حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من الكذب على النبيّ ﷺ-

عن رياح بن الحارث، قال: كنّا عند المغيرة بن شعبة رضي الله عنه -وهو في المسجد، وعنده أهل الكوفة- فجاء سعيد بن زيد رضي الله عنه، فأوسع له المغيرة رضي الله عنه، فقال: هنا فاجلس، فأجلسه معه على السّرير، فقال سعيد بن زيد رضي الله عنه: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوّأ مقعده من النّار».

صحيح: رواه أبو يعلى في المسند (المطالب - ٣١١٣)، عن إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا صدقة بن المثنى، حدثني رباح بن الحارث، فذكره.

عن رياح بن الحارث، قال: كنّا عند المغيرة بن شعبة ﵁ -وهو في المسجد، وعنده أهل الكوفة- فجاء سعيد بن زيد ﵁، فأوسع له المغيرة ﵁، فقال: هنا فاجلس، فأجلسه معه على السّرير، فقال سعيد بن زيد ﵁: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «إنّ كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوّأ مقعده من النّار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول.
هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، من الأحاديث الأساسية التي حفظت سنة النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب والافتراء. وهو حديث صحيح متفق عليه، رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى.

أولاً. شرح المفردات:


● «كذبًا عليَّ»: الافتراء عليَّ واختلاق الأقوال والأفعال ونسبتها إليَّ.
● «ليس ككذب على أحد»: أي أن جرم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وعقوبته أعظم وأشد من الكذب على أي إنسان آخر.
● «متعمدًا»: أي قاصدًا لذلك الكذب، عامدًا له، وهو يعلم أنه كذب.
● «فليتبوأ»: فليتخذ ويحتل.
● «مقعده من النار»: مكانه الذي أعد له فيها، وهو وعيد شديد يدل على عظم الجرم.

ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن جرم من يكذب عليه ويختلق الأحاديث ويفتري عليها ليس كجرم من يكذب على أي شخص آخر من البشر. ثم يختم الحديث بوعيد شديد لمن يفعل ذلك قاصدًا متعمدًا، وهو أن يتبوأ مقعده من النار، أي أن يتخذ مكانًا له فيها، وهذا وعيد بالعذاب الشديد.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- عِظَمُ جُرم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم: فالكذب عليه ليس كالكذب على غيره؛ لأنه تشريع ووحي، والكذب عليه تحريف للدين وإفساد للشريعة. فهو يتعدى ضرره الشخص إلى ضرر الأمة كلها.
2- الحث على التثبت في نقل الحديث: يحذر الحديث من التسرع في رواية أي قول ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون التأكد من صحته وتحرّي دقته.
3- بيان مكانة السنة النبوية: الحديث يؤكد على أن السنة هي المصدر الثاني للتشريع، والكذب عليها كالكذب على القرآن في التحريم والإثم.
4- التحذير من دس الأحاديث الموضوعة: كان هذا الحديث هو الأساس الذي قام عليه علم "جرح الرواة وتعديلهم" وعلم "مصطلح الحديث"، الذي وضعه علماء الأمة لتنقية السنة من كل ما دس فيها من أكاذيب واختلاقات.
5- الفرق بين الخطأ والعمد: الوعيد الشديد خاص بمن كذب "متعمدًا"، أما من روى حديثًا وهو يظنه صحيحًا فظهر خطؤه، فله أجر نيته، ولا إثم عليه إن شاء الله، كما جاء في الأحاديث الأخرى.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


● سياق القصة: ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" أن سبب ذكر سعيد بن زيد لهذا الحديث في مجلس المغيرة بن شعبة هو تنبيه الحاضرين على خطورة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وحثهم على التثبت في الرواية.
● منزلة الحديث: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الدين، ومما انفردت به هذه الأمة في حفظ نصوص دينها. وقد اهتم العلماء به اهتمامًا بالغًا، حتى قال الإمام أحمد: "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر «إنما الأعمال بالنيات»، وحديث عائشة «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وحديث النعمان بن بشير «الحلال بيّن والحرام بيّن»". ويمكن إضافة هذا الحديث إليها لأهميته.
● التطبيق العملي: يجب على كل مسلم أن:
- يتورع عن رواية أي حديث إلا بعد التأكد من صحته.
- يحذر من نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة في المنتديات ووسائل التواصل.
- يعلم أن الوعيد الشديد هو على المتعمد للكذب، فلا ييأس من رحمة الله إذا أخطأ دون قصد.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحسنون اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويحفظونها من الكذب والافتراء، وأن يرزقنا الصدق في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو يعلى في المسند (المطالب - ٣١١٣)، عن إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا صدقة بن المثنى، حدثني رباح بن الحارث، فذكره. وإسناده صحيح.
وصحّحه الضّياء المقدسيّ، فرواه في المختارة (٣/ ٢٨٦) من طريق عبد الواحد بن زياد، به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 163 من أصل 207 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

  • 📜 حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب