خطب النبي ﷺ في حجة الوداع - الأحاديث الصحيحة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الكتب الستة

باب خطب النبيّ ﷺ في حجّة الوداع

عن جابر بن عبد الله، قال: فأجاز رسول الله ﷺ حتّى أتي عرفة، فوجد القبّة قد ضُربتْ له بنمرة فنزل بها، حتّى إذا زاغت الشمسُ أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس وقال: «إنّ دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهليّة موضوعة. وإنْ أوّل دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة ابن الحارث -كان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل- وربا الجاهلية موضوع وأوّل ربا أضعُ ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كلّه، فاتقوا الله في النّساء فإنّكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهنّ عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تُسألون عنّي فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهدُ أنّك قد بلّغتَ وأدّيتَ ونصحتَ. فقال: بإصبعه السّبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى النّاس «اللهم اشهدْ، اللَّهم اشهد» ثلاث مرات، ثم أذّن، ثم أقام فصلّى الظّهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يصل بينهما شيئا.

صحيح: رواه مسلم في الحجّ (١٢١٨) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، فذكره في حديث حجّة النّبيّ ﷺ.
عن جابر، قال: قال رسول الله ﷺ في حجّته: «أيّ يوم أعظم حرمة؟» قالوا: يومنا هذا. قال: فأيّ شهر أعظم حرمة؟ قالوا: شهرنا هذا. قال: «فأيّ بلد أعظم حرمة؟». قالوا: بلدنا هذا. قال: «فإنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٤٣٦٥) عن أبي معاوية، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر، فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أيضًا (١٤٩٩٠) عن محمد بن عبيد، حدّثنا الأعمش، بإسناده، وفيه جمع جميع الفقرات في سياق واحد، وهو قوله: «فإنّ دماءكم، وأموالكم، عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. هل بلغت؟» قالوا: نعم. قال: «اللَّهمّ، اشْهد» وذلك بعد السّؤال منهم.
عن أبي بكرة، قال: خطبنا النبيُّ ﷺ يوم النّحر، قال: «أتدرون أيُّ يوم هذا؟» قلنا: الله ورسولُه أعلم، فسكت حتّى ظننا أنّه سيسمِّيه بغير اسْمه. قال: «أليس يوم النّحر؟» قلنا: بلى. قال: «أيُّ شهر هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتّى ظننا أنه سيُسمِّيه بغير اسمه. فقال: «أليس ذو الحجّة؟». قلنا: بلى، قال: «أيُّ بلد هذا؟». قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكتَ حتّى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه، قال:
«أليست بالبلدة الحرام؟» قلنا: بلى، قال: «فإنّ دماءكم، وأموالكم، عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربَّكم، ألا هلْ بلغتُ؟». قالوا: نعم. قال: «اللَّهمّ، اشْهد، فليبلِّغ الشّاهدُ الغائب، فربَّ مبلَّغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفّارًا، يضربُ بعضُكم رقاب بعض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحج (١٧٤١)، ومسلم في القسامة (١٦٧٩: ٣١) كلاهما من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو، حدّثنا قرة بن خالد، حدّثنا محمد بن سيرين، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة رضي الله عنه، فذكره. واللّفظ للبخاريّ.
ورواه البخاريّ في المغازي (٤٤٠٦)، ومسلم في القسامة (١٦٧٩: ٢٩) كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفيّ، حدّثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، به، أنه قال: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعةٌ حُرم، ثلاثة متواليات: ذو القَعدة، وذو الحِجّة، والمحرم، ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان». ثم قال: «أيّ شهر هذا؟» ثم ذكره بنحوه. وزاد بعد قوله: «فإنّ دماءكم وأموالكم» قال محمد -يعني ابن سيرين-: وأحسبه قال: «وأعراضكم».
ورواه البخاريّ في العلم (٦٧)، ومسلم في القسامة (١٦٧٩: ٣٠) كلاهما من طريق عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، به، قال: «لما كان ذلك اليوم، قعد على بعيره، وأخذ إنسان بخطامه، فقال: «أتدرون أيّ يوم هذا«فذكره بنحوه، وفيه قوله: «وأعراضكم«بالجزم.
وزاد مسلمُ في آخره: قال: «ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا».
وهي زيادة مدرجة ليست من حديث أبي بكرة، وإنّما هي من رواية محمد بن سيرين، عن أنس ابن مالك في خطبة عيد الأضحى، كما في الصحيحين، وغيرهما.
قال القاضي عياض: «والأشبه أنّ هذه الزّيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى، فوهم فيها الرّاوي، فذكرها مضمومة إلى خطبة الحجة، أو هما حديثان ضمّ أحدهما إلى الآخر، وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في كتاب الضّحايا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين، عن أنس: «أنّ النبيّ ﷺ صلّى، ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد» ثم قال في آخر الحديث: «فانكفأ رسول الله ﷺ إلى كبشين أملحين فذبحهما، فقام الناسُ إلى غنيمة فتوزّعوها» فهذا هو الصّحيح، وهو دافع للاشكال اهـ. نقلًا عن شرح صحيح مسلم للنووي (١١/ ١٧٠ - ١٧١).
ويراجع أيضًا العلل الدارقطني سؤال (١٢٦٥)، (١٢٦٨) فقد أعلّه بنحو ذلك، ووهّم راويه عبد الله بن عون.
قال الأعظمي: وحديث أنس المشار إليه سيأتي تخريجه في كتاب الأضاحي.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: إنّ النبيّ ﷺ بينا هو واقف يخطب يوم النّحر، فقام إليه رجل، فقال: ما كنتُ أحسب يا رسول الله أن كذا وكذا قبل كذا وكذا. ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله! كنت أحسب أن كذا قبل كذا وكذا لهؤلاء الثلاث، قال: «افعلْ ولا حرج».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٣٧)، ومسلم في الحجّ (١٢٠٦) كلاهما من حديث الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، فذكره، ولفظهما سواء.
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: كانتِ العرب يجعلون عامًا شهرًا، وعامين شهرين، فلا يصيبون الحجّ في أيام الحجّ إلّا في خمس وعشرين سنة مرة، وهو النسيء الذي ذكره الله في كتابه. فلما حجّ أبو بكر بالنّاس وافق العام الحجّ، فسماه الله الحجّ الأكبر، وحجّ رسول الله ﷺ من العام المقبل، فاستقبل الناسُ الأهلّة. فقال رسول الله ﷺ: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّماوات والأرض».

حسن: رواه الطّحاويّ في شرح مشكل الآثار (١٤٥٧) عن جعفر بن محمد بن الحسن الفريابيّ، قال: حدّثنا الصّلت بن مسعود الجحدريّ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفاويّ، قال: حدّثنا داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن جدّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، ومحمد بن عبد الرحمن الطّفاوي فإنّهما حسنا الحديث إذا لم يخالفا.
قال بعض أهل العلم: إنّما أخّر النبيّ ﷺ الحجّ ليوافق أهل الحساب، فلمّا استدار الزّمان كهيئته حجّ النبيُّ ﷺ ليوافق حجّ النّاس بعده إلى يوم القيامة.
عن ابن عباس: أنّ رسول الله ﷺ خطب النّاس يوم النّحر فقال: «يا أيُّها النّاسُ، أيُّ يوم هذا؟»، قالوا: يومٌ حرام. قال: «فأيُّ بلد هذا؟»، قالوا: بلدٌ حرام. قال: «فأيُّ شهرٍ هذا؟»، قالوا: شهرٌ حرامٌ. قال: «فإنّ دماءكم، وأموالَكم، وأعراضَكم عليكم حرام، كحُرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا». فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: «اللَّهمّ! هل بلّغت، اللَّهمّ؟ هل بلّغت، اللهمّ! هل بلّغت؟». قال ابن عباس ﵄: فوالذي نفسي بيده، إنّها لوصيتُه إلى أمّته: «فليبلِّغ الشّاهدُ الغائب، لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضربُ بعضكم رقاب بعض».

صحيح: رواه البخاريّ (١٧٣٩) عن علي بن عبد الله (هو ابن المديني)، حدثني يحيى بن سعيد
(هو القطّان)، حدّثنا فضيل بن غزوان، حدّثنا عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
عن ابن عباس، قال: خطب النبيُّ ﷺ في حجّة الوداع فقال: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، وإنّ السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرم، وثلاثة ولاء: ذو القعدة، وذو الحجّة، والمحرم. والآخر رجب بين جمادى وشعبان».

حسن: رواه الطّحاويّ في شرح مشكل الآثار (١٤٥٤) عن عبيد بن رجال، قال: حدثنا أحمد ابن صالح، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: أخبرني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في إسماعيل بن أبي أويس فضعّفه النسائيّ، ومشّاه غيره وهو حسن الحديث إلّا إذا خالف؛ لأنّه إذا روى من حفظه فيخطئ وله ما يشهد.
عن يحيى بن حصين، عن جدّته أمّ الحصين قال: سمعتها تقول: حججت مع رسول الله ﷺ حجّة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته، ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس رسول الله ﷺ من الشّمس قالت فقال رسول الله ﷺ قولًا كثيرًا، ثمّ سمعته يقول: «إنْ أُمَّرَ عليكم عبد مجدع (حسبتها قالت): أسود يقودكم بكتاب الله تعالي فاسمعوا له وأطيعوا».

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢٩٨) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن الحصين، فذكره.
ورواه في الإمارة (١٨٣٨) من محمد بن جعفر، حدّثنا شعبة، عن يحيى بن حصين، قال: سمعتُ جدّتي تحدِّث أنّها سمعت النبيَّ ﷺ يخطب في حجّة الوداع وهو يقول (فذكره بنحوه).
ثم رواه من طريق بهز، حدّثنا شعبة، بهذا الإسناد ولم يذكر «حبشيًّا مجدّعًا». وزاد: أنّها سمعتُ رسولَ الله ﷺ بمنى أو بعرفات.
قال الأعظمي: ورواية زيد بن أبي أُنِيسة صريحة في أنّها سمعته بمنى بعد أن رمي جمرة العقبة.
عن ابن عمر، قال: قال النبيُّ ﷺ بمنى: «أتدرون أيُّ يومٍ هذا؟». قالوا: الله ورسولُه أعلم، فقال: «فإنَّ هذا يومٌ حرام، أفتدرون أي بلد هذا؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «بلد حرام، أفتدرون أيّ شهر هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «شهر حرام». قال: «فإنّ الله حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الحجّ (١٧٤٢) من طريق عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، فذكره.
ورواه البخاري أيضًا في الأدب (٦١٦٦)، ومسلم في الإيمان (٦٦) كلاهما من طريق شعبة، عن واقد بن محمد بن زيد، سمعت أبي، عن ابن عمر، فذكره مختصرًا.
عن ابن عمر، قال: كنا نتحدّثُ بحجّة الوداع، والنبيُّ ﷺ بين أظهرنا، ولا ندري ما حجّة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدّجّال فأطنب في ذكره، وقال: «ما بعث الله من نبيٍّ إلّا أنذر أمَّته، أنذره نوحٌ والنّبيون من بعده، وإنّه يخرجُ فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم: أنّ ربَّكم ليس على ما يخفي عليكم -ثلاثًا- إنَّ ربَّكم ليس بأعور، وإنّه أعور عين اليمني، كأنّ عينَه عنبةٌ طافية.
ألا إن الله حرَّم عليكم دماءكم وأموالكم، كحُرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلَّغت؟». قالوا: نعم، قال: «اللهمّ اشْهد -ثلاثًا- ويْلكم، أو ويحكم! انظروا، لا ترجعوا بعدي كفّارًا، يضربُ بعضكم رقاب بعض».

صحيح: رواه البخاريّ في المغازي (٤٤٠٢ - ٤٤٠٣) من طريق عمر بن محمد (هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب)، أنّ أباه حدّثه، عن ابن عمر، فذكره.
عن ابن عمر، أنّ رسول الله ﷺ وقف يوم النّحر بين الجمرات في الحجة التي حجّ فيها، فقال النبيُّ ﷺ: «أيُّ يومٍ هذا؟». قالوا: يوم النّحر. قال: «فأيُّ بلد هذا؟». قالوا: هذا بلد الله الحرام. قال: «فأيّ شهر هذا؟». قالوا: شهر الله الحرام. قال: «هذا يوم الحجّ الأكبر؛ دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا الشهر، في هذا اليوم».
ثم قال: «هل بلَّغت؟». قالوا: نعم. فطفق النبيُّ ﷺ يقول: «اللهم اشهد» ثم ودّع النّاس. فقالوا: هذه حجّة الوداع.

صحيح: رواه ابن ماجه (٣٠٥٨) عن هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا هشام بن الغاز، قال: سمعت نافعًا يحدّث عن ابن عمر، فذكر الحديث.
ورواه الحاكم (٢/ ٣٣١)، والبيهقي (٥/ ١٣٩) من أوجه أخرى عن هشام بن الغاز، بإسناده، مثله. ومن هذا الطريق رواه أيضًا أبو داود (١٩٤٥) إلّا أنه اختصره.
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه بهذه السّياقة. وأكثر هذا المتن مخرّج في الصحيحين إلّا قوله: «إنّ يوم الحجّ الأكبر يوم النّحر» فإنّ الأقاويل فيه عن الصّحابة والتابعين
﵃ على خلاف بينهم فيه، فمنهم من قال: يوم عرفة، ومنهم من قال: يوم النحر».
عن ابن عمر قال: كان رسول الله ﷺ إذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الناس، وأخبرهم بمناسكهم.

حسن: رواه ابن خزيمة (٢٧٩٣) عن أحمد بن أبي سريج الرازي، أن عمرو بن مجمع أخبرهم، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: فذكره.
وعمرو بن مجمع ضعيف، ضعَّفَه الدارقطني وغيره، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
قال الأعظمي: وهنا تابعه أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي اليماني، عن موسى بن عقبة. أخرجه الحاكم (١/ ٤٦١) وعنه البيهقي (٥/ ١١١) من طريقه.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الذهبي: تفرد به أبو قرة الزبيدي، عن موسى.
قال الأعظمي: وهو لم يتفرد به كما رأيت، ثم هو ثقة، ولا يضر تفرده.
عن جرير البجليّ، قال: قال لي النبيُّ ﷺ في حجّة الوداع: «استنصت النّاس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٤٠٥)، ومسلم في الإيمان (٦٥) كلاهما من طريق شعبة، عن علي بن مدرك، سمع أبا زرعة (هو ابن عمرو بن جرير) يحدِّث عن جدِّه جرير، به، فذكره. واللفظ لمسلم.
عن أبي هريرة، قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَال: «أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ فَحُجُّوا». فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَام يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ -حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعُمْ». ثُمَّ قَال: «ذَرُوِنِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهِيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ».

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٣٣٧) عن زهير بن حرب، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الربيع بن مسلم القرشيّ، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، فذكره. وسبق ذكره في أول الباب.
وفي رواية أخرى عند غير مسلم: أنّ هذه الآية الكريمة التي في المائدة نزلت في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [سورة المائدة: ١٠١].
عن رجلين من بني بكر، قالا: رأينا رسول الله ﷺ يخطب بين أوسط أيام التّشريق، ونحن عند راحلته، وهي خطبة النبيّ ﷺ التي خطب بمنى.

صحيح: رواه أبو داود (١٩٥٢) عن محمد بن العلاء، حدّثنا ابن المبارك، عن إبراهيم بن نافع،
عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجلين من بني بكر، فذكراه.
وإسناده صحيح. وابن أبي نجيح اسمه عبد الله بن يسار المكيّ، وأبوه يسار المكي مولي ثقيف، مشهور بكنيته، وكلاهما ثقتان من رجال مسلم.
عن الهرماس بن زياد الباهلي، قال: رأيت النبيَّ ﷺ يخطب النّاس على ناقته العضْباء يوم الأضحى بمني.

حسن: رواه أبو داود (١٩٥٤) عن هارون بن عبد الله، حدّثنا هشام بن عبد الملك، عن عكرمة، حدّثنا الهرماس بن زياد الباهليّ، فذكر الحديث.
ورواه الإمام أحمد (١٥٩٦٨)، وصحّحه ابن خزيمة (٢٩٥٣)، وابن حبان (٣٨٧٥) كلّهم من طريق عكرمة بإسناده.
وعكرمة وهو ابن عمار العجليّ، مختلف فيه غير أنه حسن الحديث من رجال مسلم.
وأمّا ما رواه يحيي بن الضُّريس عن عكرمة بن عمار، عن هرماس، قال: «كنتُ ردف أبي، فرأيت رسول الله ﷺ على بعير وهو يقول: «لبيك بحجّة وعبرة معًا» فهو منكر.
رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (١٥٩٧١) عن عبد الله بن عمران بن أبي ليلى، قال: حدّثنا يحيى بن الضّريس، بإسناده، فذكره.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في العلل (١/ ٢٩٢): «سألت أبي عن حديث رواه عبد الله بن عمران، عن يحيى بن الضريس ... فقال أبي: فذكرته لأحمد بن حنبل، فأنكره.
قال أبي: أرى دخل لعبد الله بن عمران حديث في حديث سرقه الشّاذكونيّ؛ لأنه حدّث به بعد عن يحيى بن الضريس» انتهي.
وحديث الشّاذكونيّ هو ما رواه الطبرانيّ في الكبير (٢٢/ ٢٠٣) من وجهين: عن عبد الله بن أحمد، ثنا عبد الله بن عمران ح. وحدّثنا أبو مسلم الكشيّ، ثنا سليمان بن داود الشاذكونيّ، قالا: ثنا يحيى بن ضريس، حدّثنا عكرمة بن عمار، عن الهرماس بن زياد، فذكره.
وسليمان بن داود الشاذكوني هذا ترجمه ابن عدي في «الكامل» (٣/ ١١٤٢) فقال: «بصريّ يكنى أبا أيوب حافظ ماجن، عندي ممن يسرق الحديث».
وذكر حديث الباب عن يوسف بن عاصم الرّازيّ، ثنا سليمان الشّاذكونيّ، ثنا يحيى بن ضريس، فذكر الحديث بإسناده، وقال: وهذا يعرف لعبد الله بن عمران الأصفهانيّ، عن يحيى بن ضريس، وقال: للشاذكونيّ حديث كثير مستقيم، وهو من الحفاظ المعدودين من حفاظ البصرة، وهو أحد من يُضم إلى يحيى وأحمد وعلي. وأنكر ما رأيت له هذه الأحاديث التي ذكرتها، بعضها مناكير، وبعضها سرقة.
إذا عرفت هذا فلا تغترن بقول الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٢٣٥): «رواه عبد الله بن أحمد في
زياداته، والطبرانيّ في الكبير، والأوسط، ورجاله ثقات».
والخلاصة أنّ الصحيح من حديث عبد الله بن عمران هو خطبة النبيّ ﷺ على ناقته العضباء، ولكنه أخطأ إذ دخل عليه حديث في حديث، فزاد في حديثه: «لبيك بحجّة وعمرة». ثم سرقه الشّاذكونيّ، فرواه عن يحيى بن ضريس؛ ولذا أنكره الإمام أحمد وغيره.
وعبد الله بن عمران هذا الأصبهاني ليس بثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٣٥٩) وقال: «يُغرب»، وقال أبو حاتم: «صدوق».
عن سلمة بن نُبيط، عن أبيه -وكان قد حجّ مع النبيّ ﷺ- قال: رأيتُه يخطب يوم عرفة على بعيره.

صحيح: رواه الإمام أحمد (١٨٧٢١) عن وكيع، حدّثنا سلمة بن نُبيط، عن أبيه، فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه ابن ماجه (١٢٨٦) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا وكيع إلّا أنه لم يذكر فيه «عرفة».
ولكن رواه أبو داود (١٩١٦) عن مسدّد، حدّثنا عبد الله بن داود، عن سلمة بن نبيط، عن رجل من الحي، عن أبيه نبيط أنه رأى النبيّ ﷺ واقفًا بعرفة على بعير أحمر يخطب.
فأدخل بين سلمة بن نبيط، وبين أبيه رجلًا؛ والمحفوظ بدون؛ لأنّ جماعة من الثقات رووه عن سلمة بن نبيط، عن أبيه من غير أن يدخلوا بينهما أحدًا. انظر للمزيد: كتاب العيدين باب خطبة العيد على المنبر.
عن رجل من أصحاب النبيّ ﷺ قال: قام فينا رسول الله ﷺ على ناقة حمراء مخضرمة، فقال: «أتدرون أيّ يومكم هذا؟». قال: قلنا: يوم النّحر. قال: «صدقتم يوم الحجّ الأكبر، أتدرون أيّ شهر شهركم هذا؟». قلنا: ذو الحجّة. قال: «صدقتم شهر الله الأصم، أتدرون أيّ بلد بلدكم هذا؟». قال: قلنا: المشعر الحرام. قال: «صدقتم». قال: «فإنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». أو قال: «كحرمة يومكم هذا وشهركم هذا وبلدكم هذا. ألا وأنّي فرطكم على الحوض أنظركم وأنّي مكاثر بكم الأمم فلا تَسوَّدُوا وجهي، ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني وستسألون عنّي، فمن كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النّار، ألا وإنّي مستنقذٌ رجالًا -أو ناسًا- ومستنقَذٌ منّي آخرون، فأقول: يا ربِّ أصحابي! فيقالُ: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك».

صحيح: رواه الإمام أحمد عن وجهين: أحدهما عن يحيى بن سعيد (٢٣٤٩٧) هكذا مطوّلًا.
والثاني عن وكيع (١٥٨٨٦) مختصرًا - كلاهما عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الطيب،
قال: حدثني رجل من أصحاب النبيّ ﷺ، فذكر الحديث.
وإسناده صحيح. ومرة الطيب هو مرة بن شراحيل الهمدانيّ أبو إسماعيل الكوفيّ وهو يعرف بمرة الطّيب وهو من رجال الجماعة.
وقد رواه النسائي في الكبرى (٤٠٩٩)، ومسدد في «المسند» كما ذكره البوصيريّ في زوائد ابن ماجه، والطحاويّ في «شرح مشكل الآثار» (٤٢) كلّهم من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
والرّجل المبهم من أصحاب النبيّ ﷺ لم يعرف من هو؟ ولا تضر جهالته.
ولكن رواه ابن ماجه (٣٠٥٧) من وجه آخر عن زافر بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله -وهو على ناقته- المخضرمة بعرفات، فقال: فذكر الخطبة مختصرًا.
فخالف زافر بن سليمان وهو الإيادي القهستاني في موضعين: أحدهما أنه جعل الحديث من مسند ابن مسعود. وغيره جعله عن صحابي مبهم غير مسمّى. والثاني جعل الخطبة ليوم عرفة، وغيره جعله ليوم النّحر.
وزافر بن سليمان هذا مختلف فيه، فوثّقه أحمد وابن معين وأبو داود وغيرهم، وضعّفه النّسائي وغيره، والخلاصة فيه أنه كما قال ابن عدي: «كأنّ أحاديثه مقلوبة الإسناد والمتن، وعامّة ما يرويه لا يتابع عليه، ويكتب حديثه مع ضعفه».
وهذا الحديث خالف من هو أوثق منه في الإسناد والمتن، فالمحفوظ حديث رجل من أصحاب النبيّ ﷺ يوم النّحر.
ولم ينتبه إلى هذه العلّة الخفيّة البوصيريّ في «مصباح الزّجاجة»، فقال: «هذا إسناد صحيح».
عن رافع بن عمرو المزنيّ، قال: رأيتُ رسول الله ﷺ يخطب النّاسَ بمنى حين ارتفع الضُّحى على بغلة شهباء، وعلي رضي الله عنه يعبّر عنه، والنّاس بين قاعد وقائم.

صحيح: رواه أبو داود (١٩٥٦)، والنسائيّ في الكبرى (٤٠٩٤) كلاهما من طريق مروان (وهو ابن معاوية الفزاريّ)، عن هلال بن عامر المزني، قال: حدّثني رافع بن عمرو المزني، فذكره. وإسناده صحيح.
وأخطأ أبو معاوية -وهو محمد بن خازم الضّرير- فجعل الحديث من مسند عامر بن عمرو المزني والد هلال بن عامر المزني.
ومن هذا الطريق رواه الإمام أحمد (١٥٩٢٠)، وأبو داود (٤٠٧٣).
وقد نبّه البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٣٠٢) فروى أولًا حديث رافع بن عمرو، ثم ذكر رواية أبي معاوية وقال: «والأول أصح».
قال الأعظمي: ولكن لم ينفرد به أبو معاوية، فقد روى الإمام أحمد (١٥٩٢١) عن محمد بن عبيد، قال: حدّثنا شيخ من بني فزارة، عن هلال بن عامر المزني، عن أبيه، قال: «رأيت رسول الله ﷺ يخطب الناس على بغلة شهباء، وعليّ يعبر عنه». وإسناده ضعيف من أجل جهالة هذا الشيّخ الذي لم يُسم.
قوله: «وعليٌّ يعبّر عنه» أي يُسمع الناس ما عسى أن يخفى عليهم لبعدهم عن رسول الله ﷺ.
عن أبي أمامة الباهليّ، قال: سمعت رسول الله ﷺ في خطبته عام حجّة الوداع يقول: «إن الله قد أعطي كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، والولد للفراش وللعاهر الحجر، وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله التابعةُ إلى يوم القيامة، لا تُنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها». فقيل: يا رسول الله، ولا الطّعام؟ قال: «ذاك أفضلُ أموالنا». قال: ثم قال رسول الله ﷺ: «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم».

حسن: رواه أبو داود (٣٥٦٥)، والترمذي (٦٧٠)، وابن ماجه (٢٢٩٥)، وأحمد (٢٢٢٩٤) كلّهم من طريق إسماعيل بن عياش، قال: حدثني شرحبيل بن مسلم الخولانيّ، قال: سمعت أبا أمامة الباهليّ، فذكره. واللفظ لأحمد واختصره غيره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في إسماعيل بن عياش إلا أن روايته عن الشاميين لا بأس به وهذا منها، وله طريق آخر يصح به الحديث. انظر الوصية. وقال الترمذي: «حديث حسن».
عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: خطبنا رسول الله ﷺ ونحن بمنى ففُتحتْ أسماعُنا حتّى كنّا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا فطفق يعلمهم مناسكهم حتّى بلغ الجمار فوضع أصبعيه السبابتين ثم قال: «بحصى الخذف». ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فتزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك.

صحيح: رواه أبو داود (١٩٥٧) عن مسدّد، حدّثنا عبد الوارث، عن حميد الأعرج، عن محمد ابن إبراهيم التيميّ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيميّ، فذكره.
وكذلك رواه الإمام أحمد (١٦٥٨٩) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن حميد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي، وقال: وكان من أصحاب النبيّ ﷺ، قال: خطبنا رسول الله ﷺ، فذكر الحديث.
وتابعه على ذلك ابن المبارك عن عبد الوارث، فذكر مثله. رواه البيهقي (٥/ ١٢٧).
ولكن رواه النسائي (٢٩٩٦) من طريق ابن المبارك، فزاد فيه: «عن رجل من أصحاب النبيّ
ﷺ» كما سيأتي.
وخالفه معمر فرواه عن حميد الأعرج، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبيّ ﷺ، قال: «خطب النبيّ ﷺ النّاس بمنى، ونزّلهم منازلهم، وقال: «لينزل المهاجرون ها هنا«، وأشار إلى ميمنة القبلة.»والأنصار ها هنا«وأشار إلى ميسرة القبلة.»ثم لينزل الناس حولهم«وذكر بقية الحديث.
رواه الإمام أحمد (١٦٥٨٨) -وعنه أبو داود (١٩٥١) - عن عبد الرزاق، عن معمر، بإسناده.
إن كان هذا محفوظًا فلا يضر إبهام الرجل لأنه صحابي، والصواب ما رواه عبد الوارث، وابن المبارك بدون ذكر الرجل المبهم، وهو الذي صحّحه البيهقي إلا أنه أعلّه بالإرسال، فقال: «زعموا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدركه، وروايته عنه مرسلة».
كذا قال! ولم يذكر أصحاب المراسيل أن روايته عن عبد الرحمن بن معاذ مرسلة. وقد نصُّوا على عدد من الصحابة لم يسمع منهم، وليس فيهم عبد الرحمن بن معاذ. فالأصل فيه أنه متصل حتى يأتي ما يخالفه.
بل قال أبو حاتم: «لم يسمع من جابر ولا من أبي سعيد». قال الحافظ في التهذيب: «وحديثه عن عائشة عند مالك والترمذي وصحّحه، وعائشة ماتت قبل أبي سعيد وجابر».
وفيه إشارة إلى عدم رضا الحافظ بقول أبي حاتم.
وقول البيهقي: «زعموا«ليس صريحًا في نفي السماع منه، والله أعلم.
عن أبي نضرة حدّثني من سمع خطبة رسول الله ﷺ في وسط أيام التّشريق، فقال: يا أيّها النّاس، ألا إنّ ربكم واحد، وإنّ أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى. أبلّغت؟ !». قالوا: بلَّغ رسول الله ﷺ. ثم قال: «أيُّ يومٍ هذا؟». قالوا: يوم حرام. ثم قال: «أيُّ شهر هذا؟». قالوا: شهر حرام. قال: ثمّ قال: «أيُّ بلد هذا؟». قالوا: بلد حرام. قال: «فإنّ الله قد حرّم بينكم دماءكم وأموالكم». قال: ولا أدري قال: «أو أعراضكم» أم لا؟ «كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، أبلغت؟». قالوا: بلّغ رسول الله ﷺ. قال: «ليِبُلِّغ الشّاهدُ الغائبَ».

صحيح: رواه الإمام أحمد (٢٣٤٨٩) عن إسماعيل، حدّثنا سعيد الجريريّ، عن أبي نضرة، فذكره. وإسناده صحيح. وإسماعيل هو ابن عليّة.
وأبو نضرة اسمه: المنذر بن مالك بن قطعة العبديّ. والصحابي المبهم لعلّ هو جابر كما جاء التصريح به في رواية أبي نعيم في الحلية (٣/ ١٠٠) من طريق سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن
جابر، فذكره مختصرًا، وقال: «غريب من حديث أبي نضرة، عن جابر. لم نكتبه إلّا من حديث أبي قلابة عن الجريري عنه» انتهي.
قال الأعظمي: إن كانت الغرابةُ من أجل أبي قلابة شيبة القيسي فقد رأيتَ رواه أيضًا إسماعيل بن عليّة. ثم حديث جابر رواه الإمام أحمد بإسناد آخر، كما مضى.
عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ في حجّة الوداع: «ألا إنّ أحْرَمَ الأيام يومكم هذا، ألا وإنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلّغت؟». قالوا: نعم. قال: «اللهم اشْهد».

صحيح: رواه ابن ماجه (٣٩٣١) عن هشام بن عمار، قال: حدثنا عيسى بن يونس، حدّثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١١٧٦٢) عن علي بن بحر، عن عيسي بن يونس، بإسناده. ولفظه سواء.
عن فضالة بن عبيد الأنصاري، عن رسول الله ﷺ أنه قال في حجّة الوداع: «هذا يوم حرام، وبلد حرام، فدماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام مثل هذا اليوم، وهذه البلدة إلى يوم تلقونه، وحتى دفعة دفعها مسلم مسلمًا يريد بها سوءًا حرامًا، وسأخبركم من المسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذّنوب، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله».

صحيح: رواه البزار في مسنده (٣٧٥٢)، وأحمد (٢٣٩٥٨)، والطبراني (١٢/ ٣٠٩) كلّهم من حديث أبي هانئ الخولاني، عن عمرو بن مالك الجنْبيّ، قال: حدثني فضالة بن عبيد، فذكره. واللفظ للبزّار.
ورواه ابن ماجه (٣٩٣٤)، وابن حبان في صحيحه (٤٨٦٢)، والحاكم (١/ ١٠ - ١١) كلهم من هذا الوجه مختصرًا. وأبو هانئ اسمه حميد بن لاحق.
عن أبي الغادية الجهنيّ، قال: خطبنا رسول الله ﷺ يوم العقبة، فقال: «يا أيّها النّاس، إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربَّكم، كحرمكم يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلّغت؟». قالوا: نعم. قال: «اللهمّ هل بلّغت».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٦٦٩٩) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدّثنا ربيعة بن كلثوم، قال: حدثني أبي، عن أبي غادية الجهنيّ، فذكره.
ورواه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٣٦٣) من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم، ثنا ربيعة بن كلثوم،
ثنا أبي، قال: كنت بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر، فقال الآذان: هذا أبو غادية الجهني. فقال عبد الأعلى: أدخلوه. فدخل وعليه مقطعات له، رجل طوال ضرب من الرجال، كأنه ليس من هذه الأمة. فلما قعد، قال: «بايعت رسول ﷺ. فقلت: يمينك؟ قال: نعم. خطبنا يوم العقبة، فقال: «يا أيها الناس ألا إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل بلّغت؟». قالوا: نعم. قال: «اللهم! اشهد». قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارّا يضرب بعضكم رقاب بعض».
قال: «وكنا نعدّ عمار بن ياسر من خيارنا. قال: فلما كان يوم صفين، أقبل يمشي أول الكتيبة راجلًا حتى إذا كان من الصفين طعن رجلًا في ركبته بالرمح، فعثر فانكفأ المغفر عنه، فضربته فإذا هو رأس عمار.
قال: يقول مولي لنا: أي يد كفتاه. قال: فلم أر رجلًا أبين ضلالةً عندي منه، أنه سمع من النبيّ ﷺ ما سمع، ثم قتل عمارًا». انتهى.
وإسناده حسن من أجل الكلام في كلثوم وهو ابن جبر البصريّ مختلف فيه غير أنه حسن الحديث. وأبو الغادية هذا الجهني واسمه يسار بن سبع، وقيل: يسار بن أزهر. أدرك النبيّ ﷺ وهو غلام، وله سماع من النبيّ ﷺ، وكان محبًّا في عثمان، وهو قاتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: قاتل عمار على الباب! .
قال ابن عبد البر في ترجمته في «الاستيعاب»: «وفي قصته عجب عند أهل العلم، روى عن النبيّ ﷺ ما ذكرنا أنه سمعه منه، ثم قتل عمارًا رضي الله عنه، روى عنه كلثوم بن جبر».
وقال الحافظ في «الإصابة»: «والظن بالصّحابة في تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأوّلين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حقّ أحاد الناس، فثبوته للصحابة بالطريق الأولى».
عن وابصة بن معبد الجهنيّ، أنّه كان يقوم في الناس يوم الأضحى، أو يوم الفطر فيقول: إنّي شهدتُ رسول الله ﷺ في حجّة الوداع، وهو يقول: «أيّ يوم هذا؟». قال الناس: يوم النّحر. قال: «فأيّ شهر هذا؟». ثم قال: «أيُّ بلد هذا؟». قالوا: هذه البلدة. قال: «فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه». ثم قال: «اللهم هل بلغت، يبلّغ الشّاهد الغائب».
قال وابصة: نُشهد عليكم، كما أَشهد علينا.

حسن: رواه أبو يعلى (١٥٨٩) عن عمرو النّاقد، حدّثنا عمرو بن عثمان الكلابي الرّقي، حدّثنا أصبغ بن محمد، عن جعفر بن برقان، عن شدّاد مولي عياض، عن وابصة، فذكره.
وعمرو بن عثمان الكلابي ضعيف، ولكنه توبع. رواه أبو يعلى (١٥٩٠) قال عمرو بن محمد
النّاقد، حدّثنا أبو سلمة الخزاعيّ، أنّ جعفر بن برقان حدّثهم في هذا الحديث، أنّ سالم بن وابصة صلي بهم بالرّقة. وذكر حديث وابصة هذا.
وقال وابصة: «نُشهد عليكم كما أشهد علينا، فأوعيتم ونحن نبلغكم».
وأبو سلمة الخزاعي هو منصور بن سلمة بن عبد العزيز البغداديّ «ثقة ثبت حافظ» كما في «التقريب» من رجال الشيخين.
وسالم بن وابصة له ترجمة في تاريخ أبي زرعة الدّمشقي (٢/ ٦٨٦).
ورواه الطّبرانيّ في الأوسط (مجمع البحرين) (١٧٨٣) من طريق عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر الوابصيّ الرّقي، ثنا أبي، عن جعفر بن برقان بإسناده، نحوه. وهذه متابعة أخرى.
ووهم الطّبراني عندما قال: «لا يُروى عن وابصة إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به عبد السلام».
وإسناده حسن من أجل الكلام في جعفر بن برقان غير أنه حسن الحديث، وثقه ابن معين، وابن سعد، وضعّفه النسائيّ. وفيه أيضًا شداد مولي عياض، ولم يوثقه غير ابن حبان.
ولذا قال الحافظ: «مقبول» وهو كذلك لأنه توبع.
وقال الهيثميّ في «المجمع» (٣/ ٢٦٩ - ٢٧٠): «رواه الطبراني في الأوسط، ورواه أبو يعلى ورجاله ثقات».
عن الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله ﷺ في حجة الوداع، فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، استغفر لي. قال: «غفر الله لكم». قال وهو على ناقته العضباء. قال: فاشتددت له من الشق الآخر أرجو أن يخصني دون القوم. فقلت: استغفر لي. قال: «غفر الله لكم». قال رجل: يا رسول الله، الفرائع والعتائر؟ قال: «من شاء فرَّع، ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر، في الغنم أضحية». ثم قال: «ألا إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٥٩٧٢) واللفظ له.
ورواه النسائي (٤٢٢٦، ٤٢٢٧) والطبراني في الكبير (٣٣٥٠) والحاكم (٤/ ٢٣٦) مختصرا - كلهم من طرق، عن يحيى بن زرارة بن كُريم بن الحارث بن عمرو الباهلي، قال: سمعت أبي يذكر أنه سمع جده الحارث بن عمرو يحدث، فذكره.
ويحيى بن زرارة لم يوثقه غير ابن حبان، ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول» قلت: وهو كذلك لأنه توبع.
فقد رواه الطبراني في الكبير (٣٣٥١)، والحاكم (٤/ ٢٣٢)، والبيهقي (٥/ ٢٨) كلهم من طريق عبد الوارث، عن عتبة بن عبد الملك السهمي، عن زرارة، بإسناده، نحوه.
قال الحاكم: «حديث صحيح لم يخرجاه».
وأخرجه الطبراني أيضا (٣٣٥٢) من وجه آخر عن سهيل بن حصين الباهلي، زرارة بن كُريم، الحارث بن عمرو السهمي أنه أتى رسول الله ﷺ في حجة الوداع، وهو على ناقته العضباء، وكان الحارث رجلا جسيما، فنزل إليه الحارث، فدنا منه حتي حاذي وجهه بركبة رسول الله ﷺ، فأهوى نبي الله ﷺ يمسح وجه الحارث، فما زالت نضرة على وجه الحارث حتى هلك. فقال له الحارث: يا نبي الله، ادع الله لي: «اللهم اغفر لنا»، فذكر نحو حديث عبد الوارث» انتهى.
عن أنس بن مالك قال: إني لتحت ناقة رسول الله ﷺ يسيل علي لُعابها فسمعته يقول: «إن الله جعل لكل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ألا لا يتولن رجل غير مواليه، ولا يدعين إلى غير أبيه، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله متتابعة إلى يوم القيامة، ألا لا تنفقن امرأة من بيتها إلا بإذن زوجها، فقال رجل: إلا الطعام يا رسول الله، فقال: وهل أفضل أموالنا إلا الطعام!؟ ألا إن العارية مؤداة، والمنيحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم».

صحيح: رواه ابن ماجه (٢٧١٤)، وأبو عمرو المديني في حجة الوداع (٣٩)، والطبراني في مسند الشاميين (٦٢١) -واللفظ له- كلهم من حديث محمد بن شعيب بن شابور، ثنا عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن سعيد بن أبي سعيد أنه حدثه عن أنس بن مالك فذكره.
وإسناده صحيح، ومحمد بن شعيب بن شابور فيه كلام يسير لا يضر كما أنه توبع.
وهو ما رواه أبو داود (٥١١٥) عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا عمر بن عبد الواحد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني سعيد بن أبي سعيد -ونحن ببيروت- عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة. فذكره مختصرا.
ورواه الدارقطني (٤/ ٧٠) عن أبي بكر النيسابوري، نا عباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، انا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني سعيد بن أبي سعيد -شيخ بالساحل- قال: حدثني رجل من أهل المدينة قال: فذكر الحديث مختصرا.
فجعل سعيد بن أبي سعيد رجلا آخر غير المقبري، فإن صحّ فالإسناد ضعيف لجهالة هذا الساحلي مع أن الطبراني صرح بأنه المقبري، وهو الذي اختاره البوصيري وغيره فصححوا هذا الحديث. وقد زعم ابن عساكر أن سعيد بن أبي سعيد قدم الشام مرابطا فحدث بساحل بيروت فلا يبعد أن يكون هو المقبري المدني الساحلي، ومن الناس من فرقوا بين المقبري والساحلي وهو اختيار الحافظ ابن حجر في التقريب.
فمن المحتمل أن يكون لأنس بن مالك راويان: أحدهما المقبري المدني المعروف، والثاني الساحلي البيروتي لا يعرف، فيتقوى أحدهما بالآخر وبالله التوفيق.
عن العدَّاء بن خالد الكلابي قال: رأيت رسول الله ﷺ يوم عرفة وهو قائم على الركابين ينادي بأعلى صوته: «يا أيها الناس، أي يوم يومكم هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فأي شهر شهركم هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فأي بلد بلدكم هذا؟». قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «يومكم يوم حرام، وشهركم شهر حرام، وبلدكم بلد حرام» قال: فقال: «ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربكم، فيسألكم عن أعمالكم» قال: ثم رفع يديه إلى السماء فقال: «اللَّهم! اشهد عليهم، اللهم! اشهد عليهم» ذكر مرارا، فلا أدري كم ذكر.

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٠٣٣٦) عن يونس، حدثنا عمر بن إبراهيم اليشكري، حدثنا شيخ كبير من بني عُقيل، يقال له: عبد المجيد العقيلي، قال: انطلقنا حجاجا ليالي خرج يزيد بن المهلب، وقد ذكر لنا أن ماء بالعالية يقال له: الزُّجيج، فلما قضينا مناسكنا جئنا حتى أتَيْنَا الزُّجَيْحَ، فَأَنَخْنَا رَوَاحِلَنَا، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى بِئْرِ عَلَيْهِ أَشْيَاخٌ مُخَضَّبُونَ يَتَحَدَّثُونَ. قَالَ: قُلْنَا: هَذَا الَّذِي صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَيْنَ بَيْتُهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ صَحِبُه، وَهَذَاكَ بَيْتُهُ. فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الْبَيْتَ فَسَلَّمْنَا، قَالَ: فَأَذِنَ لَنَا، فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ مُضْطَجِعٌ يُقَالُ لَهُ: الْعَدَّاءُ بْنُ خَالِدٍ الْكِلَابِيُّ، قُلْتَ: أَنْتَ الَّذِي صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلَا أَنَّهُ اللَّيْلُ لَأَقْرَأْتُكُمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَيَّ. قَالَ: فَمَنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا: مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. قَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ، مَا فَعَلَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ؟ قُلْنَا: هُوَ هُنَاكَ يَدْعُو إلَى كِتَابِ اللَّهِ تبارك وتعالى وَإِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ: فِيمَا هُوَ مِنْ ذَاكَ، فِيمَا هُوَ مِنْ ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَيَّا نَتَّبِعُ هَؤُلَاءِ أَوْ هَؤُلَاءِ -يَعْنِي أَهْلَ الشَّامِ أَوْ يَزِيدَ-؟ قَالَ: إِنْ تَقْعُدُوا تُفْلِحُوا وَتَرْشُدُوا، إِنْ تَقْعُدُوا تُفْلِحُوا وتَرْشُدُوا، لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وإسناده حسن من أجل عبد المجيد العقيلي، وثقه ابن معين وابن حبان، وهو حسن الحديث.
وقد أخرجه أبو داود (١٩٧١) وأحمد (٢٠٣٣٥) كلاهما من حديث وكيع، عن عبد المجيد مختصرا. ورواه أيضا أبو داود (١٩١٨) من طريق عثمان بن عمر، عن عبد المجيد بمعناه.
وقوله: «زجيج»: منزل للحجاج بين البصرة ومكة.
عن جبير بن مطعم، قال: سمعت رسول الله ﷺ وهو يخطب الناس بالخيف: «نضّر الله عبدًا سمع مقالتي فوعاها، ثم أدّاها إلى من لم يسمعها، فربّ حامل فقه لا فقه له، وربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يُغلّ عليهن قلب المؤمن:
إخلاص العمل، وطاعة ذوي الأمر، ولزوم الجماعة، فإنّ دعوتهم تكون من ورائه».

حسن: رواه الإمام أحمد (١٦٧٥٤)، والبزار في مسنده (٣٤١٦) كلاهما من حديث يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عمرو ابن أبي عمرو مولي المطلب، عن عبد الرحمن بن الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، فذكره. واللّفظ لأحمد.
وإسناده حسن من أجل الكلام في عبد الرحمن بن الحويرث، وهو ابن معاوية بن الحويرث -بالتصغير- نسب إلى جدّه.
قال الأعظمي: لأنه تكلَّم فيه مالك، فقال: ليس بثقة. قال عبد الله بن أحمد: أنكر أبي ذلك من قول مالك، وقال: قد روي عنه شعبة وسفيان. واختلف فيه قول ابن معين توثيقًا وتضعيفًا، والخلاصة فيه كما قال الحافظ: «صدوق سيء الحفظ» أعني إذا خالف أو أتي في حديثه ما ينكر عليه، ولم يخالف في هذا ولم يأت في حديثه ما ينكر.
وأما الاختلاف على محمد بن إسحاق فلا يضرّ ما صحَّ منه.
وقد أيّده ما رواه الدّارميّ (٢٣٣) عن سليمان بن داود، حدّثنا إسماعيل بن جعفر، حدّثنا عمرو ابن أبي عمرو، عن عبد الرحمن بن الحويرث، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، فذكره.
ولكن في رواية على بن جعفر السّعديّ (٣٥٥)، عن إسماعيل بن جعفر ليس فيه ذكر «عن أبيه» فهو مرسل. وانتقد الحافظ في «موافقة الخبر الخبر» (١/ ٣٧٣) الدّارقطني في ذكره المرسل، وقال: رواية الدارميّ ترد عليه.
والحديث ثبت موصولًا أيضًا من غير طريق ابن إسحاق، فقد روي أيضًا عن مالك وصالح بن كيسان ويزيد بن عياض، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه، كما ذكره الدارقطني في «علله» (١٣/ ٤١٩). وفي الحديث كلام أكثر من هذا، وهذا ملخصه.
وفي الباب ما رُوي عن سرَّاء بنت نبهان، وكانت ربّة بيت في الجاهليّة، قالت: «خطبنا رسول الله ﷺ يوم الرؤوس، فقال: «أيّ يوم هذا؟». قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «أليس أوسط أيام التشريق؟».
رواه أبو داود (١٩٥٣) عن محمد بن بشار، حدّثنا أبو عاصم، حدّثنا ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين، حدّثتني جدّتي سراء بنت نبهان، فذكرته.
وربيعة بن عبد الرحمن بن حصين (وفي رواية: حِصْن) لم يوثقه غير ابن حبان (٤/ ٢٣١) ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول». أي إذا توبع ولم يتابع.
قال أبو داود: «وكذلك قال عمّ أبي حرة الرّقاشيّ: إنه خطب أوسط أيام التشريق».
وأبو حرة هذا اسمه حنيفة، وقيل اسمه: حكيم، مشهور، بكنيته مختلف فيه فضعّفه ابن معين، ووثَّقه أبو داود، وحديثه الآتي.
وفي الباب أيضًا عن أبي حرة الرّقاشيّ، عن عمّه قال: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله ﷺ في أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال ﷺ: فذكر خطبته الطويلة فيها حرمة البلد الحرام، ووضع ربا الجاهلية، وأن لا ترجعوا بعده كفّارًا، والتوصية بالنّساء خيرًا وغيرها من الفقرات التي ثبتت متقطعًا في الخطب الأخرى.
رواه الإمام أحمد (٢٠٦٩٥) عن عفان، حدّثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن أبي حرة الرقاشي، فذكره.
وعلي بن زيد هو ابن جدعان المنسوب إلى أحد أجداده الأعلى، الأئمّة متفقون على تضعيفه إلّا أنّ الترمذي كان حسن الرّأي فيه، فقال: «صدوق». والحقّ أنه ضعيف وكذا قاله أيضًا الحافظ في التقريب.
وقد أخرج أبو داود (٢١٤٥)، والدارمي (٢٥٣٤)، وأبو يعلي (١٥٧٠) وغيرهم قِطَعًا من هذه الخطبة من طرق، عن حماد بن سلمة.
وفي الباب عن عمرو بن الأحوص: أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله ﷺ وأثنى عليه وذكّر ووعظ ثم قال: «أيُّ يوم أحرم؟ أيّ يوم أحرم؟ أيُّ يوم أحرم؟». قال: فقال النّاس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله، قال: «فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده، ألا إنّ المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحلّ من نفسه ألا وإن كلّ ربا في الجاهليّة موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كلّه، ألا وإن كلّ دم كان في الجاهلية موضوع وأوّل دم أضع من دماء الجاهليّة دم الحارث بن عبد المطلب -كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل-، ألا واستوصوا بالنّساء خيرًا، فإنما هنّ عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، ألا إنّ لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقُّكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون، ألا وإن حقهنّ عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن».
رواه الترمذيّ في مواضع: منها في التفسير (٣٠٨٨) بهذا اللّفظ، ومنها في الرضاع (١١٦٣)، ومنها في الفتن (٢١٥٩).
وكذلك ابن ماجه في موضعين (١٨٥١)، و(٣٠٥٥)، وأبو داود (٣٣٣٤) مختصر جدًا -كلّهم من حديث الحسين بن علي، عن زائدة، عن شبيب بن غرقدة البارقيّ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، قال: حدّثني أبي أنه شهد حجّة الوداع، فذكره.
هذه رواية الترمذي في الموضع الأول، وابن ماجه في الموضع الأول.
وأما الترمذي في الموضع الثاني والثالث، وابن ماجه في الموضع الثاني، وأبو داود، وأحمد (١٥٥٠٧) فكلهم رووه من حديث أبي الأحوص، عن شبيب بن غرقدة البارقي.
وقد أشار إليه الترمذي في الموضع الأول، ولذا أفردت ذكره. قال الترمذي: «حسن صحيح».
قال الأعظمي: ولكن فيه سليمان بن عمرو لم يرو عنه إلا شبيب بن غرقدة، ويزيد بن أبي زياد، ولم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في الثقات على قاعدته، ولذا قال الحافظ في التقريب: «مقبول» إذا توبع، ولم أجد له متابعًا. بل وقد نقل الحافظ في «التهذيب» عن ابن القطان أنه قال: «مجهول». فلعل الترمذي صحّحه أو حسّنه لشواهده أو لتساهله.
وفي الباب عن عمار بن ياسر، قال: خطبنا رسول الله ﷺ فقال: «أيّ يوم هذا؟» فقلنا: يوم النحر، فقال: «أيّ شهر هذا؟». قلنا: ذو الحجة شهر حرام. قال: «فأيّ بلد هذا؟». قلنا: بلد الحرام. قال: «فإنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا هل يُبلّغ الشّاهد الغائب».
رواه أبو يعلى (١٦٢٢) عن محمد، عن عبد الرحمن بن جبلة، حدثنا عمرو بن النعمان، عن كثير أبي الفضل، عن مطرف بن عبد الله الشخير، قال: سمعت عمار بن ياسر، قال (فذكره).
وفيه عبد الرحمن بن جبلة وهو ابن عمرو بن جبلة ذكره الذهبي في «الميزان»، وقال: قال أبو حاتم: كان يكذب فضربت على حديثه، وقال: متروك يضع الحديث.
وفي الباب ما روي عن ابن عباس، أنّ رسول الله ﷺ قسم يومئذ في أصحابه غنمًا، فأصاب سعد بن أبي وقاص تيسًا فذبحه، فلما وقف رسول الله ﷺ بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف، فقام تحت ثدي ناقته، وكان رجلًا صيّتًا، فقال: «اصرخ أيها الناس، أتدرون أي شهر هذا؟» فصرخ، فقال الناس: الشهر الحرام، فقال: «اصرخ، أتدرون أي بلد هذا؟». قالوا: البلد الحرام، قال: «اصرخ، أتدرون أي يوم هذا؟» قالوا: الحجّ الأكبر، فقال: «اصرخ، فقل: إنّ رسول الله ﷺ قد حرم عليكم دماءكم، وأموالكم، كحرمة شهركم هذا، وكحرمة بلدكم هذا، وكحرمة يومكم هذا» فقضى رسول الله ﷺ حجّه، وقال: حين وقف بعرفة: «هذا الموقف، وكلّ عرفة موقف». وقال حين وقف على قزح: «هذا الموقف، وكلّ مزدلفة موقف».
رواه الطبراني (١١/ ١٧٢) عن محمد بن علي بن الأحمر الناقد البصريّ، ثنا محمد بن يحيى القطيعي، ثنا وهيب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أبي نجيح، قال: قال عطاء، قال ابن عباس، فذكره.
يقول الحافظ ابن حجر في «الإصابة» في ترجمة ربيعة بن أمية بن خلف:
من لم يمعن النظر في أمره، منهم البغوي وأصحابه وابن شاهين، وابن السكن، والباوردي،
والطبراني، وتبعهم ابن مندة وأبو نعيم».
إلى أن قال: فلو لم يرد إلا هذا لكان عده في الصحابة صوابًا، ولكن ورد أنه ارتدّ في زمن عمر ...».
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن المسور بن مخرمة قال: خطبنا رسول الله ﷺ بعرفات، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، فإنّ أهل الشّرك والأوثان كانوا يدفعون من هذا الموضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب. وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة».
رواه الطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٤ - ٢٥) عن العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي، ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن ابن جريج، عن محمد بن قيس، عن المسور بن مخرمة، قال (فذكره).
ورواه الحاكم (٣/ ٥٢٣ - ٥٢٤) من هذا الوجه إلا أنه أدخل بين عبد الوارث بن سعيد، وبين ابن جريج «شعبة».
وقال: «صحيح على شرط الشيخين». وقال: «قد صحّ وثبت بما ذكرته سماع المسور بن مخرمة من رسول الله ﷺ لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أنه ممن له رواية بلا سماع».

أبواب الكتاب (عرض 50 باباً حول الباب الحالي)

الباب الحالي في المركز 191 من أصل 247 باباً

معلومات عن حديث: خطب النبي ﷺ في حجة الوداع

  • 📜 حديث عن خطب النبي ﷺ في حجة الوداع

    أحاديث نبوية شريفة تتعلق بـ خطب النبي ﷺ في حجة الوداع من مصادر موثوقة.

  • 🔍 صحة حديث خطب النبي ﷺ في حجة الوداع

    تحقق من درجة أحاديث خطب النبي ﷺ في حجة الوداع (صحيح، حسن، ضعيف).

  • 📖 تخريج حديث خطب النبي ﷺ في حجة الوداع

    تخريج علمي لأسانيد أحاديث خطب النبي ﷺ في حجة الوداع ومصادرها.

  • 📚 أحاديث عن خطب النبي ﷺ في حجة الوداع

    مجموعة شاملة من الأحاديث النبوية في موضوع خطب النبي ﷺ في حجة الوداع.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 24, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب