حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب رفع العلم وظهور الجهل والفتن في آخر الزّمان

عن أبي الدرداء قال: كنا مع رسول اللَّه ﷺ فشخص ببصره إلى السّماء ثم قال: «هذا أوانُ يُختلسُ العلمُ من النّاس حتّى لا يقدروا منه على شيء». فقال زياد ابن لبيد الأنصاريّ: كيف يُختلس منّا وقد قرأنا القرآن؟ ! فواللَّه! لنُقرأنَّه ولنقرئنَّه نساءنا وأبناءَنا. فقال: «ثكلتك أمُّك يا زياد! إنْ كنتُ لأَعَدُّك من فقهاء أهل المدينة، هذه التّوراة والإنجيل عند اليهود والنّصارى فماذا تغني عنهم؟ !».
قال جبيرٌ: فلقيتُ عبادة بن الصّامت قلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدّثنَّك بأوّل عِلم يُرفع من النّاس: الخشوع يُوشِكُ أن تدخل مسجد جماعةٍ فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا.

حسن: رواه الترمذيّ (٢٦٥٣) عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد اللَّه بن صالح، حدّثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن أبي الدّرداء، فذكره.

عن أبي الدرداء قال: كنا مع رسول اللَّه ﷺ فشخص ببصره إلى السّماء ثم قال: «هذا أوانُ يُختلسُ العلمُ من النّاس حتّى لا يقدروا منه على شيء». فقال زياد ابن لبيد الأنصاريّ: كيف يُختلس منّا وقد قرأنا القرآن؟ ! فواللَّه! لنُقرأنَّه ولنقرئنَّه نساءنا وأبناءَنا. فقال: «ثكلتك أمُّك يا زياد! إنْ كنتُ لأَعَدُّك من فقهاء أهل المدينة، هذه التّوراة والإنجيل عند اليهود والنّصارى فماذا تغني عنهم؟ !».
قال جبيرٌ: فلقيتُ عبادة بن الصّامت قلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذي قال أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء إن شئت لأحدّثنَّك بأوّل عِلم يُرفع من النّاس: الخشوع يُوشِكُ أن تدخل مسجد جماعةٍ فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام الترمذي وغيره، مع بيان معانيه ودروسه المستفادة:

1. شرح المفردات:


● شَخَصَ ببصره: رفع بصره ونظر.
● أوان: وقت.
● يُختلس العلم: يُسلب وينتزع خفية.
● ثكلتك أمك: كلمة تُقال للتحذير أو التعجب، ومعناها الدعاء بفقد الولد، وهي ليست سبابًا بل للتنبيه.
● فماذا تغني عنهم؟: أي فماذا تفيدهم؟ أو ما النفع الذي حصلوه منها؟
● الخشوع: الخضوع والتذلل لله تعالى في الصلاة وفي غيرها، بحضور القلب وخشية الله.

2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي ﷺ عن وقتٍ يقترب فيه سلب العلم من الناس، حتى لا يبقى منهم أحد قادر على استعادته أو الاستفادة منه. فتعجب الصحابي زياد بن لبيد رضي الله عنه من ذلك، معتزًا بحفظهم للقرآن وتعليمه لأهليهم، فرد عليه النبي ﷺ مبينًا أن مجرد حفظ القرآن دون العمل به وفهمه لا يكفي، كما أن اليهود والنصارى لديهم كتبهم ولكنهم لم ينتفعوا بها لعدم عملهم بها. ثم أكد عبادة بن الصامت رضي الله عنه كلام أبي الدرداء، وبيَّن أن أول العلم الذي يُرفع هو الخشوع، حتى يقل وجود الخاشعين في المساجد.

3. الدروس المستفادة:


● خطر ذهاب العلم: الحديث ينبه إلى أن ذهاب العلم ليس بذهاب الكتب أو الحفظ فقط، بل بذهاب العمل والخشوع والتفقه.
● الفارق بين الحفظ والعمل: حفظ القرآن ونقله مهم، ولكن الأهم هو العمل به وتطبيقه، وإلا كان كحال أهل الكتاب الذين حرفوا وتركوا العمل.
● الخشوع أساس العبادة: أول ما يُرفع من العلم الخشوع، وهو روح العبادة، فإذا فُقِدَ الخشوع أصبحت العبادة جسدًا بلا روح.
● التنبيه على خطأ الاعتزاز بالعلم دون تطبيق: كما وقع من زياد رضي الله عنه حين ظن أن حفظ القرآن يكفي، فنبهه النبي ﷺ إلى أن الانتفاع بالعلم يكون بالعمل.
● علامة من علامات الساعة: رفع العلم من العلامات الصغرى ليوم القيامة، كما في الأحاديث الأخرى.

4. معلومات إضافية:


- الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
- فيه تحذير من الغفلة عن مقاصد الشريعة، والاهتمام بالشكليات دون الجوهر.
- الخشوع من أعظم مقاصد الصلاة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1-2].
- ينبغي للمسلم أن يجتهد في جمع بين حفظ العلم والعمل به، وأن يحذر من القسوة والغفلة.
أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، والخشوع في القلوب، وأن يحفظنا من الغفلة والقسوة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذيّ (٢٦٥٣) عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، أخبرنا عبد اللَّه بن صالح، حدّثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن أبي الدّرداء، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عبد اللَّه بن صالح، وهو كاتب الليث فإنه صدوق حسن الحديث، أما معاوية بن صالح، فقد قال فيه الحافظ: «صدوق له أوهام». كذا في القريب، لكنه ثقة في قول جمهور النّقّاد: لذا قال الترمذيّ عقب هذا الحديث: «هذا حديثٌ حسنٌ غريب، ومعاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث، ولا نعلم أحدًا تكلّم فيه غير يحيى بن سعيد القطّان، وقد روي عن معاوية ابن صالح نحو هذا. وروى بعضُهم هذا الحديث عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك عن النبي ﷺ». انتهى كلام الترمذيّ.
وصحّحه الحاكم (١/ ٩٩) فأخرجه من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عبد اللَّه بن صالح، به. . . ثم قال: «هذا إسناد صحيح من حديث البصريين».
ثم قال: «ولعلّ متوهّمًا أنّ جبير بن نفير رواه مرة عن عوف بن مالك الأشجعيّ، ومرّة عن أبي الدّرداء فيصير الحديث به معلولًا، وليس كذلك؛ فإنّ رواة الإسنادين جميعًا ثقات، وجبير بن نفير الحضرميّ من أكابر تابعي الشّام؛ فإذا صحّ الحديث عنه بالإسنادين جميعًا فقد ظهر أنّه سمعه. من الصّحابين جميعًا. . . .».
قال الأعظمي: وهذا كلام جيدٌ مقبول، مبنيٌّ على قواعد أهل هذا الفنّ.
وقد رُوي هذا الحديث عن زياد بن لبيد أيضًا قال: ذكر النبيّ ﷺ شيئًا فقال: «ذاك عند أوان ذهاب العلم». قلت: يا رسول اللَّه! وكف يذهب العلم، ونحن نقرأ القرآن، ونقرئه أبناءنا، ويُقرئُه أبناؤنا أبناءَهم إلى يوم القيامة؟ قال: «ثكلتك أمّك زياد! إنْ كنتُ لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليس هذه اليهود والنّصارى يقرأون التّوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما».
رواه ابن ماجه (٤٠٤٨) عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا وكيع، قال: حدّثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد، قال: فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١٧٤٧٣، ١٧٩١٩)، وأبو خيثمة في العلم (٥٢)، والحاكم (٣/ ٥٩٠) كلّهم من طريق الأعمش، بإسناده، مثله.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشّيخين.
قال الأعظمي: فيه علّة وهي أنّ سالم بن أبي الجعد لم يسمع من زياد. قال البخاريّ في التاريخ الكبير (٣/ ٣٤٤): «لا أراه سمع من زياد»، وجزم الحافظ في الإصابة بأنه لم يلقه، فلعلّ هذه العلّة خفيت على الحاكم فصحّح الحديث. وأمّا الذّهبيّ فسكت عليه ولم يوافقه كعادته، فلعلّه شكّ في سماع سالم بن أبي الجعد من زياد، واللَّه تعالى أعلم.
وكذلك علّله البوصيريّ في «مصباح الزّجاجة» (٣/ ٢٥٣) بأنّ سالمًا بن أبي الجعد لم يسمع
من زياد، وقال: «رجاله ثقات إلّا أنّه منقطع».
ورواه الطبرانيّ في المعجم الكبير (٥/ ٣٠٦) من وجه آخر عن أبي طوالة، عن زياد بن لبيد، وفيه أيضًا انقطاع؛ فإنّ أبا طوالة لم يسمع من زياد كما قال الحافظ في الإصابة في ترجمة زياد بن لبيد الأنصاريّ (١/ ٥٥٨).
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «تعلّموا القرآن والفرائض، وعلّموا النّاس، فإنّي مقبوض».
فيه اضطراب كما قال الترمذيّ (٢٠٩١)، ورواه عن عبد الأعلى بن واصل، حدّثنا محمد بن القاسم الأسدي، حدّثنا الفضل بن دلهم، حدّثنا عوف، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قال الترمذيّ: «هذا حديث فيه اضطراب، وروى أبو أسامة هذا الحديث عن عوف، عن رجل، عن سليمان بن جابر، عن ابن مسعود، عن النّبيّ ﷺ.
حدّثنا بذلك الحسين بن حريث، أخبرنا أبو أسامة، عن عوف، بهذا، بمعناه. ومحمد بن القاسم الأسديّ قد ضعّفه أحمد بن حنبل وغيره». انتهى كلام الترمذيّ.
قال الأعظمي: ورواه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١٠٢٩) من وجه آخر عن هوذة بن خليفة، حدّثنا عوف الأعرابيّ، بإسناده. وزاد بعد قوله: «إنّي مقبوض»: «وإنّ العلم يُقبض، وتظهر الفتن، حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان أحدًا يفصل بينهما».
وإسناده فيه رجل مبهم، وقد روى بعضهم عن عوف، عن سليمان بن جابر بدون إبهام الرّجل، فهو على كلّ حال منقطع مع الاضطراب كما قال الترمذيّ، وسليمان بن جابر الهجريّ مجهول.
ورواه ابن ماجه (٤/ ٧٩)، وابن عدي في «الكامل» (٢/ ٧٩١) من وجه آخر عن أبي هريرة. وفيه حفص بن عمر بن أبي العطاف «ضعيف».
انظر للمزيد: التلخيص الحبير (٤/ ٧٩)، والمقاصد الحسنة (٣٣٩).
وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي أمامة مرفوعًا: «عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض، وقبضُه أن يُرفع» وجمع بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام هكذا ثم قال: «العالم والمتعلم شريكان في الأجر، ولا خير في سائر النّاس».
رواه ابن ماجه (٢٢٨) عن هشام بن عمّار قال: حدّثنا صدقة بن خالد، قال: حدّثنا عثمان بن أبي عاتكة، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل علي بن زيد الألهانيّ، قال يحيى بن معين: «علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة هي ضعاف كلّها».
ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا الإمام أحمد (٢٢٢٩٠)، والطبراني في الكبير (٨/ ٢٥٦) مطوّلًا.
وقد رُوي عن الحجاج بن أرطاة، عن الوليد بن أبي مالك، عن القاسم، عن أبي أمامة، مختصرًا. رواه الطبراني في الكبير (٨/ ٢٧٦). والحجاج بن أرطاة مدلّس.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 140 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

  • 📜 حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: هذا أوان يختلس العلم من الناس

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب