حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النقص في كمال الإيمان بالمعاصي

عن أبي هريرة، أنّ النبيّ ﷺ قال: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الأشربة (٥٥٧٨)، ومسلم في الإيمان (٥٧) كلاهما عن ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: سمعتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن، وابن المسيب يقولان: قال أبو هريرة، فذكر الحديث.

عن أبي هريرة، أنّ النبيّ ﷺ قال: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السّارق حين يسرق وهو مؤمن».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ».

### أولاً. شرح المفردات
* يَزْنِي: يأتي الفعل المحرم الذي هو الجماع بغير حق.
* الْخَمْرَ: كل شراب أسكر وغطى العقل، وهي محرمة بنص القرآن والسنة.
* يَسْرِقُ: يأخذ مال الغير خفيةً بغير حق.

### ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الإيمان الحقيقي الكامل ينافي ارتكاب الكبائر، فلا يجتمعان في قلب العبد في لحظة واحدة. فإذا هم العبد بارتكاب كبيرة من هذه الكبائر وعزم عليها وقدم عليها، فإن إيمانه يضعف وينقص إلى درجة كبيرة، بحيث ينتفي عنه وصف "الكمال الإيماني" في تلك اللحظة بالذات. فهو لا يزال مؤمناً من حيث الأصل، ولكن إيمانه ناقص غير كامل.
التأكيد: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حِينَ يَزْنِي، حِينَ يَشْرِبُ، حِينَ يَسْرِقُ) يدل على أن نفي الإيمان مقيد بزمن فعل المعصية فقط، وليس نفياً مطلقاً للإيمان من أصل الشخص.

### ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد العَقَدِيَّة
1- الإيمان يزيد وينقص: هذا الحديث من أقوى الأدلة على مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فمعصية الكبائر تنقص الإيمان وتضعفه.
2- التحذير من الاستهانة بالذنوب: يهدف الحديث إلى تحذير المسلم من الاستهانة بالمعاصي والكبائر، وإيهام النفس بأنها يمكن أن تجتمع مع الإيمان الكامل. بل هي تناقضه وتضعفه.
3- الفرق بين أصل الإيمان وكماله: المسلم الذي يرتكب كبيرة لا يخرج من الملة ولا يكفر كفراً أكبر (مادام لم يستحلّها)، ولكنه يكون فاسقاً ناقص الإيمان. فالنفي في الحديث هو نفي لكمال الإيمان الواجب، وليس نفي لأصله.
4- سموّ الإسلام ورفعته: الإسلام دين الطهارة والعفة والشرف، فلا يمكن أن يجتمع الإيمان الكامل مع دنس الزنا، أو ذل السرقة، أو غياب العقل بالخمر.
5- بيان عظم هذه الذنوب: خصص النبي صلى الله عليه وسلم هذه الذنوب بالذكر لعظم خطرها وشيوعها، فهي من الكبائر المهلكة.

### رابعاً. تنبيه مهم
هذا الحديث لا يعني أن مرتكب الكبيرة كافر خارج عن الإسلام، كما تزعم طائفة الخوارج. بل هو على خطر عظيم، وهو تحت مشيئة الله يوم القيامة إن لم يتب: إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له. والدليل على ذلك أحاديث أخرى كثيرة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» وحواره مع أسامة بن زيد رضي الله عنهما في شأن قتل من قال "لا إله إلا الله".


خامساً:

الخلاصة
معنى الحديث: أن المؤمن لا يجمع بين كمال إيمانه وبين اقتراف هذه الكبائر في وقت واحد. فإذا ارتكبها، فقد نقص إيمانه وضعف إلى درجة أن وصف "الكمال الإيماني" ينتفي عنه في تلك اللحظة، وهو باقٍ على أصل إيمانه.
نسأل الله تعالى أن يحفظ إيماننا، ويجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يتوب على من وقع في معصية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأشربة (٥٥٧٨)، ومسلم في الإيمان (٥٧) كلاهما عن ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: سمعتُ أبا سلمة بن عبد الرحمن، وابن المسيب يقولان: قال أبو هريرة، فذكر الحديث.
قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أنّ أبا بكر كان يحدثه عن أبي هريرة، ثم يقول: كان أبو بكر يُلحق معهن: «ولا ينتهبُ نهبةً ذات شرف يرفع الناس إليه أبصارهم فيها، حين ينتهبها وهو مؤمن».
ظاهره أن قوله: «ولا ينتهب. . . إلخ» ليس بمرفوع، وإنما هو من كلام أبي هريرة، ويرد عليه ما رواه البخاريّ في المظالم (٢٤٧٥) من حديث الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، فذكر الحديث كاملًا في نسق واحد، وهذا لفظه: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهبُ نهبةً، يرفعُ النّاس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن».
فجعله كله مرفوعًا.
ورواه أيضًا مسلمٌ من طريق الليث بن سعد بإسناده عن أبي هريرة أنه قال: إنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يزني الزاني» وقال: واقتصّ الحديث بمثله، يذكر مع ذكر النُّهبة، ولم يذكر: «ذات شرف».
وفي رواية عنده في حديث همام: «يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها وهو حين ينتهبُها مؤمن»، وزاد: «ولا يَغُلُّ أحدكم حين يَغُلُّ وهو مؤمن، فإيّاكم إيّاكم».
وفي رواية عنده في حديث ذكوان عن أبي هريرة: «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبةُ معروضة بعد».
والخلاصة: أنّ قول أبي بكر بن عبد الرحمن: «وكان أبو هريرة يلحق معهن» معناه يلحقها روايةً عن رسول اللَّه ﷺ، لا من عند نفسه، وكأن أبا بكر خصّها بذلك لكونه بلغه أن غيره لا يرويها.
صيانة صحيح مسلم (ص ٢٢٧).
قال الترمذي -بعد أن روى حديث أبي هريرة-: «وقد رُوي عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «إذا زنى العبد خرج منه الإيمان، فكان فوق رأسه كالظُّلة، فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان».
هكذا رواه معلقًا، وسيأتي مسندًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 15 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

  • 📜 حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: انتفاء كمال الإيمان عند ارتكاب الكبائر

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب