حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما لم يذكر تحريمه في الكتاب والسنة فهو عفو
حسن: رواه الدارقطني (٢٠٦٦)، والحاكم (٢/ ٣٧٥)، وعنه البيهقي (١٠/ ١٢) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين - ورواه البزار في مسنده (٤٠٨٧)، والطبراني في مسند الشاميين (٢١٠٢) من طريق إسماعيل بن عياش - كلاهما عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن أبيه، عن أبي الدرداء، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يضع قاعدة كبرى في فهم التشريع الإسلامي والتعامل مع النصوص الشرعية. وإليك الشرح المفصل له:
الحديث بلفظه:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: 64]».
(أخرجه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبرى، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وهو حسن في صحيح الجامع)
1. شرح المفردات:
● أحلَّ: أباح وأجاز.
● حرَّمَ: منع ونهى.
● سكت عنه: لم يذكر حكمه نصًّا بتحليل أو تحريم، أي المواضع التي لم يرد فيها نص صريح.
● عافية: سعة ورخصة ومسامحة، أي أنها أمور معفو عنها ومتروكة لا إثم في فعلها ولا في تركها.
● فاقبلوا من الله عافيته: خذوا هذه السعة والرحمة بقبول حسن، ولا تشددوا على أنفسكم بتحريم ما لم يحرمه الله.
● نَسِيًّا: الذي يغفل ويترك الشيء نسيانًا.
2. شرح الحديث:
يضع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أقسام للحكم على الأشياء والأفعال:
القسم الأول: ما أحلَّ الله في كتابه فهو حلال
- كل ما نصَّ القرآن الكريم على إباحته فهو حلال بيِّن، لا شبهة فيه، ولا حرج على المسلم في الانتفاع به أو فعله. مثل حل الطيبات من الطعام والشراب، والنكاح، والتجارة وغيرها.
القسم الثاني: ما حرَّم الله في كتابه فهو حرام
- كل ما نصَّ القرآن الكريم على تحريمه فهو حرام بيِّن، يجب على المسلم اجتنابه وتحذير الناس منه. مثل تحريم الخمر، والميتة، والدم، ولحم الخنزير، والربا، والزنا وغيرها.
القسم الثالث: ما سكت عنه فهو عافية
- هذا هو لب الحديث وقاعدته العظيمة. فالأمور التي لم يرد فيها نص صريح في القرآن (أو السنة) بتحليل أو تحريم، فهي من فضل الله تعالى ورحمته بعباده. فهي داخلة في دائرة الإباحة الأصلية، وهي من العفو الذي لا مؤاخذة فيه. ليس فيها إثم إذا فعلها الإنسان، وليس فيها إثم إذا تركها.
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبول هذه العافية، أي أن لا يبحث الإنسان عن المشقة ويحرم على نفسه ما لم يحرمه الله، أو يبتدع قيودًا لم يأت بها الشرع. فهذه السعة من نعم الله على هذه الأمة.
ثم استدل النبي صلى الله عليه وسلم على هذه القاعدة بالآية الكريمة {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]. أي أن الله تعالى لو أراد تحريم شيء لذكره وبيَّنه، وتركه بدون نص دليل على أنه عفا عنه وأباحه. فالله عز وجل لا ينسى شيئًا، ولا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء. فسكوته عن التحريم في هذه الأمور ليس نسيانًا أو غفلة، بل هو قصدٌ واختيارٌ منه سبحانه وتعالى ليكون رحمةً بعباده ووسعةً لهم.
3. الدروس المستفادة والعبر:
1- اليقين في نصوص الوحي: يجب على المسلم أن يستسلم لنصوص القرآن والسنة، فيحل ما أحله الله ويحرم ما حرمه الله، دون زيادة أو نقصان.
2- رفع الحرج عن الأمة: من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن جعل الأصل في الأشياء الإباحة، فلا يحرم شيء إلا بنص. وهذا يوسع على الناس في معاشهم ويبعد عنهم الضيق والحرج.
3- التحذير من الغلو والتشدد: الحديث تحذير من أولئك الذين يتشددون في الدين فيحرمون على الناس أمورًا أباحها الله، أو يوجبون ما لم يوجبه الله. وهذا من التنطع المذموم.
4- الثقة بحكمة الله تعالى: استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بالآية يربي في المسلم ثقة كاملة بحكمة الله وتشريعه، وأنه ما ترك شيئًا يحتاج إليه العبد إلا بينه.
5- ضابط مهم في الاجتهاد: هذا الحديث أصل عظيم للمجتهدين، حيث يدل على أن المسكوت عنه يرجع فيه إلى الأصل، وهو الإباحة، ما لم يدل دليل على خلاف ذلك.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث يدخل تحت القاعدة الأصولية الكبرى: "الأصل في الأشياء الإباحة".
- المقصود بـ "كتابه" في الحديث: يشمل القرآن والسنة النبوية، لأن السنة هي وحي من الله تعالى يبين القرآن ويفصله. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].
- هذا الحديث ناسخ لما كان في الشرائع السابقة، حيث كان الأصل فيها التحريم إلا ما أبيح نصًّا، كما ورد في بعض الآثار.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في
تخريج الحديث
قال البزار: إسناده صالح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وعزاه الهيثمي في المجمع (١/ ١٧١) للبزار والطبراني في الكبير وقال: «إسناده حسن ورجاله موثقون».
وأما ما رُويَ عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحرّم حرمات فلا تنتهكوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها». ففيه انقطاع.
رواه الدارقطني (٤٣٩٦)، والحاكم (٤/ ١١٥) وعنه البيهقي (١٠/ ١٢ - ١٣)، وابن أبي شية في مسنده - كما في المطالب العالية (٢٩٣٤) - ومن طريقه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٢١ - ٢٢٢) من طرق عن داود بن أبي هند عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، فذكره.
وقال النووي في الحديث الثلاثين من الأربعين: «حديث حسن».
ولكن قال الحافظ في المطالب: «رجاله ثقات إلا أنه منقطع».
قال الأعظمي: وهو كذلك لأن مكحولا لم يسمع من أبي ثعلبة الخشني كما قاله المزي في تحفة الأشراف (٩/ ١٣٣).
وثمة خلاف آخر وهو رفعه ووقفه على أبي ثعلبة، فرواه بعضهم عن مكحول من قوله، ولكن الصحيح هو المرفوع عن أبي ثعلبة، وهو الذي رجحه أيضًا الدارقطني في علله (٦/ ٤٣٢).
وكذلك لا يصح ما روي عن سلمان الفارسي أنه قال: «سئل رسول الله عن السمن والجبن والفراء؟ فقال: «الحلال ما أحل الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه».
رواه الترمذي (١٧٢٦)، وابن ماجه (٣٣٦٧)، والحاكم (٤/ ١١٥)، والبيهقي (١٠/ ١٢) من طرق عن سيف بن هارون البُرْجمي، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، فذكره. وإسناده ضعيف من أجل سيف بن هارون فإنه ضعيف الحديث، ولما سكت عنه الحاكم، تعقبه الذهبي بقوله: ضعفه - يعني سيف بن هارون - جماعةٌ.
وقال الترمذي: «وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وروي سفيان (يعني ابن عينة) وغيره عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصحّ.
وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: «ما أُراه محفوظا، روي سفيان عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفا».
قلتُ: والمرفوع مما أنكره العقيلي وابن عدي على سيف بن هارون حيث أخرجاه في ترجمته بإسناده السابق. وقال العقيلي في الضعفاء (٢/ ١٧٤): «ولا يحفظ عنه إلا بهذا الإسناد».
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 3 من أصل 127 حديثاً له شرح
- 1 ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب...
- 2 ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما...
- 3 ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو...
- 4 ما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كل
- 5 شربنا من مزادة امرأة مشركة وغسلنا صاحبنا الجنب
- 6 إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا
- 7 إن كان لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكن عليك
- 8 النبي ﷺ كان يحب الذراع
- 9 أعطني الذراع
- 10 ذراع الشاة أحب العراق إلى رسول الله ﷺ
- 11 رسول الله ﷺ لا يحلف على يمين ويأتي الذي هو...
- 12 عن أبي موسى الأشعري: رأيت النبي ﷺ يأكل دجاجا
- 13 أخذ أرنبًا فذبحه وبعث به إلى النبي فقبله
- 14 أمرني بأكلهما
- 15 نهى النبي ﷺ يوم خيبر عن لحوم الحمر ورخص في...
- 16 أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهانا النبي عن الحمار...
- 17 نهانا رسول الله ﷺ عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن...
- 18 كنا نأكل لحوم الخيل ولا نأكل لحوم البغال
- 19 ذبحنا فرسا على عهد رسول الله وأكلناه
- 20 نهى رسول الله ﷺ عن لحوم الحمر وأمر بلحوم الخيل
- 21 تحريم أكل الحمار الاهلي
- 22 أكل الجراد مع النبي ﷺ في الغزوات
- 23 الضبع صيد هي؟ قال: نعم
- 24 سألت رسول الله ﷺ عن الضبع؟ فقال: هو صيد
- 25 لا أدري لعله من القرون التي مسخت
- 26 أكل لحم الضب
- 27 لم يأكل رسول الله ﷺ من الضب ولم ينه عنه
- 28 أمة فقدت أو مسخت فأكفأنا القدور
- 29 الضب أمة مسخت دوابًّا في الأرض
- 30 الضب أمة مسخت من بني إسرائيل
- 31 لست بأكل الضب ولا بمحرمه
- 32 رسول الله ﷺ يعاف أكل الضب لأنه لم يكن بأرض...
- 33 أهدت خالتي إلى النبي ضبابًا وأقطًا ولبنًا
- 34 كلوا أو أطعموا فإنه حلال ولكن ليس من طعامي
- 35 لا آكله ولا أحرّمه
- 36 لا آكله ولا أنهي عنه ولا أحرمه
- 37 عن عمر بن الخطاب: النبي لم يحرم الضب
- 38 طعام عامة الرعاء
- 39 إني في غائط مضبة وإنه عامة طعام أهلي
- 40 بعثنا رسول الله ونحن ثلاثمائة راكب نرصد عيرًا لقريش
- 41 بعثنا رسول الله وأمّر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا لقريش
- 42 ميتتان ودمان أحلت لنا: الجراد والحيتان والكبد والطحال.
- 43 من قتل عصفورًا بغير حقها سأله الله عنها
- 44 ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام
- 45 ما أشبع رسول الله أهله ثلاثة أيام تباعًا من خبز...
- 46 ما رأى رسول الله ﷺ منخُلاً منذ ابتعثه الله حتى...
- 47 خرج رسول الله ﷺ من الدنيا ولم يشبع من خبز...
- 48 كان النبي ﷺ يبيت طاويا وأهله لا يجدون عشاءً
- 49 ما أكل النبي خبزًا مرققًا ولا شاة مسموطة
- 50 رُدِّيه فيه ثم اعجِنيه
معلومات عن حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
📜 حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرّم فهو حرام
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








