حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التّرهيب من الدّعوى في العلم والقرآن

عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يظهر الإسلام حتى تخوض الخيلُ البحار، وحتّى يختلف التجّار في البحر، ثم يظهر قومٌ يقرأون القرآن يقولون: من أقرأ منا؟ من أفقه منا؟». ثم قال رسول اللَّه ﷺ: «هل في أولئك خير؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «أولئك وقود النّار، أولئك منكم من هذه الأمّة».

حسن: رواه البزّار (كشف الأستار - ١٧٣) عن عبد اللَّه بن شبيب، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبد اللَّه بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه، عن عمر، فذكر الحديث.

عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «يظهر الإسلام حتى تخوض الخيلُ البحار، وحتّى يختلف التجّار في البحر، ثم يظهر قومٌ يقرأون القرآن يقولون: من أقرأ منا؟ من أفقه منا؟». ثم قال رسول اللَّه ﷺ: «هل في أولئك خير؟». قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: «أولئك وقود النّار، أولئك منكم من هذه الأمّة».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في علامات انتشار الإسلام وفتح البلاد، ثم ظهور نوع من أهل البدع والرياء. وسأشرحه لك جزءاً جزءاً مستعيناً بالله، معتمداً على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم، عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث صحيح بشواهده.


ثانياً. شرح المفردات:


● «يَظْهَرُ الإسْلَامُ»: يعلو وينتشر ويقوى سلطانه ودولته.
● «حَتَّى تَخُوضَ الخَيْلُ البِحَارَ»: حتى تجتاز الخيول -أي جيوش المسلمين- مياه البحار وتتعداها للجهاد ونشر الإسلام.
● «حَتَّى يَخْتَلِفَ التُّجَّارُ فِي البَحْرِ»: حتى يسافر التجار ويعبروا البحار لأغراض التجارة بسهولة وأمان بفضل قوة الدولة الإسلامية.
● «ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ»: بعد هذا الانتشار والقوة، يبرز ويشتهر مجموعة من الناس.
● «يَقْرَأُونَ القُرْآنَ»: يحفظون القرآن ويتلونه.
● «يَقُولُونَ: مَنْ أَقْرَأُ مِنَّا؟ مَنْ أَفْقَهُ مِنَّا؟»: يقولون هذه العبارات على وجه التفاخر والتعالي والرياء، لا على وجه التواضع والطلب لله.
● «هَلْ فِي أُولَئِكَ خَيْرٌ؟»: سؤال استنكاري من النبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى: هل في هؤلاء المتعالمين المتكبرين خير؟
● «أُولَئِكَ وَقُودُ النَّارِ»: هؤلاء حطب جهنم، أي أن مصيرهم النار لعظم جرمهم.
● «أُولَئِكَ مِنْكُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ»: يؤكد أن هؤلاء سيخرجون من بين ظهراني هذه الأمة الإسلامية.


ثالثاً. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن مرحلة عظيمة من قوة وانتشار الإسلام، حيث تفتح البلاد، وتجتاز جيوش المسلمين البحار للجهاد، ويعم الأمان حتى يسافر التجار في البحر دون خوف. ولكن بعد هذه القوة والتمكين، يظهر أناس من جوف هذه الأمة، يحفظون القرآن ويدَّعون العلم، لكن مقصدهم الرياء والسمعة والتفاخر على الناس، والتعالي بعلمهم، فيحصل منهم فساد عظيم، ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء من حطب جهنم، لفساد نياتهم وإعراضهم عن مقصد العلم الحقيقي.


رابعاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- بشارة بعلو الإسلام وانتشاره: الحديث من البشارات النبوية بفتح البلاد وعلو كلمة الإسلام، وقد تحقق كثير من ذلك عبر التاريخ.
2- خطر الرياء والعجب بالعلم: أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه. العلم وسيلة للتقوى وخدمة الدين، لا وسيلة للتفاخر والرياء.
3- التحذير من فتنة العلم والقرآن: القرآن حجة لك أو عليك. فمن تعلم القرآن وعلمه للناس ليرائي ويسمع، فهو من أخطر الناس.
4- أن العبرة بحقائق الأعمال لا بمظاهرها: هؤلاء قارئون للقرآن، لكن قلوبهم فاسدة، فلم تنفعهم صورتهم الظاهرة.
5- أن الفتنة تكون أحياناً من داخل الأمة: المصدر خطر هؤلاء أنهم "منكم"، أي من جنس المسلمين وليسوا أعداءً ظاهرين، مما يجعل فتنتهم أشد.
6- وجوب إخلاص النية في طلب العلم والعمل: يجب أن يكون قصد المسلم في تعلمه وتعليمه خالصاً لوجه الله تعالى، لا للمنزلة بين الناس أو المال.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من أشراط الساعة الصغرى، التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
- يذكر العلماء أن صفة هؤلاء تنطبق على طوائف من المرائين والمتعالمين وأهل البدع الذين يستخدمون القرآن والعلم للطعن في أهل السنة والتفاخر عليهم.
- من أقوال السلف في ذم العجب: قال الحسن البصري: "إن الرجل ليعمل الحسنة فيسر بها، فيدخل فيها من العجب ما يردها".
- العلاج النبوي لهذه الآفة: الاستعاذة من العلم الذي لا ينفع، والإكثار من قول: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
أسأل الله أن يجعلنا من أهل العلم النافع، والعمل الصالح الخالص لوجهه الكريم، وأن يقينا شرور أنفسنا وفتنة الدجال.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزّار (كشف الأستار - ١٧٣) عن عبد اللَّه بن شبيب، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبد اللَّه بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدّه، عن عمر، فذكر الحديث.
وهذا إسناد ضعيف، عبد اللَّه بن شبيب قال فيه الذهبي: «أخباريٌّ علّامة، لكنّه واه». وشيخه إسحاق بن محمد الفروي، قال فيه النسائيّ: «متروك»، وقال الدّارقطنيّ: «ضعيف».
وأمّا أبو حاتم: فقال: «كان صدوقًا»، وشيخه عبد اللَّه بن زيد بن أسلم مختلف فيه، فوثّقه الإمام أحمد، وضعّفه أبو زرعة والنّسائيّ، وفي التقريب: «صدوق فيه لين».
ولكن رواه الطبرانيّ في «الأوسط» (٦٢٤٢) عن محمد بن علي الصّائغ، قال: نا خالد بن يزيد العُمَريّ، قال: ثنا عبد اللَّه بن زيد بن أسلم، به.
وقال الطبرانيّ: «لم يرو هذا الحديث عن عبد اللَّه بن زيد بن أسلم إلا خالد بن يزيد العمري».
وكأنّه لم يقف على إسناد البزّار، وفيه متابعة الفروي للعمري، فانحصرتْ العلّة في عبد اللَّه بن زيد بن أسلم وهو صدوق فيه لين، ولعله لذلك قال المنذريّ في الترغيب والترهيب (٢٣٠): «رواه الطبراني والبزّار بإسناد لا بأس به».
وهذا أولى من قول الهيثمي في «المجمع» (١/ ١٨٦): «رواه الطبرانيّ في الأوسط، والبزار، ورجال البزار موثقون». فقوله: «موثقون». بعد التتبع تبين أنه يقصد به توثيق ابن حبان، وابن حبان أدخل عبد اللَّه بن شبيب بن خالد في «المجروحين» (٥٧٦)، وقال فيه: «يقلب الأخبار ويسرقها، لا يجوز الاحتجاج به لكثرة ما خالف أقرانه في الروايات عن الأثبات».
ويشهد له الحديث الآتي وهو ما رواه البزار (كشف الأستار - ١٧٤)، وأبو يعلى (٦٦٩٨) كلاهما من حديث موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم، عن ابن الهاد، عن العباس بن عبد المطلب، قال: قال رسول اللَّه ﷺ، فذكر نحوه.
ولكن فيه موسى بن عبيدة وهو الزّبذيّ ضعيف، وبه علّله الهيثميّ في «المجمع» (١/ ١٨٥ - ١٨٦)، والبوصيريّ في إتحاف المهرة.
وابن الهاد هو يزيد بن عبد اللَّه بن أسامة بن الهاد لم يدرك العباس.
ولكن رواه الطبرانيّ في «المعجم الكبير» (٢٥/ ٢٧ - ٢٨) عن محمد بن نصر الصّائغ البغداديّ، ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيريّ، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن الهاد، قال: حدّثتني هند بنت الحارث الخثعميّة امرأة عبد اللَّه بن شدّاد، عن أمّ الفضل وعبد اللَّه بن عباس، عن
رسول اللَّه ﷺ أنه قام ليلة بمكة من اللّيل فقال: «اللهمّ هل بلّغت؟ «ثلاث مرّات. فقام عمر بن الخطاب فقال: اللهم نعم، فحرصت ونصحت وجهدت. فأصبح فقال: «ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، وليخاض البحار بالإسلام، وليأتين على النّاس زمان يتعلّمون فيه القرآن، فيعلّمونه ويقرؤونه، ثم يقولون: قد قرأنا وعلّمنا، فمن ذا الذي هو خير منا، فهل في أولئك من خير؟ قالوا: لا يا رسول اللَّه! ومن أولئك؟ قال: «أولئك منكم، وأولئك وقود النّار».
فجعل الحديث من مسند أمّ عبد اللَّه بن عباس وهي زوجة عباس بن عبد المطلب، ولعلّ هذا الخلط يعود إلى هند بنت الحارث فإنّها لم يوثقها أحد، وإنما ذكرها ابن حبان في الثقات (٥/ ٥١٧). وقال الحافظ في التقريب: «مقبولة». أي عند المتابعة. وإني لم أجد لها متابعًا في مسند أم عبد اللَّه بن عباس، وإن كانت هي توبع في مسند عمر بن الخطاب، ولكن مخرجه يختلف عن مخرج حديث أمّ ابن عباس.
وأمّا قول الهيثمي في «المجمع» (١/ ١٨٩): «رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات إلّا أنّ هند بنت الحارث الخثعمية التابعية لم أرّ من وثّقها ولا جرّحها». فكأنّه خفى عليه ترجمتها في «الثقات» وإلّا فكتاب «الثقات» عمدة للهيثمي في توثيق الرجال.
والخلاصة: أن الحديث حسن بضم بعضه إلى بعض، وقد حضنه أيضًا الحافظ المنذريّ في «الترغيب والترهيب» (٢٣١).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 151 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

  • 📜 حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يظهر الإسلام حتى تخوض الخيل البحار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب