المِراءُ في القرآن كفر

حديث: المِراءُ في القرآن كفر

عن أبي هريرة، عن النّبيّ ﷺ قال: «المِراءُ في القرآن كفر».

صحيح: رواه أبو داود (٤٦٠٣) عن أحمد بن حنبل، حدّثنا يزيد -يعني ابن هارون-، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة، عن النّبيّ ﷺ قال: «المِراءُ في القرآن كفر».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: «المِراءُ في القرآن كفر» حديث صحيح، رواه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وغيرهما.
وفيما يلي شرح وافٍ لهذا الحديث، وفق منهج أهل السنة والجماعة:
### أولاً. شرح المفردات
● المِراء: هو الجدال والخصومة في الكلام بقصد المغالبة وإظهار الغلبة، لا بقصد الوصول إلى الحق وبيانه. وهو من "مَارَى يُمارِي" إذا جادل وعاند.
● في القرآن: يشمل هذا الجدال في آيات القرآن الكريم، وأحكامه، وتفاصيله، ونصوصه.
● كفر: الكفر هنا يحتمل معنيين، وهما مندرجان تحت "الكفر الأصغر" الذي لا يخرج من الملة، كما هو قول جمهور العلماء:
● كفرٌ دون كفر: أي ذنب عظيم يقرب من الكفر، لأنه تنقص لحرمة كلام الله وجحد لآياته.
● شَبَهٌ بالكفار: لأن الكفار كانوا يمارون في آيات الله ويعاندون، فمن فعل فعلهم أشبههم في هذا الخلق الذميم.
### ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث
يحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من خصلة ذميمة، وهي الجدال والتعنت في آيات القرآن الكريم بغير علم، ولا رغبة في الوصول إلى الحق، وإنما بقصد المغالبة والانتصار للنفس، أو التّشكيك في القرآن، أو تحريف كلماته عن مواضعها.
فهذا الفعل من الكبائر، وهو منافٍ للإيمان القائم على التسليم والانقياد لكلام الله تعالى، ويشبه فعل الكفار الذين كانوا يجادلون في آيات الله بغير علم ولا هدى.
### ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد
1- تحريم الجدال في الدين بغير علم: يحرّم الإسلام الجدال بالباطل والتعنت في نصوص الوحي، لأن المقصود منها الانقياد والتسليم، لا المراء والمغالبة.
2- الفرق بين الجدال المذموم والمناظرة الشرعية: ليس المقصود ذمّ كلّ نقاش أو حوار حول معاني القرآن، بل الذمّ ينصب على الجدال بقصد العِناد والتّشكيك وإضلال الناس. أما مناقشة الآيات لفهمها، أو الرد على شبهة بأدب وعلم، فهذا مأمور به ومشروع، كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
3- تعظيم كلام الله تعالى: الحديث يدل على وجوب تعظيم القرآن الكريم، وعدم التلاعب بنصوصه أو الخوض فيها بغير علم، لأن ذلك استهانة بحرمة كلام الله.
4- التسليم لله ورسوله: من أصول الإيمان التسليم لنصوص الوحي دون اعتراض النفوس وأهوائها، والحديث يربي المؤمن على هذا الخلق.
5- التحذير من مشابهة الكفار: المراء في القرآن من صفات الكفار، كما قال تعالى عنهم: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ}، فالمؤمن مأمور بمخالفتهم.
### رابعاً. معلومات إضافية
- ينبغي للمسلم إذا سمع من يمارى في القرآن أن ينهاه وينصحه، فإن أصّر فعليه أن يعرض عنه ويترك جداله، عملاً بقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}.
- من أمثلة المراء المذموم: الجدال في آيات الصفات لإنكارها، أو الجدال في آيات الأحكام لتحليل حرام أو تحريم حلال، أو الجدال في قصص القرآن للتكذيب بها أو السخرية منها.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٦٠٣) عن أحمد بن حنبل، حدّثنا يزيد -يعني ابن هارون-، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٧٥٠٨) عن يزيد، أخبرنا زكريا، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بلفظ: «جدالٌ في القرآن كفرٌ». وإسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح.
وفي لفظ آخر عند أحمد (٧٩٨٩) أنّ رسول اللَّه ﷺ قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف، المِراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا، وما جهلتم منه فرُدّوه إلى عالمه».
رواه عن أنس بن عياض، حدّثني أبو حازم، عن أبي سلمة، قال: لا أعلمه إلّا عن أبي هريرة، فذكره. وهذا أيضًا إسناد صحيح، وصحّحه ابنُ حبان (٧٤) من هذا الوجه.
ورواه البزار (كشف الأستار - ٢٣١٣) من وجه آخر عن محمد بن عمرو، به وزاد فيه: «أُنزل القرآن على سبعة أحرف، والمراء في القرآن كفر».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 143 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المِراءُ في القرآن كفر

📜 حديث: المِراءُ في القرآن كفر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: المِراءُ في القرآن كفر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: المِراءُ في القرآن كفر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: المِراءُ في القرآن كفر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية