على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

عن أبي هريرة قال: قام فينا النَّبِيّ ﷺ فذكر الغلول فعظّمه وعظّم أمره قال: «لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، على رقبته فرس له حمحمة، يقول: يا رسول الله، أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك. وعلى رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك. وعلى رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك. أو على رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد (٣٠٧٣)، ومسلم في الإمارة (١٨٣١: ٢٤) كلاهما من طريق أبي حيان، عن أبي زرعة، حَدَّثَنِي أبو هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، يحمل تحذيراً شديداً من أمر خطير، ألا وهو الغلول.

أولاً. شرح المفردات:

● الغلول: هو أخذ شيء من الغنيمة أو المال العام قبل قسمته، أو الخيانة فيه بأي شكل، وهو أعم من أن يكون في غنيمة الحرب، فيشمل كل مال عام أو وقف أو شيء اؤتمن عليه الإنسان فخان فيه.
● فعظّمه وعظّم أمره: أي بيّن النبي ﷺ عظم هذا الذنب وخطورته.
● على رقبته: أي يحمله يوم القيامة كعبء ثقيل وذنب عظيم.
● شاة لها ثغاء، فرس له حمحمة، بعير له رغاء: هذه أصوات هذه الحيوانات (ثغاء الشاة، حمحمة الفرس، رغاء البعير)، والمقصود أن هذه الحيوانات التي غُلَّت ستشهد على صاحبها يوم القيامة وتطالبه بحقها.
● صامت: يقصد به المال الذي لا صوت له، كالذهب والفضة والنقود وغيرها.
● رقاع تخفق: الرقاع هي الثياب أو الأقمشة، وتخفق أي تتحرك وتصدر صوتاً من شدة حركتها وحمل صاحبها لها.
● أغثني: أي اسعفني وانجدني من هذا العذاب.
● لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك: أي لا أقدر أن أفعل لك شيئاً، فقد بلغتك الرسالة وحذرتك من هذا الذنب.

ثانياً. شرح الحديث:

يصور لنا النبي ﷺ في هذا الحديث مشهداً من أهوال يوم القيامة، حيث يأتي الرجل الذي أخذ من الغنيمة أو من المال العام شيئاً بدون حق (غلولاً)، فيحمل هذا المغُلّول على رقبته يوم القيامة.
- فإن كان ما أخذه شاة، جاءت يوم القيامة وهي تثغو (تصيح) معلنةً ظلمه.
- وإن كان فرساً، جاء وهو يحمحم شاهداً عليه.
- وإن كان بعيراً، جاء وهو يرغو (يصرخ) مطالباً بحقه.
- وإن كان مالاً صامتاً كذهب أو فضة، جاء وهو يحمله ثقيلاً على عنقه.
- وإن كان ثياباً (رقاعاً)، جاءت تخفق (تتحرك وتصوت) من فوق ظهره.
في هذا الموقف العصيب، يلتفت هذا الرجل إلى النبي ﷺ مستغيثاً طالباً النجاة، فيعتذر النبي ﷺ منه قائلاً: "لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك". أي أن النبي ﷺ قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة وحذر من الغلول وعظم أمره، فليس بيده بعد ذلك أن يغفر له أو يشفع فيه في هذا الموقف، لأنه تعدى حدود الله بعد أن بلغه الرسول ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- خطورة الغلول وعظم ذنبه: فهو من الكبائر التي يحمل صاحبها المغُلّول يوم القيامة ويخزي به أمام الخلائق.
2- خيانة الأمانة من صفات المنافقين: فالغلول هو صورة من صور الخيانة، وقد قال ﷺ: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".
3- التحذير من التهاون في المال العام: سواء كان غنيمة حرب، أو مالاً لبيت المال، أو وقفاً، أو أي شيء اؤتمن عليه المسلم ولم يحفظه.
4- شفاعة النبي ﷺ لها حدود: فشفاعته ﷺ يوم القيامة لأهل الكبائر من أمته مشروطة بإذن الله تعالى، وقد يحرم منها من بلغته التحذيرات فتهاون بها.
5- التخويف من يوم القيامة: حيث يحاسب الإنسان على الصغير والكبير، ويشهد عليه حتى الحيوانات والجمادات التي ظلمها.
6- إبلاغ النبي ﷺ الرسالة كاملة: فقد حذر أمته من كل ما يضرهم، وبلغهم شرع الله تعالى، فلم يترك خيراً إلا دلهم عليه، ولا شراً إلا حذرهم منه.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- الحديث يدل على أن الغنيمة يجب أن توزع حسب ما شرع الله، ولا يحل لأحد أن يأخذ منها شيئاً قبل القسمة.
● الغلول لا يقتصر على غنائم الحرب، بل يعم كل مال عام أو وقف أو شيء اؤتمن عليه الإنسان.
- من أخذ شيئاً من الغنيمة قبل القسمة فعليه أن يتوب إلى الله ويرده إلى أصحابه إن كان يعرفهم، أو يتصدق به ويستغفر الله.
- هذا الحديث من أشد الأحاديث تخويفاً من التعدي على المال العام، وهو تربية للنفوس على الأمانة والورع.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الخيانة في الأمانة، وأن يرزقنا الورع في المال الحرام، وأن يحشرنا في زمرة النبي ﷺ تحت لواء الحمد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الجهاد (٣٠٧٣)، ومسلم في الإمارة (١٨٣١: ٢٤) كلاهما من طريق أبي حيان، عن أبي زرعة، حَدَّثَنِي أبو هريرة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 321 من أصل 424 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

📜 حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: على رقبته شاة لها ثغاء يوم القيامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية