من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مَنْ أُفْتِيَ بغير علمٍ كان إثمُه على مَنْ أفتاه».

حسن: رواه أبو داود (٣٦٥٧) عن الحسن بن علي، حدّثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدّثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب-، عن بكر بن عمرو، عن مسلم بن يسار -أبي عثمان-، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «مَنْ أُفْتِيَ بغير علمٍ كان إثمُه على مَنْ أفتاه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم في باب الفتوى والمسؤولية العلمية، وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهم.

أولاً. شرح مفردات الحديث:

● أُفْتِيَ: صيغة مجهول من "أَفْتَى"، أي طُلِبَ منه أن يفتي أو سُئِلَ عن حكم شرعي.
● بغير علمٍ: أي بدون علم صحيح ومعرفة راسخة بالدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القواعد الشرعية المعتبرة.
● إثمُه: الوزر والإثم والخطيئة التي تقع عليه بسبب تلك الفتوى الخاطئة.
● على مَنْ أفتاه: أي يتحمله ويلزمه الشخص الذي أعطى الفتوى بدون علم.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن خطورة التسرع في الفتوى بغير علم. فمن سُئل عن أمر من أمور الدين، فأجاب بغير علمٍ صحيحٍ مستندٍ إلى الأدلة الشرعية، فإن الإثم الناتج عن هذه الفتوى الخاطئة – سواء كان إثمَ الضلالة أو إثمَ الإقدام على محرم أو تفويت واجب – يقع على عاتق المفتي نفسه، لأنه هو المصدر الأساسي للخطأ والتضليل.
فهذا تحذير شديد من التجرؤ على القول في دين الله بدون علم، وهي مسؤولية عظيمة أمام الله تعالى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفؤائد:

1- عظم مسؤولية الفتوى: الفتوى شرعاً هي خبر عن حكم الله تعالى، فالقائل بغير علم كأنه ينسب إلى الله ما لم يقله، وهذا من أعظم الجرم.
2- التثبت والتأني في أمور الدين: يجب على طالب العلم والمفتي أن يتثبت ويتيقن قبل الإجابة، وأن يقول "لا أدري" فيما لا يعلمه، وهذه من علامات قوة الدين والورع.
3- التحذير من اتباع الهوى أو الظن: لا يجوز للمسلم أن يفتي بناء على ظن أو تخمين أو هوى، بل لابد من العلم واليقين أو غلبة الظن المستندة إلى أدلة.
4- بيان خطر تضليل الناس: المفتي بغير علم لا يهلك نفسه فقط، بل يشارك في إهلاك من اتبعه على جهل، ولهذا كان الإثم عليه.
5- الحث على طلب العلم الشرعي: الحديث يحث على ضرورة التسلح بالعلم قبل الدخول في ميادين الدعوة والإفتاء، فالعلم هو الأساس الذي تبنى عليه جميع الأعمال.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث هو قاعدة عظيمة من قواعد الدين، ويستدل به العلماء على وجوب الاجتهاد والتأكد قبل إصدار الفتوى.
- من أقوال السلف المشهورة في هذا الباب قول الإمام مالك رحمه الله: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه". وقوله لمن سأله عن مسائل كثيرة: "لا أدري"، فقيل له: أتتعب من يسألك؟ فقال: "أعلىَّ إثمُكم؟ إذا سئلت عما لا أعلم أقول: لا أعلم".
- الفتوى بغير علم من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33]. فجعل القول على الله بغير علم في سياق التحريم مع الشرك والفواحش.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجنبنا القول عليه بغير علم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٥٧) عن الحسن بن علي، حدّثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدّثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب-، عن بكر بن عمرو، عن مسلم بن يسار -أبي عثمان-، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
وإسناده حسن من أجل بكر بن عمرو، فإنه صدوق حسن الحديث.
ورواه ابن ماجه (٥٣) من وجه آخر عن مسلم بن يسار، به.
ورواه أبو داود عن سليمان بن داود، أخبرنا ابن وهب، حدّثني يحيى بن أيوب، عن بكر بن عمرو، عن عمرو بن أبي نُعيمة، عن أبي عثمان الطُنبُذي (وهو مسلم بن يسار) رضيع عبد الملك بن مروان، قال: سمعت أبا هريرة، فذكر نحوه. وزاد فيه: «ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أنّ الرّشد في غيره فقد خانه».
وهذه الزّيادة ضعيفة، من أجل عمرو بن أبي نُعيمة، فإنه مجهول. وقال الدارقطنيّ: «مصري، مجهول يترك». وذكره ابن حبان في الثقات وقال: «يخطئ».
وبكر بن عمرو روي عن مسلم بن يسار كما قال المزيّ، وقيل: عن عمرو بن أبي نعيمة عنه. فالظّاهر أنّ زيادة عمرو بن أبي نُعيمة بين بكر بن عمرو ومسلم بن يسار يعتبر من المزيد في متصل الأسانيد؛ لأنّ أبا عبد الرحمن المقرئ أقام هذا الإسناد ومن طريقه الحاكم في المستدرك (١/ ١٢٦)، وصحّحه على شرط الشّيخين وقال: «ولا أعرف له علة». وقد كره السّلف الفتوى بغير علم.
قال عبد اللَّه بن عباس: «من أفتى بفتيا هو يعمي فيها كان إثمها عليه». انظر المدخل (١٨٦).
وعن ابن مسعود قال: «من كان عنده علم فليقلْ بعلمه، ومن لم يكن عنده علم فليقلْ: اللَّه أعلم، فإنّ اللَّه قال لنبيّه عليه السلام: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ [سورة ص: ٨٦]». انظر تخريجه في «المدخل» (٧٩٧).
وقيل لابن المبارك: «متى يُفتي الرّجل؟ قال: إذا كان عالمًا بالأثر، بصيرًا بالرّأي». المدخل (١٨٧).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 141 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

📜 حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية