حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)﴾

عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول اللَّه ﷺ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه ومن معه من المسلمين خيرا. ثم قال: «اغزوا باسم اللَّه، في سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللَّه الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا، فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا، فاستعن باللَّه، وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة اللَّه، وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة اللَّه، ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك، وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة اللَّه وذمة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن،
فأرادوك أن تُنزلهم على حكم اللَّه، فلا تنزلهم على حكم اللَّه، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري، أتصيب حكم اللَّه فيهم أم لا؟».

صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٣١) من طرق عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: فذكره.

عن بريدة بن الحصيب قال: كان رسول اللَّه ﷺ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى اللَّه ومن معه من المسلمين خيرا. ثم قال: «اغزوا باسم اللَّه، في سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللَّه الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا، فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا، فاستعن باللَّه، وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة اللَّه، وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة اللَّه، ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك، وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة اللَّه وذمة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن،
فأرادوك أن تُنزلهم على حكم اللَّه، فلا تنزلهم على حكم اللَّه، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري، أتصيب حكم اللَّه فيهم أم لا؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي ﷺ، يوضح فيه الأسس الشرعية والأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها القادة والجنود في الحرب والجهاد في سبيل الله. وسأشرحه لكم جزءًا جزءًا بحسب الطلب:

1. شرح المفردات:


● أميرًا على جيش أو سرية: قائدًا على مجموعة كبيرة (جيش) أو صغيرة (سرية) من المجاهدين.
● أوصاه في خاصته: نصحه سرًا وبشكل شخصي.
● تقوى الله: الخوف من الله وطاعته بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
● ولا تغلوا: لا تخونوا في الغنائم (أي لا تأخذوا منها شيئًا بغير حق قبل القسمة).
● ولا تغدروا: لا تخونوا العهد أو الأمان الذي تعطونه للعدو.
● ولا تمثلوا: لا تمثلوا بالقتلى (أي لا تشوهوا أجسادهم بعد القتل).
● ولا تقتلوا وليدًا: لا تقتلوا الأطفال الصغار.
● دار المهاجرين: المدينة المنورة، دار الإسلام التي هاجر إليها المسلمون.
● كأعراب المسلمين: مثل البدو المسلمين الذين يعيشون في البادية، وليسوا من سكان المدينة.
● الغنيمة والفيء: الغنيمة ما يؤخذ من الكفار في الحرب، والفيء ما يؤخذ منهم بدون قتال.
● الجزية: مال يؤخذ من أهل الذمة (غير المسلمين الذين يعيشون في دولة الإسلام) مقابل حمايتهم.
● ذمة الله وذمة نبيه: عهد الله وعهد رسوله ﷺ (أي ضمان بالأمان).
● تخفروا: تنقضوا العهد وتخونوا.
● تنزلهم على حكم الله: تحكم فيهم بحكم الله (أي بالقرآن والسنة).

2. شرح الحديث:


يبدأ الحديث بأن النبي ﷺ كان يوصي كل أمير (قائد) يبعثه في غزوة أو سرية بوصايا مهمة، منها:
● تقوى الله: وهي أساس كل خير، فيجب على القائد أن يخشى الله في نفسه وفي من معه من الجنود.
● الغزو باسم الله، في سبيل الله: أي أن تكون النية خالصة لله، والهدف هو إعلاء كلمة الله، لا طلب الدنيا أو الغنائم.
● قاتلوا من كفر بالله: أي قاتلوا الكفار الذين يحاربون الإسلام ويعادونه.
● تحذيرات أخلاقية:
● لا تغلوا: لا تخونوا في الغنائم، فهي خيانة وكبيرة من الكبائر.
● لا تغدروا: لا تنقضوا العهود أو الأمان الذي تعطونه للعدو، فالمسلم يجب أن يكون وفيًا بعهده.
● لا تمثلوا: لا تشوهوا أجساد القتلى، فالإسلام يحرم التمثيل بالقتلى حتى لو كانوا كفارًا.
● لا تقتلوا وليدًا: لا تقتلوا الأطفال، فهم غير مكلفين، والحرب ليست ضدهم.
ثم يبين النبي ﷺ الخطوات التي يجب اتباعها عند لقاء العدو:
1- ادعهم إلى الإسلام: أولًا يدعون إلى الإسلام، فإن قبلوه، قبل منهم وكف عن قتالهم.
2- إن أبوا، ادعهم إلى دفع الجزية: إن رفضوا الإسلام، يعرض عليهم دفع الجزية (وهي ضريبة يدفعها غير المسلمين مقابل حمايتهم وحرية دينهم)، فإن قبلوا، قبل منهم وكف عنهم.
3- إن أبوا الجزية، فقاتلوهم: إن رفضوا كل ذلك، فاستعن بالله وقاتلهم.
أيضًا يذكر النبي ﷺ مسألة مهمة وهي إذا أراد أهل حصن (قلعة أو مدينة محاصرة) أن يعطيهم الأمان بذمة الله وذمة نبيه، فينهى النبي ﷺ عن ذلك، ويأمر بأن يعطيهم الأمان بذمة القائد وذمة أصحابه فقط، لأن نقض عهد الشخص أهون من نقض عهد الله ورسوله. وكذلك إذا طلبوا أن يُنزلوا على حكم الله، فينزلهم على حكم القائد نفسه، لأنه قد لا يعلم حكم الله بالضبط فيهم.

3. الدروس المستفادة منه:


● الأخلاق في الحرب: الإسلام يحرم التمثيل بالقتلى وقتل الأطفال والخيانة في الغنائم، وهذا من رحمة الإسلام وعدله.
● الدعوة قبل القتال: يجب دعوة العدو إلى الإسلام أولًا، ثم إلى الجزية، ثم القتال إذا أبوا، وهذا يدل على أن القتال ليس هدفًا في ذاته، بل是为了 إزالة препятствия في سبيل دعوة الناس إلى الله.
● الوفاء بالعهد: يجب الوفاء بالعهد والأمان، ونقضه من صفات المنافقين.
● تقوى الله أساس النجاح: على القائد أن يخشى الله في كل تصرفاته.
● الحكمة في إعطاء الأمان: لا يجوز أن يُعطى عهد باسم الله أو رسوله مباشرة، لأنه إذا نقض، كان الجرم أكبر.

4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بآداب الجهاد.
- هذه الوصايا تبين أن الإسلام دين رحمة وعدل، حتى في أشد حالات الحرب.
- الجزية ليست إهانة لغير المسلمين، بل هي بدل عن حمايتهم وتمتعهم بحرياتهم، وهم معفون منها إذا جاهدوا مع المسلمين.
- الحديث يظهر سمو الأخلاق الإسلامية، حيث يحرم قتل الأطفال والتمثيل بالقتلى، بينما كانت هذه الأمور شائعة في الجاهلية.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجهاد والسير (١٧٣١) من طرق عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 593 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

  • 📜 حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب