قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

عن ابن عباس أن النبي ﷺ كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: ﴿الم (١) تَنْزِيلُ﴾ السجدة، و﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١]، وأن النبي ﷺ كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين.

صحيح: رواه مسلم في الجمعة (٧٨٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن سفيان، عن مخول بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، يوضح لنا هدي النبي ﷺ في القراءة في صلاتي الفجر والجمعة يوم الجمعة. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

* يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: أي في الركعتين المفروضتين من صلاة الصبح (الفجر) يوم الجمعة.
* {الم (1) تَنزِيلُ} السجدة: هذه هي سورة السجدة، وسميت بذلك لأن فيها سجدة تلاوة.
* {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا}: هذه هي سورة الإنسان، وتُسمى أيضاً سورة "الدهر" أو "هل أتى".

ثانياً. شرح الحديث وفقهه:

ينقسم الحديث إلى قسمين، يبيّنان سنّة النبي ﷺ في قراءتين مختلفتين:
1. القراءة في صلاة فجر يوم الجمعة:
كان من هدي النبي ﷺ أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة فجر يوم الجمعة سورة السجدة (من قوله تعالى: {الم (1) تَنزِيلُ} إلى آخرها)، وفي الركعة الثانية سورة الإنسان (من قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} إلى آخرها).
الحكمة من ذلك:
● تذكير بأصل الخلق ونشأة الآخرة: سورة السجدة فيها الحديث عن خلق الإنسان، وعن البعث والنشور، وسجدة التلاوة التي تكون خضوعاً للخالق. وسورة الإنسان فيها ذكر خلق الإنسان وتذكيره بنعم الله عليه، ووصف لنعيم أهل الجنة. ويوم الجمعة هو يوم مبارك فيه خُلق آدم وفيه تقوم الساعة، فكانت هذه السور تتناسب مع هذا المعنى العظيم.
● أنه يوم اجتماع المسلمين: فكانت هذه القراءة تحضيراً قلبيّاً وروحيّاً للمسلم لاستقبال يوم الجمعة واجتماعه مع إخوانه في صلاة الجمعة.
ملاحظة فقهية مهمة: قراءة هاتين السورتين في فجر الجمعة هي سُنّة فعلية من سنن النبي ﷺ، وليست فرضاً أو واجباً. فمن قرأ بهما فقد أصاب السنة وحاز الأجر، ومن قرأ بغيرهما من القرآن فصلاته صحيحة ولا إثم عليه، لكنه فَوَّت على نفسه فضيلة اتباع هذه السنة النبوية.
2. القراءة في صلاة الجمعة نفسها:
كان من هدي النبي ﷺ أيضاً أن يقرأ في صلاة الجمعة (الركن) في الركعة الأولى سورة الجمعة، وفي الركعة الثانية سورة المنافقون.
الحكمة من ذلك:
● مناسبة موضوع السورتين لطبيعة الصلاة: فسورة الجمعة تأمر المسلمين بالسعي إلى ذكر الله عند نداء الصلاة يوم الجمعة وترك البيع، وهو المقصود الأعظم من هذا اليوم. أما سورة المنافقين فتُذكّر المسلمين بصفات المنافقين ليتجنبوها، ويوم الجمعة هو يوم اجتماع للمسلمين، فينبغي أن يكون اجتماعهم على إخلاص وصدق مع الله تعالى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- اتباع هدي النبي ﷺ: الحديث دليل على حرص النبي ﷺ على تعليم أمته كل شيء حتى ما يقرأ في الصلوات، مما يدل على كمال شريعته واهتمامها بتهذيب النفوس في كل لحظة.
2- الحكمة في التشريع: وراء كلّ فعل نبوي حكمة، سواء علمناها أم لم نعلمها. فاختيار هذه السور específicamente ليوم الجمعة له معانٍ عظيمة تربوية وتذكيرية.
3- تنويع الذكرى: في القراءة في الفجر تذكير بالآخرة والخلق، وفي قراءة صلاة الجمعة تذكير بآداب اليوم وصفات النفاق التي يجب تجنبها. فهي تربية متكاملة.
4- استحباب الإطالة في الصلاة بما لا يشق على المأمومين: قراءة هذه السور الطويلة نسبياً في صلاة الفجر تدل على استحباب الإطالة فيها، وكان النبي ﷺ يطيل القراءة في صلاة الفجر أكثر من غيرها، ولكن بما لا يشق على الناس.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

* هذا الفعل (قراءة السجدة والإنسان) من خصائص فجر يوم الجمعة، وليس لسائر الأيام.
* إذا مرّ المصلي بآية سجدة أثناء قراءته لسورة السجدة في صلاة فجر الجمعة، فإنه يسجد لله تعالى ثم يقوم ويكمل قراءته، وهذه هي سجدة التلاوة.
* يستحب للإمام أن لا يطيل القراءة إطالة تشق على المأمومين، خاصة إذا كان هناك ضعفاء أو كبار سن أو من له حاجة.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه ﷺ، المعظمين لشعائر دينه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجمعة (٧٨٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان، عن سفيان، عن مخول بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1682 من أصل 1947 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

📜 حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية