حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب قوله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)﴾

عن عروة: أن عائشة حدثته بحديث الإفك، وقالت فيه: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته، وقالت: يا أبا أيوب! ألم تسمع بما تحدّث الناس؟ . قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، فقال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، قالت: فأنزل الله عز وجل: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.

حسن: رواه الواحدي في أسباب النزول (ص ٣٣٥) عن أبي عبد الرحمن بن أبي حامد العدل، قال: أخبرنا أبو بكر بن زكريا، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: أخبرنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: سمعت عطاء الخراساني، عن الزهري، عن عروة، فذكره.

عن عروة: أن عائشة حدثته بحديث الإفك، وقالت فيه: وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته، وقالت: يا أبا أيوب! ألم تسمع بما تحدّث الناس؟ . قال: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك، فقال: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، قالت: فأنزل الله ﷿: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يتعلق بحادثة الإفك المشهورة، والتي كانت ابتلاءً عظيماً لها وللمسلمين، وكانت مناسبة لنزول آيات من القرآن تبرئتها وتوضح موقف المؤمن الصادق من الشائعات والأقوال الباطلة.

أولاً. شرح المفردات:


● حديث الإفك: الإفك في اللغة هو الكذب والصدّ عن الحق. والمقصود به هنا الفرية العظيمة التي افتراها المنافقون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها باتهامها بالفاحشة، وهي بريئة منها براءة الذئب من دم يوسف.
● أبو أيوب الأنصاري: هو خالد بن زيد الأنصاري الخزرجي، من كبار الصحابة، ونزيل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته حين قدم المدينة، وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
● بهتان عظيم: البهتان هو الكذب والافتراء العظيم الذي يبهت صاحبه (أي يدهشه ويحيره لكذبه الفاضح).

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا هذا الحديث عن موقف نبيل لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأمه، عندما بلغتهم إشاعة الإفك الكاذبة.
- فقد جاءت زوجة أبي أيوب إليه وقالت له: "يا أبا أيوب! ألم تسمع بما تحدث الناس؟"، أي ألم تبلغك الشائعة التي ينتشرها الناس ويتحدثون بها؟
- فاستفهم منها "وما يتحدثون؟"، ولم يبادر بقبول الخبر أو ترديده، بل سأل عن حقيقة ما يقال.
- فأخبرته "بقول أهل الإفك"، أي نقلت إليه كلام المنافقين وأهل السوء الذين افتروا على أم المؤمنين عائشة.
- هنا كان رد أبي أيوب رضي الله عنه نموذجياً للمؤمن الذي يعقل كلامه، فقال: "ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم".
● "ما يكون لنا أن نتكلم بهذا": أي ليس من الأدب ولا من الدين ولا من المروءة أن نتفوه بمثل هذا الكلام، أو ننقله، أو نصدقه. إنه موقف الرفض المبدئي للكلام القبيح.
● "سبحانك": وهو تنزيه لله تعالى، كأنه يقول: تنزيهاً لك يا الله عن أن يكون هذا الكلام صحيحاً، أو أن يقع مثل هذا من بيت النبوة.
● "هذا بهتان عظيم": أي هذا افتراء وكذب كبير لا شك فيه.
- ثم تخبر أم المؤمنين عائشة أن الله تعالى أنزل آية في القرآن تُثبت هذا الموقف النبيل، وتجعل منه منهجاً للمؤمنين عند سماع الإشاعات، فقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 16].
ومعنى الآية: هلا إذا سمعتم هذا الكلام الباطل قلتم من فوركم: لا ينبغي لنا أن نتكلم بهذا، تنزيهاً لك يا الله، هذا افتراء كبير.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- المنهج الرباني في التعامل مع الشائعات: يضع القرآن الكريم هنا قاعدة ذهبية لكل مؤمن: الرفض الفوري للكلام القبيح، وعدم ترديده أو نشره. فالسكوت عن الباطل مشاركة فيه، والواجب إنكاره والبراءة منه.
2- حماية أعراض المسلمين: خصوصا أعراض الصالحين وأهل بيت النبوة. فمجرد نقل الكلام السيء عنهم جريمة، ولو كان على سبيل الاستفسار أو "الفضول".
3- التثبت وعدم التسرع في تصديق الأخبار: موقف أبي أيوب لم يكن التهويل أو نقل الخبر لآخرين، بل كان السؤال ثم الرد الحكيم والرفض القاطع. وهذا هو معنى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: 6].
4- التسبيح والتنزيه عند التعجب من القبح: تعليمنا الأدب مع الله حتى في لحظات الإنكار والتعجب، كما فعل أبو أيوب فقال "سبحانك".
5- جزاء العمل الصالح: أنزل الله تعالى موقف أبي أيوب في القرآن ليبقى ذكرى له ولزوجته إلى يوم القيامة، ويكون قدوة للمؤمنين.
6- عظمة القرآن وأنه يذكر المواقف التفصيلية: ليأخذ الناس منها العبرة، فالله تعالى يذكر لنا رد فعل أبي أيوب بالحرف تقريباً ليكون نبراساً لنا.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- حادثة الإفك وقعت في returning من غزوة بني المصطلق (في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة).
- البراءة الكاملة لأم المؤمنين عائشة جاءت في أكثر من عشر آيات من سورة النور، مما يدل على عظم مكانتها وبراءتها عند الله.
- الآية التي نزلت في حق أبي أيوب (الآية 16 من سورة النور) هي توجيه عام للأمة كلها في كيفية التعامل مع الفاحشة والإشاعات.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة والبهتان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الواحدي في أسباب النزول (ص ٣٣٥) عن أبي عبد الرحمن بن أبي حامد العدل، قال: أخبرنا أبو بكر بن زكريا، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة، قال: أخبرنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: سمعت عطاء الخراساني، عن الزهري، عن عروة، فذكره.
وإسناده حسن من أجل عطاء الخراساني، فإنه حسن الحديث. وقد نقم عليه كثرة الإرسال، فقد نص ابن معين وابن حبان وغيرهما أنه لم يلق أحدا من الصحابة، وأما كونه وصف بالتدليس كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب. فهذا لم أقف على أحد من المتقدمين من قال بذلك، وقد يكون وصفه بالتدليس بمعنى الإرسال.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 995 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

  • 📜 حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب