حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)﴾
حسن: رواه الترمذيّ (٣٠٩٥) عن الحسين بن يزيد الكوفي، قال: حدّثنا عبد السلام بن حرب، عن غُطَيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم، قال: فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي ﷺ وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: «يا عدي! اطرح عنك هذا الوثن». وسمعته يقرأ في سورة براءة: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه».
١. شرح المفردات:
● عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: صحابي جليل، كان من سادات طئ في الجاهلية، وأسلم وحسن إسلامه.
● صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ: تمثال على شكل الصليب مصنوع من الذهب، وكان يلبسه بعض أهل الكتاب كزينة أو تميمة.
● اطْرَحْ: ألقِ وأزل.
● الْوَثَنَ: الصنم والمعبود من دون الله، وسُمي الصليب وثنًا لأنه شعار الكفر وشبه المعبود عند النصارى.
● أَحْبَارَهُمْ: علماء اليهود.
● رُهْبَانَهُمْ: علماء النصارى وعبادهم.
● أَرْبَابًا: جمع رب، أي جعلوهم أربابًا يُشرعون لهم.
● اسْتَحَلُّوهُ: اعتقدوه حلالاً فعملوا به.
● حَرَّمُوهُ: اعتقدوه حرامًا فتركوه.
٢. شرح الحديث:
يحكي الصحابي الجليل عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قصة إسلامه، حيث جاء إلى النبي ﷺ وهو لا يزال على بقايا من عقائد الجاهلية أو تأثر ببعض مظاهر أهل الكتاب، وكان يلبس صليبًا من ذهب في عنقه.
فأمره النبي ﷺ على الفور بإزالته وتخليص نفسه من هذا الرمز الشركي، منادياً إياه بـ "يا عدي" نداءً فيه تحبب وتلطف، ثم بين له حقيقة ما على عنقه بقوله: «هذا الوثن» ليعلم أن هذا الشعار ليس مجرد زينة، بل هو رمز للكفر والشرك بالله، وشبه المعبود عند النصارى.
ثم بين النبي ﷺ له وللحاضرين معنى العبادة التي تكون للعلماء والرهبان، وذلك عندما تلا الآية الكريمة من سورة التوبة: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. ففسر النبي ﷺ هذه الآية تفسيرًا عمليًا يزيل الإشكال، حيث بين أن أولئك القوم لم يسجدوا لأحبارهم ورهبانهم أو يذبحوا لهم ذبائح كما يفعل عباد الأصنام، ولكن طاعتهم العمياء في التحليل والتحريم هي التي جعلتهم في حكم من اتخذهم أربابًا. فإذا قال العالم الحرام حلال، أطاعوه واستحلوه، وإذا قال الحلال حرام، أطاعوه وحرموه، فخالفوا شرع الله تعالى باتباعهم لأهواء علمائهم.
٣. الدروس المستفادة والعبر:
1- تحريم اتخاذ الصلبان وشعارات الكفر: سواء كان ذلك في اللباس أو الزينة أو غيرها، لأنها رموز للشرك وتشبه بأهل الكفر.
2- الواجب على الداعية اللطف والرفق: كما ظهر في نداء النبي ﷺ "يا عدي" وأمره له بطريقة فيها نصح وحب.
3- بيان حقيقة التوحيد والشرك: الشرك ليس فقط السجود للأصنام، بل طاعة المخلوق في معصية الخالق من أعظم أبواب الشرك الأصغر الذي يؤدي إلى الأكبر.
4- تحذير شديد من اتباع العلماء والزهاد بدون دليل: يجب أن يكون المرجع الوحيد في التحليل والتحريم هو كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وليس آراء الرجال، حتى لو كانوا علماء. فمن أطاع عالمًا في تحليل حرام أو تحريم حلال فقد اتخذه ربًا من دون الله.
5- الفرق بين طاعة العلماء بالحق واتّباعهم في الباطل: طاعة العلماء فيما وافق الشرع واجبة، أما اتباعهم في آرائهم المخالفة للنص فهي محرمة.
6- أن التفسير النبوي للقرآن هو الأولى والأصح: فقد فسر النبي ﷺ الآية بما يزيل اللبس.
٤. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: "حديث حسن"، وابن جرير الطبراني وغيرهم، وهو حسن.
- الحديث أصل عظيم في بيان خطر الشرك في الطاعة، وهو من أعظم ما يقع فيه الناس في كل زمان.
- ينبغي للمسلم أن يتخلى عن كل ما فيه شبهة أو يشير إلى غير الإسلام، حتى لو قصد به الزينة فقط.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ويعصمنا من الشرك ظاهره وباطنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال أبو عيسى: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث».
قال الأعظمي: غطيف بن أعين الشيباني روى عنه عبد السلام بن حرب كما روى عنه إسحاق بن أبي فروة، وذكره ابن حبان في الثقات. فالظاهر أنه «مقبول» ولكن ذكره الدارقطني في الضعفاء، فلعله من جهالته.
ثم وجدت له متابعا في تفسير ابن مردويه فإنه رواه من حديث عمران القطان، حدّثنا خالد العبدي، عن صفوان بن سُليم، عن عطاء بن يسار، عن عدي بن حاتم فذكره مثل حديث الترمذيّ. ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (٢/ ٦٦).
وهي متابعة قوية غير أني لم أقف على ترجمة خالد العبدي.
ويقوّيه أيضًا ما روي عن أبي البختري، عن حذيفة قال: سأل رجل حذيفة، فقال: يا أبا عبد اللَّه، أرأيت قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ أكانوا يعبدونهم؟ قال: «لا، كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوه، وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموه».
رواه سعيد بن منصور (١٠١٢ - التفسير)، وابن جرير في تفسيره (١١/ ٤١٨ - ٤٢٠) من طرق عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، فذكره. وأبو البختري لم يدرك حذيفة.
وهذا التفسير الذي ذكره عدي بن حاتم روي أيضًا عن ابن عباس وكثير من التابعين، وهو الصحيح، ولذا أخرج أئمة الحديث في كتبهم حديث عدي بن حاتم، وحسّنه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان (٦٤).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 595 من أصل 1947 حديثاً له شرح
- 570 اغزوا باسم الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا
- 571 عن الزبير في نزول آية أولو الأرحام بعضهم أولى ببعض
- 572 الذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم
- 573 لماذا لم تكتب البسملة في سورة التوبة
- 574 آخر آية نزلت: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾
- 575 تحريم الحج على المشركين والطواف عريانا
- 576 يوم النحر هو يوم الحج الأكبر
- 577 بعث النبي أبا بكر على الحج وقراءة براءة
- 578 ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة
- 579 من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له...
- 580 من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في...
- 581 ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن...
- 582 أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله
- 583 اسقني فإنهم يجعلون أيديهم فيه
- 584 ابن عباس: لا نريد تغيير ما أمر به رسول الله...
- 585 شرط الايمان ان يكون حب الرسول فوق حب الاهل والناس
- 586 لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله
- 587 لا حتى أكون أحب إليك من نفسك
- 588 رماة هوازن ما يكاد يسقط لهم سهم، فرشقوهم رشقا ما...
- 589 رسول الله ﷺ يقول: "هذا حين حمي الوطيس" يوم حنين
- 590 لما التقينا نحن ورسول الله والمسلمون لم يقوموا لنا حلب...
- 591 المؤمن لا ينجس
- 592 معنى المسلم لا ينجس
- 593 آداب الجهاد في الإسلام وأخلاق المحاربين
- 594 مَثَلُهُمْ مَثَلُ طَائِرٍ لَهُ رَأْسٌ وَلَهُ جَنَاحَانِ
- 595 اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
- 596 لئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى
- 597 عبادة اللات والعزى قبل قيام الساعة
- 598 إن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها
- 599 ليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل والنهار
- 600 لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا...
- 601 من كنز الذهب والفضة فلم يؤد زكاتها فويل له
- 602 ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه...
- 603 بشّر الكانزين بِكَيٍّ في ظهورهم
- 604 بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم
- 605 من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته
- 606 يكون كنز أحدكم يوم القيامة شجاعا أقرع
- 607 من أطاع أميره فقد أطاعني
- 608 ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا إلا شيئا أرصده...
- 609 الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا
- 610 أيما ذهب أو فضة أوكي عليه فهو جمر على صاحبه
- 611 إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا
- 612 قيمة الدنيا في الآخرة كنقطة في البحر
- 613 الدنيا أهون على الله من الجدي الميت
- 614 إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
- 615 ما ظنك باثنين الله ثالثهما
- 616 من قاتل لإعلاء كلمة الله فهو في سبيل الله
- 617 تكفل الله لمن جاهد في سبيله أن يدخله الجنة
- 618 لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر
- 619 يا جد هل لك في جلاد بني الأصفر
معلومات عن حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
📜 حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








