺ المدينة أقطع الدور، وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه، نَكِّبه عنا، قال: «فلم بعثني اللَّه إذا؟ إن اللَّه ﷿ لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بشرح هذا الحديث النبوي الشريف.

الحديث بلفظه:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ أَقْطَعَ الدُّورَ، وَأَقْطَعَ ابْنَ مَسْعُودٍ فِيمَنْ أَقْطَعَ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكِّبْهُ عَنَّا، قَالَ: «فَلَمْ بَعَثَنِي اللَّهُ إِذًا؟ إِنَّ اللَّهَ ﷻ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا يُعْطُونَ الضَّعِيفَ مِنْهُمْ حَقَّهُ».

1. شرح المفردات:

● قَدِمَ: وصل ووطن.
● أَقْطَعَ الدُّورَ: أعطى قطعاً من الأرض ليبني عليها بيوتاً (الدور: جمع دار، أي البيت).
● نَكِّبْهُ عَنَّا: أصرفه عنا، أبعدْه عن جوارنا. والنَّكْبُ: الصرف والإبعاد.
● فَلَمْ بَعَثَنِي اللَّهُ إِذًا؟: استفهام إنكاري، بمعنى: إذا لم أفعل ذلك فما الحكمة من بعثتي؟ أي: لقد بعثني الله لأحق الحق وأبطل الباطل وأعدل بين الناس.
● لَا يُقَدِّسُ: لا يطهر ولا يزكي ولا يبارك. والتقديس: التنزيه والتعظيم.

2. شرح الحديث:

يخبر الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن موقف حدث عند هجرة النبي ﷺ إلى المدينة المنورة. فبعد الهجرة، شرع النبي ﷺ في تقسيم الأراضي وإقطاعها للمهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم في مكة، ليبني كل منهم داراً يسكن فيها.
فأعطى النبي ﷺ ابن مسعود رضي الله عنه قطعة أرض بجوار بعض الصحابة. إلا أن هؤلاء الصحابة استنكروا ذلك وطلبوا من النبي ﷺ أن يصرف ابن مسعود عن الجوار ويبعده عنهم. ويرجح العلماء أن سبب طلبهم هذا قد يكون كون ابن مسعود رضي الله عنه آنذاك فتىً صغيراً ليس له منزلة كبيرة في أعينهم، أو لأنه كان من الضعفاء والفقراء، فكرهوا جواره.
فرد عليهم النبي ﷺ رداً حازماً وعظيماً، مفيداً أن مهمته التي بعثه الله بها تقتضي إعطاء كل ذي حق حقه، والدفاع عن الضعيف، وإقامة العدل بين الناس جميعاً، قويهم وضعيفهم. ثم بين أن الأمة التي لا تنصف ضعفاءها ولا تعطيهم حقوقهم هي أمة لا يزكيها الله ولا يبارك فيها، بل هي بعيدة عن التقديس والطهارة المعنوية.

3. الدروس المستفادة منه:

1- العدل أساس الملك: الحديث يرسخ مبدأ العدل والمساواة بين الناس في الحقوق، بغض النظر عن منزلتهم الاجتماعية أو وضعهم المادي.
2- الدفاع عن حقوق الضعفاء: من أعظم مقاصد بعثة النبي ﷺ رعاية حقوق الضعفاء والمنقطعين، والذب عنهم، ومنع ظلمهم أو انتقاص حقوقهم.
3- ذم النظرة الطبقية: النبي ﷺ أنكر على من طلب إبعاد ابن مسعود لمجرد كونه يعتبر "ضعيفاً" في نظرهم، مما يحذر من التعالي على الناس بسبب الفقر أو ضعف الحال.
4- المسؤولية العظيمة للقادة: يبين الحديث عظم المسؤولية الملقاة على عاتق الحكام والقادة، حيث جعل النبي ﷺ إعطاء الضعيف حقه من صميم رسالته وسبب بعثته.
5- البركة في رعاية الحقوق: الأمة التي تنصف ضعفاءها هي الأمة التي يتقبلها الله ويقدسها ويبارك فيها، أما التي تظلمهم فهي محرومة من بركة الله وتأييده.

4. معلومات إضافية مفيدة:

● مصدر الحديث: رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال محققوه: إسناده صحيح.
● مكانة ابن مسعود: بالرغم من أن الصحابة طلبوا إبعاده آنذاك، إلا أن ابن مسعود رضي الله عنه أصبح بعد ذلك من كبار علماء الصحابة وفحولتهم، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن، مما يدل على أن الله يرفع من يشاء بالعلم والإيمان.
● الحديث قاعدة فقهية: استدل به الفقهاء على وجوب نصرة المظلوم والدفاع عن حقوق المستضعفين، وأن ذلك من أهم واجبات الولاة والحكام.
نسأل الله أن يجعلنا ممن ينصفون ولا يظلمون، ويعطون الضعيف حقه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطبراني في الكبير (١٠/ ٢٧٤) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، ثنا عبد الرحمن ابن سلام الجمحي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن هبيرة بن يريم، عن ابن مسعود فذكره.
وإسناده حسن من أجل هبيرة بن يريم؛ فإنه حسن الحديث. ويريم على وزن عظيم.
قال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ١٩٧): رجاله ثقات.
وقال ابن حجر في التلخيص (٣/ ٦٣): وإسناده قوي.
ورواه البيهقي (٦/ ١٤٥) من طريق الشافعي قال: أنبأنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى ابن جعدة قال: لما قدم النبي ﷺ في المدينة أقطع النّاس الدور، فقال له حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة: نكب عنا ابن أم عبد، فقال رسول اللَّه ﷺ فذكر الحديث. هكذا رواه مرسلا.
قال ابن حجر: «ولا يقال: لعل يحيى سمعه من ابن مسعود؛ فإنه لم يدركهـ، نعم وصله
الطبراني في الكبير من طريق عبد الرحمن بن سلام». فذكره، وقوى إسناده.
وقوله: «نَكِّبْه عنا» أي نَحِّه عنا. يقال: نكَّب عن الطريق إذا عدل عنه، ونكَّب غيره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 186 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

📜 حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: «إن الله لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه»

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية