حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب خطب النبيّ ﷺ في حجّة الوداع

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: كانتِ العرب يجعلون عامًا شهرًا، وعامين شهرين، فلا يصيبون الحجّ في أيام الحجّ إلّا في خمس وعشرين سنة مرة، وهو النسيء الذي ذكره الله في كتابه. فلما حجّ أبو بكر بالنّاس وافق العام الحجّ، فسماه الله الحجّ الأكبر، وحجّ رسول الله ﷺ من العام المقبل، فاستقبل الناسُ الأهلّة. فقال رسول الله ﷺ: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّماوات والأرض».

حسن: رواه الطّحاويّ في شرح مشكل الآثار (١٤٥٧) عن جعفر بن محمد بن الحسن الفريابيّ، قال: حدّثنا الصّلت بن مسعود الجحدريّ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفاويّ، قال: حدّثنا داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن جدّه، فذكره.

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: كانتِ العرب يجعلون عامًا شهرًا، وعامين شهرين، فلا يصيبون الحجّ في أيام الحجّ إلّا في خمس وعشرين سنة مرة، وهو النسيء الذي ذكره الله في كتابه. فلما حجّ أبو بكر بالنّاس وافق العام الحجّ، فسماه الله الحجّ الأكبر، وحجّ رسول الله ﷺ من العام المقبل، فاستقبل الناسُ الأهلّة. فقال رسول الله ﷺ: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّماوات والأرض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، له شأن كبير، فهو يروي قصة إبطال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد أكبر أنواع الظلم والتحريف في الدين الذي كانت تمارسه العرب في الجاهلية، ويؤسس لمفهوم إلهي ثابت للزمن.
دعنا نتناول شرح هذا الحديث النبوي الشريف جزءاً جزءاً، وفقاً لمنهج أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● كانت العرب يجعلون عامًا شهرًا، وعامين شهرين: أي كانوا يؤخرون تحريم شهر المحرم (وهو من الأشهر الحرم) إلى شهر آخر، فيحلون القتال في المحرم، ويحرمون بدله شهراً آخر مثل صفر. فإذا فعلوا ذلك مرة، فكأنهم جعلوا السنة (العام) شهراً واحداً (بالتأخير). وإذا كرروا الفعل في السنة التالية، فكأنهم جعلوا السنتين شهرين.
● النسيء: هو التأخير والتبديل. والمقصود هنا تأخير حرمة شهر المحرم إلى شهر آخر.
● الحج الأكبر: هو اسم ليوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، وهي أيام الحج الرئيسية. وسُمي بذلك لعظمه وكبر شأنه.
● استقبل الناسُ الأهلّة: أي أصبحوا ينتظرون رؤية هلال ذي الحجة لمعرفة وقت الحج، وفقاً للشهر القمري الفعلي دون تحريف.
● «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّماوات والأرض»: أي عاد الزمان ودَار دورته وانتظم على أصله الأول الذي وضعه الله تعالى، وهو اثنا عشر شهراً، أربعة منها حرم.


ثانياً. شرح الحديث:


يشرح هذا الحديث السياق التاريخي لنزول قوله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة: 37].
1- الظلم في الجاهلية (النسيء):
كانت قبائل العرب في الجاهلية، وتحديداً قبيلة كنانة، تمارس عملية تسمى "النسيء". وكانوا يفعلون ذلك لأسباب دنيوية محضة:
● الرغبة في القتال: إذا أرادوا القتال في شهر محرم (وهو شهر حرام يحرم فيه القتال)، يؤخرون حرمة هذا الشهر إلى الشهر التالي (صفر)، فيستحلون القتال في المحرم ويحرمون صفر بدلاً منه.
● مواكبة المواسم: كان نظام التحويل هذا يؤدي إلى اختلال كبير في موعد الحج، فلم يكن يحل وقت الحج إلا مرة واحدة كل 25 سنة تقريباً، لأنه كان يضيع بين التأخير والتحويل.
2- الحج في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
في السنة التاسعة للهجرة، بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق أميراً على الحج. وفي تلك السنة، وافق موعد الحج الذي حددته قريش بالنسيء الموعد الحقيقي للأشهر القمرية، فسُمي ذلك الحج "الحج الأكبر" تمييزاً له، حيث تحقق فيه الحج في وقته الصحيح دون تحريف، وكان ذلك تمهيداً إلهياً لإعلان إبطال النسيء.
3- حجة الوداع وإبطال النسيء:
في السنة العاشرة للهجرة، حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع. وفي هذه الحجة العظيمة، أعلن صلى الله عليه وسلم بياناً خالداً ينسخ كل عادات الجاهلية. فقد ألغى التحويل والتبديل في الأشهر الحرم (ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، رجب) وأكد أنها ثابتة لا تتغير. فأصبح الناس ينتظرون هلال ذي الحجة لمعرفة وقت الحج الحقيقي، based on الرؤية الشرعية، لا based on أهواء البشر.
4- القاعدة الكبرى: «إنّ الزّمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السّماوات والأرض»
هذه الجملة هي لب الحديث وخلاصة الحكمة منه. معناها:
- أن النظام الزمني الذي وضعه الله تعالى (الأشهر القمرية الـ12، منها 4 حرم) هو نظام كوني ثابت، كثبات السماوات والأرض.
- أن ما فعله العرب من نسيء كان تحريفاً لهذا النظام واعتداءً على حكم الله.
- أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم أعادت الأمور إلى نصابها الشرعي، وعاد الزمن يدور وفق النظام الإلهي الأصلي الذي لا تحريف فيه ولا تبديل.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- ثبات الشرائع وعدم خضوعها للأهواء: الشريعة الإسلامية ثابتة، والأحكام الشرعية لا تتغير بتغير الأزمان أو أهواء الناس. فما حرم الله حرام إلى يوم القيامة، وما أحل الله حلال إلى يوم القيامة.
2- إبطال البدع والتحريف: الحديث دليل على وجوب محاربة كل بدعة وكل تحريف للدين، سواء كان في العقيدة أو في العبادات أو في التشريع.
3- التأكيد على التقويم القمري: الحديث يؤكد أن المعيار في العبادات المؤقتة (كالصوم والحج) هو الأشهر القمرية، وليس الشمسية، لأن القمرية هي التي أمر الله بها وجعلها مواقيت للناس.
4- الحكمة من الأشهر الحرم: فيها تأكيد
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطّحاويّ في شرح مشكل الآثار (١٤٥٧) عن جعفر بن محمد بن الحسن الفريابيّ، قال: حدّثنا الصّلت بن مسعود الجحدريّ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفاويّ، قال: حدّثنا داود بن أبي هند، عن عمرو بن شعيب، عن جدّه، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، ومحمد بن عبد الرحمن الطّفاوي فإنّهما حسنا الحديث إذا لم يخالفا.
قال بعض أهل العلم: إنّما أخّر النبيّ ﷺ الحجّ ليوافق أهل الحساب، فلمّا استدار الزّمان كهيئته حجّ النبيُّ ﷺ ليوافق حجّ النّاس بعده إلى يوم القيامة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 535 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

  • 📜 حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب