حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب خطب النبيّ ﷺ في حجّة الوداع

عن جرير البجليّ، قال: قال لي النبيُّ ﷺ في حجّة الوداع: «استنصت النّاس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض».

متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٤٠٥)، ومسلم في الإيمان (٦٥) كلاهما من طريق شعبة، عن علي بن مدرك، سمع أبا زرعة (هو ابن عمرو بن جرير) يحدِّث عن جدِّه جرير، به، فذكره.

عن جرير البجليّ، قال: قال لي النبيُّ ﷺ في حجّة الوداع: «استنصت النّاس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث الشريف:
عن الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: قال لي النبيُّ ﷺ في حجّة الوداع: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ثم قال: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ».
رواية الحديث:
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 121)، والإمام مسلم في صحيحه (رقم 65)، وغيرهما من أصحاب الكتب المعتمدة.


الشرح التفصيلي:



# 1. شرح المفردات:


● اسْتَنْصِتِ النَّاسَ: (استنصت) من الصَّمْت، أي: اسكتهم وأمرهم بالسكوت ليسمعوا كلامي. وهو أمر بتجهيز الجو المناسب لاستماع الخطبة المهمة.
● كُفَّارًا: جمع كافر، والمقصود هنا الكفر العملي أو الكفر الأصغر، وهو كفر النعمة أو التكفير بالمعصية، وليس الكفر المخرج من الملة. والمعنى: لا ترتدوا على أعقابكم وتقعوا في أفعال الكفار من القتال والعدوان.
● يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ: أي يقتل بعضكم بعضًا، والرقاب جمع رقبة، والضرب عليها كناية عن القتل والاقتتال.


# 2. شرح الحديث:


كان هذا الحديث جزءًا من خطبة الوداع العظيمة التي ألقاها النبي ﷺ في حجة الوداع، وهي توجيه عام للأمة جمعاء.
● المناسبة والسياق: في ذلك الموقف المهيب، اجتمع آلاف الصحابة ليسمعوا آخر توجيهات نبيهم ﷺ. أمر النبيُّ جريرًا رضي الله عنه أن يطلب من الناس السكوت والإنصات؛ لأن الكلام الذي سيقوله في غاية الأهمية، فهو وصيته الأخيرة للأمة.
● المعنى العام: يحذر النبي ﷺ أمته من أعظم الفتن التي يمكن أن تقع فيها بعد وفاته، ألا وهي فتنة الاقتتال الداخلي وسفك الدماء بين المسلمين. النهي هنا تحذير من عواقب وخيمة تبدأ بالخلافات وتنتهي بالحروب الأهلية التي تهدر كرامة الأمة وتضعفها.
● المقصود بـ "كفارًا": ليس المقصود الكفر الاعتقادي (الشرك بالله) الذي يخرج من الملة، بل هو كناية عن:
1- كفر النعمة: نعمة الأمن والأخوة والإيمان التي جمعتهم.
2- شبهة بالكفار: التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم في تقتيل بعضهم بعضًا وتمزيق شملهم.
3- كفر العملي: وهو كل كبيرة من الكبائر، وقتل المسلم بغير حق من أعظمها.


# 3. الدروس المستفادة والعبر:


1- حرمة دم المسلم: يؤكد الحديث على عظمة حرمة دم المسلم وأمواله وأعراضه، وأن الاعتداء عليها من أعظم الذنوب وأخطرها على الفرد والمجتمع.
2- تحذير من الفتنة: وصية النبي ﷺ هذه نبوءة وتحذير من الفتن التي ستقع بين المسلمين، وحث على الحذر من أسبابها كالظلم والجهل والتعصب.
3- الحفاظ على وحدة الصف: يوجه الحديث إلى ضرورة التمسك بأواصر الأخوة الإسلامية ووحدة الكلمة، واجتناب كل ما يؤدي إلى التفرق والاختلاف الذي ينتج عنه العداوة والبغضاء.
4- مسؤولية الدعاة والعلماء: عليهم أن يبلغوا هذه الوصية ويحذروا الناس من مغبة الاقتتال والفرقة، كما فعل النبي ﷺ حين استنصت الناس ليبلغهم هذه الكلمة.
5- القدوة في القيادة: النبي ﷺ يقدم نموذجًا رائعًا للقائد الحكيم الذي يهتم بشأن أمته حتى في آخر لحظات حياته، ويوجههم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم.


# 4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث جزء من مجموعة أحاديث في الباب نفسه، منها قوله ﷺ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» متفق عليه. مما يؤكد على خطورة الاعتداء على المسلم.
- الفتنة التي حذر منها النبي ﷺ وقعت بالفعل في تاريخ الأمة، كوقعة الجمل وصفين، وما زالت تحدث إلى يومنا هذا في بعض البقاع، مما يجعل هذه الوصية شديدة الأهمية ومعاصرة.
- على المسلم أن يكون دائمًا عنصرًا للوحدة والمحبة، يسعى للإصلاح بين الناس ويطفئ نار الفتنة ولا يكون وقودًا لها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في المغازي (٤٤٠٥)، ومسلم في الإيمان (٦٥) كلاهما من طريق شعبة، عن علي بن مدرك، سمع أبا زرعة (هو ابن عمرو بن جرير) يحدِّث عن جدِّه جرير، به، فذكره. واللفظ لمسلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 543 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

  • 📜 حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي النبي عن الاقتتال بعد وفاته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب